بغداد / المدى "رمضان كريم" عبارة معتادة تتردد بين المواطنين مع قدوم شهر رمضان المبارك وهي تعبر عن طبيعة مفهوم الكثيرين، خاصة من العامة، عن الشهر الكريم، الذي حوله سلوك الناس من شهر عبادة وتنافس في الخيرات وتقرب إلى الله،
إلى شهر للتنافس على المأكولات والإسراف في المآدب والبذخ في الإنفاق الاستهلاكي، حتى أصبح شهر رمضان الذي فرض ليستشعر الغني فيه حال الفقير المحتاج، إلى شهر للمباهاة والمفاخرة بالولائم التي تضم أشكالاً شتى من أغلى وأفخم أصناف الطعام التي لا ينال الفقراء منها أي حظ. وتشهد عادة الأيام السابقة للشهر الكريم وطوال الشهر تكالباً وإقبالاً محموماً على الأسواق والمراكز التجارية والمحال لشراء احتياجات الشهر، ويدخل الأفراد في سباق محموم لاقتناء السلع المختلفة، وهو ما يؤدي بطبيعة الحال إلى المزيد من ارتفاع الأسعار طبقاً لنظرية العرض والطلب، ويكون الضحية هم الفقراء والمحتاجون وغير القادرين لتضيع مع هذا الهوس الشرائي الفلسفة التي من أجلها فرض الصيام لنشر ثقافة التكافل بين المسلمين. وحول العادات السيئة في طريقة وطبيعة التغذية خلال شهر رمضان وانعكاساتها السلبية السيئة على الصحة يقول الدكتور محمود القيسي، اختصاصي الباطنية : إن هناك الكثير من العادات والموروثات والأفعال الغذائية الخاطئة التي تقدم عليها الغالبية من الصائمين والتي تكون لها انعكاسات سلبية بالغة على الحالة الصحية للمواطنين من دون إدراك منهم لخطورة هذه التصرفات على حالتهم الصحية والتي تظهر نتائجها بعد فترة. ويؤكد أن تناول كميات كبيرة من الأطعمة الشهية بمجرد انطلاق مدفع الإفطار والتي غالباً ما تكون مكونة من السكريات والكربوهيدرات والدهون وشرب كمية كبيرة من المياه بعد فترة صيام لحوالي 15 ساعة مما يؤدي إلى الارتخاء في عضلات المعدة وتصاب المعدة بالتلبك وشعور الشخص بضيق في التنفس. كما أن نوعيات الطعام التي يحرص على تناولها خلال شهر رمضان والتي تحتوي على كميات كبيرة من الدهون والسكريات وطريقة البذخ نفسها والأكل المسبك كل ذلك يؤدي إلى زيادة الدهون في الجسم ورفع الكوليسترول والسكر. ومن جانبه يقول الشيخ عمر عبد الغني امام جامع في حي الجامعة : ان شهر رمضان هو شهر للعبادة والتقرب إلى الله عز وجل، وهو شهر للتنافس على فعل الخيرات وترك المنكرات «وفي ذلك فليتنافس المتنافسون»، هو شهر، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أوله رحمة، وأوسطه، مغفرة، وآخره عتق من النار. ويرى أن الكثير من المسلمين ابتعدوا عن المنهج الإلهي الذي من أجله فرض صوم هذا الشهر، وبدلاً من أن يكون هذا الشهر تطهيراً للقلوب، وتزكية للنفوس، وإراحة الأبدان من عبء الطعام الزائد، واستشعار الأغنياء بحال الفقراء فيسارعوا في الخيرات والإنفاق في سبيل الله، إذا بالمسلمين يفعلون عكس ذلك تماماً ويبتعدون عن المنهج الإلهي وسنة المصطفى صلوات الله عليه وسلم. ويضيف ان المسلمين بدلاً من أن يسارعوا في الخيرات إذا بهم يسارعو إلى الأسواق يشترون بنهم كل ما يقابلهم وكأنهم مقبلون على مجاعة، وبدلاً من أن يكون الصيام تطهيراً للنفس بأن تقبل على العبادة والتقرب إلى الله نجدها تقبل على ما يغضب الله؟ فما أن يحين آذان المغرب إلا ونجد الكثيرين يقبلون على التدخين قبل حتى تناول الماء يصومون عما أحل الله ويفطرون على ما حرم. وبدلاً من إراحة الأبدان من عبء ملء البطون الزائد واستشعار حال الفقراء، نجد الصائمين ينتظرون لحظة الإفطار وينكبون على الموائد يملأون بطونهم بأشكال شتى من الطعام. ويضيف الشيخ عبد الغني: فيرى من أبرز المظاهر السيئة خلال شهر رمضان أنه بدلاً من أن يكون هذا الشهر تربية للنفوس وتدريبها على الصبر وقوة الاحتمال نجد الكثيرين يتخذون من هذا الشهر تكأة للعصبية والتوتر والانفلات؟ فتجد الموظف يُوقِع بزميله، والجارة تصرخ على جارتها، رجل الشارع يشتم آخر لأتفه الأسباب، وتجد قائد المركبة يلعن من تجاوزه، وهذا يشتم ويلعن ذاك، وتجد هذه تغتاب أخرى، وبعد كل هذا التفريغ من الطاقات المكبوتة تجدهم بكل برود يقولون «اللهم إني صائم»، ويتساءل ما هذا الصوم الذي تكيل فيه السباب والشتائم لأخيك المسلم، ويؤكد أن الصوم ليس فقط الامتناع عن الأكل والشرب، لكنه امتناع عن الفحش في الأقوال والأفعال.
عدم ضبط النفس والاسراف أبرز العادات السيئة في رمضان
نشر في: 16 أغسطس, 2010: 08:42 م