أفراح شوقيما من شك في أن قيمة أي برنامج تلفزيوني تعتمد على مقدار احترام ذائقة المتلقي، ذلك الطرف الأول المعني بالموضوع، وسواء كانت الأفكار ذات طابع جدي او هزلي فلابد من ان تخضع لذات المعايير التي تضع ضمن
اولوياتها احترام كرامة الشخص وحفظ هيبته لا ان تمسح به الأرض وتضحك على شاربه (كما يقولون) بقصد الفوز بضحكات هنا أو هناك، أو التقاط مشهد غير متوقع من احد المشاهير وهو مفزوع ومرتبك او حتى يرمي بنفسه على الأرض ويصعد عنده ضغط الدم والسكري وتأتيه السكتة القلبية حتى!! للأسف نقولها ان هذا ما يحصل يومياً أمام الملأ من على شاشة قناة البغدادية عبر برنامجها (خل ن بوكا) في جزئه الثاني، يومياً هناك مفاجأة يصحبك فيها مقدم البرنامج علي الخالدي لترى ردود أفعال فنان يتم استدراجه بحجة أجراء مقابلة تلفزيونية معه في مقر القناة ولكن يتضح فيما بعد أنها مجرد خدعة لأجل استنفاد ما لديه من صبر وشجاعة وقلة حيلة ووو أمور كثيرة غيرها، ما يطالعنا به البرنامج كل يوم يثير الذهول وليس العجب، فكيف يتسنى لسيطرة عراقية بكامل عدتها واستعداداتها أن تترك نياط الاهتمام ببسط الأمن في البلاد ودرء إخطار العبوات والمتفجرات والإرهاب المحيط بنا من كل صوب، لتشغل نفسها بأداء ادوار كوميدية على ارض الواقع تختبر فيها إمكانياتها التمثيلية ومواهبها الجديدة لاحتمالات أن تحول نشاطها الى التمثيل بعد خراب البصرة كما يقولون، أو حتى عندما يحالون على التقاعد، ما أثارني هنا أن البرنامج رمضاني ويطل على الناس في شهر الخير والرحمة، لكنه انتهج منهجاً للحط من شأن الفنان العراقي بشكل لا يرضي عدواً أو صديقاً، وكان الأمر مقصود بعد سيل الانتقادات التي تعرض لها في جزئه الأول من رمضان الماضي، وربما جاء هذا العام بشكل أكثر فداحة لأنه يلعب على أعصاب الناس الذين قدموا عصارة حياتهم لأجل إسعاد الجمهور وتقديم فن عراقي أصيل، ويستخدم كل ما يثير فزعهم بوجود عبوة ناسفة في سيارتهم واتهامهم بالعمالة لاعداء الوطن وقتل الأبرياء والانتماء لجهات إرهابية وما الى ذلك من ترهيب وترويع لا تغيب فيه حتى أصوات الاطلاقات النارية الحقيقية بقصد تعزيز الخوف والارتباك في قلوبهم، وربما فات على معد البرنامج (الفلتة) ان معظم العراقيين وليس الفنانين فقط تشبع بأصوات الاطلاقات والعبوات والمفخخات، وصار أصغرهم يحمل حبوب أمراض السكري والضغط والقلب في جيب قميصه أو حقيبته، وان اهانة الفنان العراقي والانتقاص وترهيبه لا ترضي ولا تضحك احداً، ويكفي ان الكثير من الدعوات صدرت لإيقاف عرض البرنامج ومحاسبة القائمين عليه لأسباب عدة ليس أولها انتهاك قيمة الفنان والحاق الأذى به، إضافة الى المطالبة بتدخل وزارة الداخلية العراقية كونها عطلت سيطرة أمنية كاملة عن القيام بواجباتها ومهامها الأساسية في الحفاظ على بسط الأمان في الشارع العراقي. بدلا من المشاركة في عمليات تخويف مقصودة لفنانين وفنانات بقصد إنجاح برنامج كوميدي يحفل حتى بغياب الوعي عن الفنان في قمة خوفه كما حصل مع الإعلامية المعروفة مها المرسومي التي لم تستطع تمالك نفسها واعصابها من اثر الخوف والفزع الذي اصابها في نهاية الحلقة.
عندما تهدر كرامة الفنان العراقي بقصد التسلية؟
نشر في: 16 أغسطس, 2010: 08:41 م