السليمانية/ المدى/وكالاتيمتاز العراقيون عن غيرهم من شعوب الارض قاطبة، بعشقهم للحياة ولكل ماهو جميل فيها، على الرغم من المرارة التي يستشعرونها في الوقت الراهن من جراء تأخر تشكيل الحكومة، الا أنهم مازالوا يبحثون عن كل ماهو حلو وجميل في الحياة لخلق البهجة على صغرها بين اوساطهم الاجتماعية
، وما زالوا يصنعون ويشترون الحلوى من كل نوع، ولكن هنا نوع مميز من الحلوى يقبل العراقيون على شرائه والكثير منهم لايعرف مصدره وكيفية تصنيعه، تلك الحلوى اسمها المن والسلوى أو (من السما) والمدينة الاشهر في إنتاج وصنع هذه الحلوى هي السليمانية.و(من السما) حكايته حكاية خاصة لأنه منتوج طبيعي لا يتدخل الانسان في مكوناته الا بالمطيبات و المكسرات. ابو محمد الحلوجي صاحب أحد أشهر معامل صنع (من السما) في السليمانية، ورث هذه الصنعة عن والده الذي ورثها عن جده.. ينحدر من أسرة لها حوالي مئة عام في صناعة الحلويات ليس (من السما) فقط بل حلويات أخرى مثل اللقم والسمسم والسجق واللقم المستكي والجيلاتين الملون.. يقول إن المكون الاساسي لحلوى (من السما) مادة طبيعية يجمعها الفلاحون من على الشجر، وخاصة شجر البلوط في جبال كردستان على الشريط الحدودي مع إيران عند منطقة بنجوين الكردية.ويضيف وقد ورد إسم هذه الحلوى في القرآن - المن والسلوى - و التي أنزلها الله على بني اسرائيل..ويطلق على هذه الحلوى في العراق (من السما) و هو التعبير المتداول بين الناس.والمادة الخام التي يتحدث عنها عبارة عن مادة صمغية لزجة تميل الى اللون الأخضر، تصبح بعد معالجتها حلوى لذيذة جدا..ويقول هذه الكتلة هي من السما قبل تصنيعه و تدخلنا فيه، و هي عبارة عن افرازات حشرة المن على أوراق شجرة البلوط بالذات، وخصوصا في فصل الخريف حيث موسم تكاثرها، و يجمعها الفلاحون على شكل كتل تتكون من عدة كيلوات. عن كيفية وصول هذه الكتل الخضر الى مدينة السليمانية يقول: هناك موردون من الفلاحين الذين أتعامل معهم منذ وقت طويل، اشتري منهم محصولهم الذي يجلبونه الي من الحدود، وكل عام أشتري حوالي عشرين الى خمسة وعشرين طنا من هذه المادة لكي أصنعها، أما أسعارها فتختلف كل عام حسب الوفرة. ثم نقوم بغربلة وتصفية المادة لنحصل على خام نظيف قبل مباشرة التصنيع. وعن كيفية صنع (من السما) يقول الحلوجي: في البداية تتم التنقية ثم نقوم بعد ذلك بوضع كمية محددة، قد تصل الى خمسين كيلوجراماً في قدر كبير، نضيف اليه الماء و يبدأ القدر بالغليان لعدة ساعات، حتى نفصل أصغر الشوائب العالقة بالمادة، ثم يتبقى لدينا سائل يشبه الدبس يميل الى اللون البني، بعدها نضيف بياض البيض ومادة الغار ويبقى القدر على النار لحوالي ساعة كاملة، ثم نقوم باضافة الجوز أو الفستق لاعطاء طعم مميز، و نترك الخليط حتى يبرد لتتماسك المادة السائلة لمدة يوم أو يومين..وبعد ذلك نقوم بتقطيع الحلوى بالأشكال التي نرغبها لتوضع في صناديق خشبية صغيرة حسب الوزن، كيلو أو نصف كيلو حتى نعزلها عن الجو المحيط ويوضع معها طحين، لأن المادة معرضة لأن تسيل في اية لحظة والطحين يمنع سيلانها على بعضها وتداخلها من جديد. وبشأن أسعار البيع يقول الحلوجي: كان سعر الكيلو قديما ديناراً ونصف الدينار، ولكن كان هذا في السبعينيات..أما اليوم فسعر الكيلو يتراوح ما بين اثني عشر وأربعة عشر ألف دينار. وعن زبائنه يقول: هناك إقبال متزايد على (من السما) وخاصة في رمضان حيث يكثر الطلب على الحلويات. و هناك زبائن يشترون (من السما) لإرساله هدايا الى أصدقاء خارج العراق، لأن هذه الحلوى ننفرد بصناعتها نحن فقط ، وتعد منتوجا وطنيا يميز العراق.. كما أن هناك بعض التجار يقومون بتصدير ما يشترونه منا الى دول عدة، يتواجد عادة فيها عراقيون مثل الاردن وسوريا ومصر والإمارات العربية المتحدة، حيث يعرف هؤلاء هذه الحلوى ويشترونها. أما ما يميز (من السما) الذي يصنعه الحلوجي عن غيره فيقول: المسألة فيها فن ومهارة، وكذلك تختلف الحلوى حسب الأسطى الذي يصنع الحلوى وذوقه، لذا طعم الحلوى يختلف من معمل الى آخر، ولكن في النهاية المادة الأساسية هي مادة ربانية طبيعية .
(المن والسلوى) ..هبات الطبيعة المعطاء في كردستان
نشر في: 16 أغسطس, 2010: 08:41 م