ترجمة: حامد أحمد
أشار تقرير لموقع (المونيتر) الاخباري ترجمته (المدى)، الى انه بعد ست سنوات من تحرير الموصل من قبضة داعش، فان الوضع الصحي في المدينة يعاني من الإهمال مع ارتفاع معدلات ظاهرة مقاومة الحالات المرضية لعقاقير المضادات الحيوية المختلفة وذلك بعد عقود من حروب وسوء إدارة واهمال كان للتلوث البيئي من المخلفات الحربية والدمار دور كبير في تفشي هذه الظاهرة.
عماد أحمد، أحد كوادر لجنة المضادات الحيوية في مستشفى الموصل العام، تنهد بحسرة وهو يطلع على نتائج آخر فحوصات المضادات الحيوية التي جمعت في قسمه على نحو شهري من مختبرات المستشفى.
يقول احمد ان "الحالة شبيهة بتسونامي صامت. نحن نفقد بشكل تدريجي تأثيرات الأدوية الوحيدة التي نضع ثقتنا بها، على سبيل المثال نجد ان دواء (سفترايكسون)، لا يعمل على 90% من عينات فحصناها في شهر حزيران. حتى اننا نشهد مقاومة لدواء (ميروبينيم)، الذي كان لحد الان يعتبر من أكثر ادوية المضادات الحيوية فعالية."
ويقول ان هذين الدواءين هما من ادوية المضادات الحوية (الانتيبايوتك) التي تستخدم في علاج نطاق واسع من العدوى البكتيرية مثل التهاب السحايا والالتهاب الرئوي، ولكن على غرار كثير من المضادات الحيوية المستخدمة في المستشفيات العراقية، فإنها اقل وأقل فعالية في علاج مرضى وذلك لان البكتريا التي يريدون القضاء عليها أصبحت مقاومة لهذه الادوية.
ويشير التقرير الى ان العراق هو من بين أكثر البلدان تعرضا لهذه الظاهرة عالميا وخصوصا في مدينة الموصل التي تعرضت لمعارك في اعقاب الحرب ضد داعش. في عام 2019 واستنادا لتقرير منظمة أطباء بلا حدود، فان 40% من مرضى في الموصل خضعوا لرعاية المنظمة الصحية ظهرت عليهم حالة عدم استجابة لعدة ادوية من المضادات الحيوية.
بعد خمس سنوات أخرى، فان هذه الازمة الصحية الصامتة ما تزال تنتشر دون أية متابعة او تدقيق من قبل مستشفيات المدينة العامة والخاصة.
يقول احمد للمونيتر "هناك خطر حقيقي. ولكن عندما تنظر الى التحرك الرسمي بهذا الصدد فكأنما ليست هناك ازمة نعيشها. في العراق ليس هناك اهتمام بمثل هكذا مشاكل صحية."
باحثون وأطباء على دراية بالنظام الصحي القائم في البلد يلقون باللائمة على ثقافة سوء استخدام ادوية المضادات الحيوية على مدى عقود من سنين الحرب والعقوبات الاقتصادية. ولكن بحث أخير ربط هذه الحالة أيضا بالحروب الأخيرة التي تعرضت لها المنطقة والتي تركت مخلفات وملوثات المعادن الثقيلة التي تزيد من مقاومة البكتريا المسببة للأمراض لأدوية المضادات الحيوية.
عمر الدويشي، خبير بعلم الاجناس ومحاضر في جامعة روتغيرس بولاية نيوجيرسي، قال لـ (المونيتر) "حسب ابحاثي ان هذه الظاهرة موجودة منذ 30 عاماً، منذ فترة التسعينيات والحصار الذي تعرض له العراق اعتاد الأطباء العراقيون على إعطاء المرضى في وصفاتهم أنواع عدة من المضادات الحيوية دون ان يدقق طبيعة المرض الذي يعاني منه الشخص بسبب النقص الحاصل في الادوية لغرض تقليل العدوى." عمر مظفر، رئيس وحدة التوعية في مستشفى الموصل العام، يقول "هذا الأسلوب ما يزال متجذرا في النظام الصحي العراقي، هنا في المستشفى اغلب الأطباء يصفون ادوية مضادات حيوية لأي مرض بسيط، فهم لا يتبعون بروتوكولاً علمياً، فهم لا يرسلون عينات للمختبر لتحديد أي نوع من المضادات يحتاجه المريض. اغلب ما يتم وصفه هو ابر زرق كمضادات حيوية." ظاهرة مقاومة الحالات المرضية للمضادات الحيوية واضحة للعيان في الموصل إثر هذا الموروث الصحي غير الصحيح.
مهند أكرم، اخصائي طب أطفال في مستشفى الموصل، يقول "نرى حالة المقاومة للمضادات الحيوية ظاهرة منتشرة بين المرضى الذين هم بحاجة لهذه الأدوية، فنجد ان الدواء المطلوب ليس له تأثير وفعالية على حالة المريض، لهذا نحن نضطر لوصف دواء يكون اقوى فعالية."
أنطون أبو فايد، مساعد بروفيسور لدى الجامعة الأميركية في بيروت يقول، "أينما توجد هناك معارك وحالات حروب تكون هناك ظاهرة المقاومة للمضادات الحيوية اكثر منتشرة بشكل اسرع واوسع النطاق ويصعب السيطرة عليها، بالإضافة الى حالة الفوضى والتهجير ونقص الأدوية ونقص المختبرات، وهناك عامل مؤثر آخر هو ملوثات المعادن الثقيلة السمية من مخلفات الحرب الناتجة عن التفجيرات والقصف والدمار."
ويشير الى دراسة قام بها في الجامعة، نشرت في طبعة المجلة الطبية الدولية، العلاقة بين العمليات الحربية التي شهدها العراق وارتفاع حالة مقاومة ادوية المضادات الحيوية، لا سيما الموصل، وما ينجم عن ذلك بسبب ملوثات المعادن الثقيلة والمخلفات الحربية من رصاص وزئبق ونحاس وزنك، أثرت على الوضع البيئي في العراق بسبب تكرار الحروب التي تعرض لها الواحدة بعد الأخرى.
يقول احمد، الذي يعمل في مختبرات مستشفى الموصل العام "منذ ما يقارب من ثلاث او أربع سنوات تقريبا، شعرنا بان بغداد قد بدأت فعلا بالتركيز على هذه المشكلة، وان وزارة الصحة وجهت المستشفيات بتشكيل لجنة لجمع معلومات عن حالات المقاومة للمضادات الحيوية"، ويشير الى ان اللجنة في مستشفى الموصل تفتقر الى الموارد لعمل مزيد من العينات.
ويؤكد بقوله "نحن نود ان نقوم بمزيد من الاختبارات المنظمة، ولكن ليست لدينا ميزانية كافية لذلك."
عن: موقع (المونيتر) الإخباري