حازم مبيضين ننتظر مع ابناء الشعب السوداني أن تتمكن مفوضية الاستفتاء من تسوية المشاكل التي تواجهها، كي لا تواجه البلد مشكلة تفوق مشكلة الانفصال السلمي، الذي قد تنجم عنه ولادة دولة إفريقية جديدة، بعد حرب استمرت عقوداً في واحدة من اكبر الدول الأفريقية،
والراهن أن المفوضية لم تبدأ عملية تسجيل الناخبين المعقدة والتي يتوقع ان تستمر عدة أسابيع، وبما يعني أنه وفقا لتقديرات الجدول الزمني الذي حدده قانون الاستفتاء فان الفترة المتبقية لا تكفي لقيام الاستفتاء.كل الاستطلاعات في الجنوب تؤكد أن سكانه سيختارون الانفصال، وأن ذلك سيقود الناشطين في دارفور للمطالبة بحق تقرير المصير لإقليمي دارفور وكردفان، فهل يمكن أن يقود ذلك إلى استنتاج أن هناك جهة ما تعرقل عمل مفوضية الاستفتاء، على أمل اجتراح حل يحافظ على وحدة السودان برضى الجنوبيين، بعد أن استعصى ذلك بالحرب ضدهم، وبعد أن تقاعست الخرطوم منذ اتفاق السلام عام 2005 ، عن جعل الوحدة شيئا جذابا للجنوبيين الذين قاتلوا منذ عام 1955، وفقدوا منذ ذاك مليوني شخص، ونزح منهم أربعة ملايين من ديارهم.العلاقات بين الحزب الحاكم والحركة الشعبية الجنوبية لم تكن سمناً على عسل، فقد اختلفا حول تنفيذ كل بند من الاتفاق، وفي حال صحت المعلومات بان حزب الرئيس عمر البشير لا يرغب في تنفيذ اتفاق السلام، وثبت أن الحركة الشعبية تفتقر للقدرة على تنفيذه، فان المخاوف تتعاظم بالعودة إلى الصراع المسلح، خصوصاً أن الجنوبيين مقتنعون بأن حكام الخرطوم لم ينتقلوا بالسودان إلى مجتمع متكافئ ديمقراطي، ومقتنعون أيضاً بأن الدولة السودانية تفتقر الى المكونات الحيوية للبلد الموحد، لان هناك عيوباً في الاساس الذي تقوم عليه الدولة.تتعلق آمال وتوقعات الجنوبيين بشدة بتاريخ الاستفتاء، لدرجة أنه سيكون من الخطر تأجيله لان قدر الاحباط وخيبة الامل سيكونان كبيرين بحيث لن يمكن لاحد مواجهتهما، والمعروف أنه يجب أن يجرى الاستفتاء إلى جانب استفتاء آخر على ما إذا كانت منطقة ابيي المنتجة للنفط والموجودة في وسط البلاد ستنضم إلى الشمال أم الجنوب، في وقت يتهم فيه الجنوبيون حكومة البشير بتوطين بعض القبائل البدوية، ما أدى لنزوح الجنوبيين للتاثير على نتائج الاستفتاء، وإلى حد اتهام الخرطوم بالتطهير العرقي. في الأثناء فان التلاسن السياسي مندلع بين الحركة الشعبية الجنوبية والحزب الحاكم، ويرى بعض المحللين أن الحركة الشعبية تمارس الابتزاز لنيل الكثير من المكاسب والحقوق في الدولة، وهم يهددون اليوم بانه إذا لم يجد الجنوبيون مصالحهم في الوحدة فإنهم سيحاولون إيجادها في الانفصال، الذي لم يعد من خياراتهم الصعبة، وفي المقابل اعتبر حزب البشير أن ذلك يعد تمرداً على الدستور، إن حصل فإن الحكومة ستنظر وقتها في ماذا ستفعل، ونبرة التهديد هنا شديدة الوضوح، ويظل أن على الواعين من ابناء السودان الوقوف في وجه أطماع السياسيين من الجانبين، والنظر بادراك ديمقراطي لما ستؤول إليه أحوال البلاد سواء استمرت وحدتها أو انفصل الجنوب سلمياً بارادة ابنائه.
خارج الحدود :انفصال الجنوب
نشر في: 16 أغسطس, 2010: 08:12 م