عبدالله السكوتي حملت مولدة الكهرباء في عربة واتجهت نحو ورشة التصليح، بعد ليلة قضيتها في احضان جهنم، واذا بحميد الفهد يحمل (جلكان البنزين )، ويبحث عن خمسة لترات بثلاثة آلاف ونصف، بعد ان دفع اكثر من الف دينار اجرة السيارة، واصبح بعيدا عن بيته،
لكنه كما يقول رفضت الاستغلال ولم اعط خمسة آلاف لخمسة لترات، وتمتم (البحاره آخ البحاره )، ويعني بهم باعة البنزين، لانها اصبحت مهنة وانتهى كل شيء، وهؤلاء كما يقول احميد الفهد، يبحثون عن الحرارة المرتفعة، والشمس هذه الايام تعاني هي الاخرى انفجارات لاتحدث الا بعد مرور آلاف السنين، ولكنها للاسف صادفت كهرباء وطنية منعدمة، ومولدات اهلية تضامنت معها، اما مولدات البيت فهي تأخذ مصروفا اكثر من اي واحد من الاولاد الكبار، قلت له بربك من يعجب من هذا الحال ؟ فقال : يعجب من يعجب اهذه اول مرة نتعرض فيها للاستلاب ومصادرة الحقوق ونبقى في صمتنا نجتر احزانا، في ايام زمان كنا نتجرع السم وننسى، والان لم نعد نصلح لاي شيء، وحكايتنا في هذا تشبه حكاية الرجل الذي حضر مجلس وعظ وسمع الشيخ يتكلم عن فضل الصدقة وقيمتها في الحياة الدنيا والاخرة، فهي في الاولى بعشرة اضعافها، اي ان الدرهم بعشرة، خرج الرجل مسرعا ليلتقي اول مسكين ويعطيه الدرهم الذي بيده، واتكل على الله يبحث عن العشرة، فسقط في بالوعة للمياه الاسنة، واحس ان تحت قدميه كيسا، حركه قليلا وتناوله بيده، وهرول الى بيته يعد الدراهم فاذا هي تسعة فقط، ذهب في اليوم الثاني الى مجلس الوعظ ذاته وعندما وصل الشيخ الى الواحد بعشرة، صرخ صاحبنا : (لاتصدكون ... الواحد بتسعه والسيان للزردوم ) . وهذا (الجلكان بيدي وهوّه يثبتلك، هاي السالفه مثل سالفتنه )، فهمت مااراد احميّد الفهد من حكايته، فالمواعيد كثيرة والامنيات اكثر، وقد سبق السيف العذل كما يقولون، ندفع للماء والكهرباء واشياء اخرى، اي ان الراتب يدخل ضيفا الى البيت ويغادر سريعا من الباب الاخر، ليبقى اقتصاد العراق كما قال احد السياسيين من قبل :(واحد ماد ايده ابجيب اللاخ )، واحميّد الفهد واحد من الذين يرفضون الاستغلال مهما كان نوعه ومصدره، لانه يمتلك عقلية ترفض التسلط والاستبداد، ويمكن ان يكون آخر الرجال في هذا المضمار، فهو يعتقد اننا نساعد هؤلاء عندما نسوّق بطالتهم المقنعة، وهم لايفعلون شيئا كي يتاجروا بمشتق حيوي مثل البنزين، سوى انهم يتفقون مع اصحاب المحطات على نسبة معينة، وبالتالي الخاسر الشعب الذي مايزال يدفع الفواتير مع كثرتها، فواتير متعددة حتى اصبح الكلام على المكشوف وهناك من يشتم على شاشات الفضائيات، ويصل الامر بعض الاحيان الى الكلام البذيء، من المؤكد انها ليست صراحة عادية، وانما معارك كلامية يسمعها المسؤول (ويغلّس )، والاعلام اصبح عبئا ثقيلا على المواطن، من باب تذكيره كل حين بمأساته التي لاتنتهي ؛ المهم شربنا المقلب وياليت ان الواحد بتسعة وليكن السيان الى اين يريد، ولكنه بلاشيء ولاحتى بواحد، بل اننا ندفع مستمرين، وسندفع على طول الخط، ولانصل الى الواحد بواحد حتى، ليبقى فقط (ال ....... للزردوم ) والظاهر اننا لن نفارق الجليكانات والهرولة خلف البحارة .
هواء فـي شبك:(الواحد ابتسعه والسيان للزردوم )
نشر في: 16 أغسطس, 2010: 09:24 م