نجم والي بمناسة مثولها أمام المحكمة العالمية الخاصة بمحاكمات جرائم الحرب في العاصمة الهولندية لاهاي قالت فتاة الموديل العالمية ناعومي كامبل بأنها في الحقيقة لم تتسلم غير "كيس صغير حوى على بضعة أحجار قذرة"، وإنها عندما عرفت أن الهدية المفاجأة تلك جاءت من تشارلس تيلور
رئيس ليبيريا السابق قررت أن تتبرع بها مباشرة لمنظمة خيرية لرعاية الطفولة في جنوب أفريقيا. طبعاً إفادة الموديل السوداء البريطانية الأصل تلك والتي حضرت آنذاك حفلة عشاء خيرية للأطفال في عاصمة جنوب أفريقيا يوهانسبورغ لن تؤثر على طبيعة الحكم الذي ستصدره المحكمة الدولية ضد الرئيس الليبيري السابق الذي حضر حفلة العشاء تلك أيضاً والذي يواجه منذ ثلاثة أعوام في زنزانته في لاهاي تهمة المسؤولية عن عمليات القتل والإبادة الجماعية، عن حالات الإغتصاب وتشويه الأجساد، عن العبودية الجنسية وتجنيد آلاف الأطفال في الحرب الأهلية، بكلمة واحدة تهمة مسؤوليته عن كل جرائم الحرب التي مورست خلال فترة سنوات الحرب الأهلية في البلد المجاور لليبيريا سيراليون. مثول فتاة الموديل المعروفة عالمياً أمام محكمة جرائم الحرب العالمية في لاهاي هولندا في الأسبوع الماضي ومعها مثول ممثلات عالميات أخريات مثل ماري فيرو الزوجة السابقة للمخرج الأميركي المشهور أوروبياً وودي ألن هو فصل من مسلسل إفادات للشهود الذين تجمعوا خلال ثلاث سنوات من المحكمة.صحيح أن شهادتها تلك هي جزء من روتين قانوني للمحكمة الدولية لن يلعب دوراً حاسماً في إدانة المتهم إلا أنها أضافت من الناحية الأخرى (وهذا ما لا يجب أن ننساه)وللمرة الأولى للمحكمة أهمية خاصة، وحتى ظهور ناعومي كامبل أمام القاضي لم تنتبه أنظار العالم وكاميرات القنوات التلفزيونية ووكالات الأنباء العالمية إلى المحكمة، إذ كانت مجرد محاكمة روتينية لديكتاتور مثل تلك التي جرت للديكتاتور الصربي سلوبدان ميلوسوفيتج أو لمجرم الحرب السابق الكرواتي رادوفان كاراجيك، لكن الربط بين الجميلة والوحش جعل المحكمة تتصدر بين ليلة وضحاها الصفحات الأولى للصحف العالمية (باستثناء الصحافة العربية طبعاً التي لا يهمها موت أحد في العالم!)، وجعل الأضواء تُسلط بقوة على مشكلة حاول العالم تجاهلها ألا وهي مشكلة: الأحجار الدموية. لأن الكيس الصغير المملوء بـ "ببضعة أحجار قذرة"، حصلت ناعومي كامبل عليه كهدية من تيلور الذي شاركها مائدة العشاء في تلك الليلة، الأحجار هذه هي حسب قناعة الإدعاء العام جاءت من المناطق المتنازع عليها في الحرب الأهلية في سيراليون. وهي أحجار الديامنت هذه وليس غيرها التي صبت الزيت في نار الحرب الأهلية الدموية التي انتجت بشاعات رأينا بعضها على شاشات التلفزيون، عشرات الآلاف من الناس الأبرياء (عدد الضحايا حتى اليوم غير معروف تماماً) راحوا ضحية لهذه الحرب. وحسب الإدعاء العام، كان تيلور يجهز المتمردين في البلد المجاور بالسلاح مقابل الحصول على أحجار الديامانت:"الديامنت مقابل السلاح"(شعار يُذكرنا في الحقيقة بشعار آخر:"النفط مقابل كوبونات النفط" الذي فضحته جريدة المدى بعد عام 2003 والذي كان تقليداً سائداً في رشوة صدام حسين لعملائه في مختلف بقاع العالم).تظل سيراليون هي مثال نموذجي للصفقات القذرة والمتاجرة بالديامنت في بلدان الحروب الأهلية، شر أصاب أيضاً بلداناً أخرى غير ليبيريا، أنغولا وجمهورية الكونغو الديموقراطية مثلاً. وكما حاولت الأمم المتحدة مراقبة صفقات النفط القذرة لصدام حسين حاولت أيضاً السيطرة على المتاجرة "القذرة" بالديامنت: وحسب ما تورده الصحافة العالمية في هذه الأيام (شكراً لمثول فتاة الموديل!) فإن المنظمة الدولية سبق لها وأن اصدرت في عام 1998 قراراً يوصي بمنع المتاجرة بالديامنت القادم من أنغولا والذي لا يحمل دمغة الحكومة الرسمية. القرار هذا أُريد منه التأثير على منظمة أونيتا التي كانت تقاتل ضد الحكومة الرسمية. النجاح كما تشير الصحافة كان متواضعاً.المتاجرة بالديامنت بصورة غير شرعية حمل في النهاية الدول المنتجة له في عام 2003 على توقيع إتفاقية شبيهة بإتفاقية الدول المصدرة للنفط أوبك أطلق عليها اتفاقية كيمبيرلي (على إسم مدينة في جنوب أفريقيا) تنظم عن طريقها عملية إستيراد وتصدير الديامنت حسب شهادات رسمية للمصدر القادم منه.صحيح أن الوضع اختلف منذ ذلك الحين إذ سيطر نوع من الشفافية في التعامل بالديامنت وأصبح من الصعب عقد صفقات غير شرعية لبيعه، إلا أن ذلك لم يمنع من الناحية الأخرى التعامل مع دول طريقتها بإستخراج الديامنت أصلاً فيها أكثر من علامة استفهام: زيمبابوي مثلاً. صحيح إن البلد المجاور لجنوب افريقيا لا يعيش حربا أهلية، لكن سيطرة حكومة ديكتاتورية على رأسها رجل يجمع كل السلطات بين يديه: روبيرت موغابي، أثارت مشكلة من نوع جديد، وحسب منظمات حقوق الإنسان العالمية "إن أعداداً كبيرة من الناس أُجبروا على العمل هناك تحت شروط عمل غير إنسانية، بعضهم سجناء يجلسون في سجون زيمبابوي". قرار الأمم المتحدة بمقاطعة شراء الديامنت القادم من زمبابوي الذي لم يدم أكثر من سنتين لم يمنع زيمبابوي من التحاي
منطقة محررة :بضعة أحجار قذرة
نشر في: 17 أغسطس, 2010: 05:52 م