ترجمة: عدوية الهلالي
أقيم في منتصف شهر تموز الجاري العرض العالمي الأول لفيلم "أوبنهايمر" للمخرج كريستوفر نولان، وهو فيلم سيرة ذاتية عن الفيزيائي الذي ابتكر القنبلة الذرية وسيعرض في دور السينما لهذا الصيف.
ويقول أحد المعجبين بالفيلم والمخرج: "أحب كل أفلام المخرج نولان ولم يخيب ظني أبدًا مع هذا الفيلم ". وأكد الممثلون ذلك فقد قال النجم مات ديمون "تمكن نولان من إتقان الجانب التقني من دون أن ينسى الجانب الفني "، فبعد ست سنوات من تقديم آخر افلامه "دانكيرك"، عاد هذه المرة إلى الكشف عن أحد أفضل أسرار الحرب العالمية الثانية وهو تطوير أول قنبلة ذرية عُهد بها إلى الفيزيائي الموهوب جوليوس روبرت أوبنهايمر. ويوضح كريستوفر نولان قائلا ان "دور أوبنهايمر في صنع القنبلة الذرية قد غير العالم بشكل لا رجعة فيه. وسواء أحببنا ذلك أم لا، فنحن نعيش في عالم كان لاختراعه أثرا كبيرا فيه ". وبعد سنوات من ذلك الاختراع، كان الفيزيائي يُظهر بالفعل الكثير من الندم، وهو مايتناوله الفيلم أيضا.
لقد ترك اوبنهايمر بصماته على خارطة التاريخ كما قال مؤلف الفيلم والمخرج كريستوفر نولان مشيرا الى انه غير العالم إلى الأبد، اما الممثل مات ديمون فقد قال: "كان اوبنهايمر رجلاً معقدًا للغاية وكان لديه طموحه الخاص، ودوافعه الخاصة كما كان عليه أن يعيش بقية حياته تحت تأثير القرار الذي اتخذه".
وعلى الرغم من ضخامة فيلم "أوبنهايمر"، فإن هذا هو أكثر أفلام نولان حجمًا من حيث عدد الممثلين وأحد أعظم إنجازاته.وفيلم أوبنهايمر هو فيلم ملحمي من افلام السيرة الذاتية كتبه وأخرجه كريستوفر نولان استنادًا إلى السيرة الذاتية الأمريكية بروميثيوس التي كتبها كاي بيرد ومارتن ج.شيروين عام 2005، وتلعب كيليان ميرفي دور البطولة حيث تجسد شخصية إميلي بلانت زوجة أوبنهايمر، وكاثرين "كيتي" أوبنهايمر، ومات ديمون في دور الجنرال ليزلي غروفز، والمعالج العسكري لأوبنهايمر، وروبرت داوني جونيور في دور لويس شتراوس، وهو عضو بارز في لجنة الطاقة الذرية بالولايات المتحدة. ومن بين الأعضاء الآخرين في فريق التمثيل فلورنس بوغ، وجوش هارتنيت، وكيسي أفليك، ورامي مالك، وكينيث براناغ. وتلقى الفيلم إشادة واسعة النطاق عند عرضه على النقاد، لا سيما بالنسبة لسيناريو نولان وإخراجه، والمرئيات والممثلين.
ويركز نولان في فيلمه على الوجوه البشرية فالشخصيات تتحدث كثيرا وتستمع كثيرا وتتفاعل مع الاخبار الجيدة والسيئة، كما أظهر طبيعة اوبنهايمر المتهورة وشهواته النهمة التي جعلت حياته الخاصة بمثابة كارثة إذ يعيد فيلم "أوبنهايمر" اكتشاف قوة اللقطات المقربة الضخمة لوجوه الناس وهم يتصارعون مع بعضهم.
إن ثقل معاني الفيلم تحمله الوجوه - ليس فقط أوبنهايمر، ولكن شخصيات أخرى مهمة، بما في ذلك الجنرال ليزلي غروفز (مات ديمون)، المشرف العسكري للوس ألاموس؛ وزوجة روبرت كيتي أوبنهايمر (إميلي بلانت)،والتي كان بإمكان عقلها التكتيكي تجنب الكثير من الكوارث لو كان زوجها سيستمع فقط؛ ولويس شتراوس (روبرت داوني جونيور)، رئيس لجنة الطاقة الذرية الذي احتقر أوبنهايمر لأسباب عديدة، بما في ذلك قراره النأي بنفسه عن جذوره اليهودية، والذي قضى عدة سنوات في محاولة لإفشال مسيرة أوبنهايمر بعد لوس ألاموس معبرا عن التفاهة والرداءة والغيرة.
وما يدور حوله فيلم "أوبنهايمر"، أكثر بكثير من القنبلة الذرية نفسها، أو حتى تأثيرها على الحرب والسكان المدنيين اليابانيين، والتي يتم الحديث عنها ولكن لم يتم عرضها. ويُظهر الفيلم ما تفعله القنبلة الذرية بالجسد البشري لكنه ليس إعادة إحياء للهجمات الفعلية على اليابان. انه يحاول إضفاء الطابع الدرامي على حياة أوبنهايمر وغيره من الأشخاص المهمين تاريخياً في فلكه بطريقة جريئة من الناحية الجمالية مع السماح أيضًا باستخدام جميع الشخصيات وكل الأحداث مجازيًا ورمزيًا أيضًا، بحيث تصبح عناصر تنقيطية في لوحة أكبر بكثير تدور حول أسرار الشخصية البشرية والتأثير غير المتوقع للمجتمعات.كما يصورالفيلم شخصية هاري ترومان، الرئيس الأمريكي الذي أمر بإلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما وناغازاكي (لعب دوره غاري أولدمان في عرض رائع) والذي يسخر من أوبنهايمر باعتباره ساذج ونرجسي يرى التاريخ بشكل أساسي من حيث مشاعره.