مهدي حمودي الانصاري في الساعة الثامنة والدقيقة الثالثة من ليلة الثامن من تشرين الثاني عام 1938 الرابع من رمضان أنخسف القمر وراحت 'الحوتة' - كما يعتقد البغداديون - تبتلعه في بطنها تدريجيا امام انظار الناس كما توقع الملا جاسم!
وسخطت بغداد تلك الليلة، وضجت محلاتها وسطوح دورها بمعزوفة موسيقية متضاربة يسمع صداها القادمون على بعد عشرة اميال، أما آلات العازفة فهي عبارة عن (التنكات والجفاجير والمغارف والقدور النحاسية والصواني والقروانات والطبول)! والكل يعزف من فوق سطوح المنازل وهم يراقبون القمر المسكين يختفي تدريجيا في بطن الحوتة، وعيونهم شاخصة اليه وهم يرددون اغنيتهم الشعبية التي يهددون بها هذه الحوتة المنحوسة بالويل والثبور:ياحوته يامنحوتةهدي قمرنا العاليهذا قمرنا انريدههو علينا غاليوأن كان متهدينهأندق لج بصينية(طاق طيق، طاق طيق طاق طيق)وتهدر اصوات الجفاجير والمغارف والملاعق والقروانات والصحون، لعل الحوتة تخاف من هذه السيمفونية البغدادية فتترك القمر وتهرب.ياقريب الفرج!!وفي كل دربونة أو رأس عقد (زقاق) وقف ابو طبل يضرب بطبله. ووراءه وحوله جوقة من الصبيان وبأيدي بعضهم الفوانيس ، يتصايحون و'الحوتة' لاتسمعهم ولاتأبه لصياحهم، أما العجائز في تلك الليلة المشؤومة التي ابتلعت فيها الحوتة قمر بغداد, فقد اجتمعن فوق السطوح رافعات الأيدي بالدعاء وبصوت واحد:ياقريب الفرج!!ياعالي بلا درج!!قمرنا طايح أبشدةنطلب منك الفرج!rn
في رمضان انخسف القمر وصدق ملا جاسم
نشر في: 17 أغسطس, 2010: 06:08 م