اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > هلا رمضان > من أخلاق رمضان

من أخلاق رمضان

نشر في: 17 أغسطس, 2010: 06:02 م

كاظم الجماسيونحن نعيش أيام شهر رمضان، لابد لنا من الإشارة الى ابرز المحاور الإنسانية، ذات الصلة بطقوس هذا الشهر الذي يكتسب قدسية خاصة لما يقرب المليار ونصف المليار مسلم ينتشرون فوق أصقاع الكرة الأرضية، وقد غدا كل محور من تلك 
 المحاور الإنسانية في مراميه ومقاصده رديفا لمعنى طقس ديني من بين طقوس دينية عدة، تكرسها أجواء رمضان بنحو عام وطبيعة فعالية الصوم بنحو خاص.وقد اقترنت على الدوام طقوس الصوم في رمضان، ومنذ ازمان سحيقة بعادات وتقاليد اجتماعية تكتسب اهمية خاصة في حياة المسلم اليومية، ويكون لها تأثير مباشر بأساسات عيشه، فمبدأ الرحمة رديف لمبدأ التكافل، ومبدأ العدل رديف لمعادلة الحقوق والواجبات، ومبدأ الصوم رديف لمبدأ الترشيد أوالتقشف، ومبدأ الصدق رديف لحق التعبير عن الرأي، ومبدأ صلة الرحم رديف لتمتين الاواصر الاجتماعية، ومبدأ الاثابة رديف للشعور بمكابدات الفقراء وغير ذلك من المقترنات الدينية- الاجتماعية، وفي العموم شكلت وتشكل المنظومة القيمية- الاخلاقية اطارا لمحددات سلوكية في حياة المؤمن، وستظل تمارس وظيفتها تلك مادام الصراع قائما بين الانسان والطبيعة، وبين الانسان وشبيهه الانسان.ان اقتران التعاليم الدينية الاسلامية، بوصفها طقوساً مقدسة، مع وجود موجهات سلوكية تنتجها الفعالية الاجتماعية للشعوب، تتمظهر بعادات وتقاليد خاصة بكل شعب نتيجة للتنوع والتعدد في التراث الفكري والاجتماعي والتاريخي لكل شعب على حدة.ومن الواضح، بالنسبة للعراقيين، ان طقوس الصوم في رمضان بنحو خاص واجوائه بنحو عام، اقترنت عبر مختلف المراحل التاريخية، بعاداتهم وتقاليدهم الاجتماعية، فتلك الطقوس، في سبيل المثال، تحث وبنحو روحاني على إصلاح ذات البين بين المسلمين، فمن كانت له ضغينة او مخاصمة ازاء قريب او بعيد، جار او صديق او ذوي قربى، ينبغي له الصفح عنه ونسيان إساءته، وكما يقول العراقيون(تصفية قلوب)..فترى كثافة حالة التزاور بين شتى الأقارب والأصدقاء والجيران في ايام رمضان، على غير حالها في الأيام الأخر، يدفعهم في ذلك الثواب الديني الكبير لمن يقوم بفعل الصلح ورأب الصدع الحاصل بين اثنين او جماعتين.ويلعب مبدأ الرحمة دورا حاسما، في حفظ وحدة المجتمع وتماسكه عبر سلوك العطف والشفقة على الضعفاء والعجزة والمعوزين، سيما الأيتام والأرامل الذين فقدوا أعزاءهم ومعيليهم وعانوا فقدان، إن صح التعبير، فقدان الولي أو المعيل وفقدان الأب او الزوج او القريب العزيز، ولدى العراقيين باع طويل في السلوك الطوعي لمعاضدة اولئك الذين يقاسون الامرين، فمعظم ميسوري الحال منهم يقومون في ايام رمضان باطعام واكساء ومد يد العون بما ملكت ايمانهم الى اليتيم والسائل وابن السبيل، ابتغاء رحمة الله وثوابه.ويجري- عبر الخطب والمواعظ الدينية – التأكيد المستمر على إقامة مبدأ العدل بين الناس وإدانة الظلم والظالمين، ويشمل هذا الأمر الكثير من نواحي حياة المؤمنين، لعل اهمها حقوقهم في العيش الكريم عبر توفير المسؤول حدود العيش المناسب إنسانياً لمن يقع في دائرة مسؤوليته، بغض النظر عن توصيف ذلك المسؤول، إن كان رب عمل او رب أسرة او مديراً في دائرة او اي مكلف بعمل عام او خاص، ولا يستقيم الامر بتوفر تلك الحقوق وحده، بل لابد من الاداء الكامل – تحقيقا للتوازن – للواجبات المنوطة بعاتق كل فرد من افراد المجتمع، وتتجلى هنا على وجه الخصوص آلية الثواب والعقاب الدينية المعروفة، حيث يثاب من انجز واجبه بنحو سليم ويعاقب الآخر الذي استهان او تهاون في أدائه. وتتشدد التعاليم الدينية على خصلة الصدق، فالمؤمن مسؤول أمام نفسه ومسؤول أمام ربه على ان يكون صادقا في كل مقام وزمان، وعليه ان لا يخشى في قولة الحق لومة لائم، وينعكس هذا الامر بنحو ما في حق الانسان في حرية التعبير، اذ ان له الحق في ان يعبر عن موقفه بصراحة تامة ،  فالصوم أيضاً صوم عن قول الكذب والاستغابة والطعن بالآخرين، والمجاهدة في قول الحق،  والنضال من اجل تحقيق العدل، كل ذلك وغيره على المؤمن ان يفعله تحت جناح واسع من الرحمة الإنسانية.  

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

عيدالفطر المبارك في ربوع وادي الرافدين..بانوراما حافلة نسيجها الحب والتواصل والأفراح

عيدالفطر المبارك في ربوع وادي الرافدين..بانوراما حافلة نسيجها الحب والتواصل والأفراح

احمد كاظممناسبة العيد في ضمائر العراقيين لحظة تاريخية فارقة، فبعد عناء شهر كامل من الصوم يأتي عيد الفطر كمكافأة عظيمة للصائمين، ولا يذكر العيد، الا وذكرت (العيدية) والحدائق ومدن الألعاب والدواليب والملابس الجديدة التي...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram