ذي قار / حسين العامل
حذر مسؤولون محليون ومنظمات مجتمعية في ذي قار من ارتفاع معدلات النزوح السكاني الناجم عن الجفاف وشح المياه في مناطق الاهوار والارياف، مشيرين إلى اثر هذه الحالة على حياة المدن.
يأتي ذلك في ظل اسوأ موجة جفاف تمر بها البلاد ومحافظة ذي قار التي اخذت تفقد مساحات واسعة من اهوارها واراضيها الزراعية وتواجه نزوحا سكانيا كبيرا بين اوساط الفلاحين والصيادين ومربي المواشي الذين باتوا يواجهون مخاطر جمة اخذت تنعكس سلبا على مجمل الحياة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وتهددهم بالحرمان من مصدر دخلهم الرئيس.
وقال قائممقام قضاء الجبايش كفاح شناوة الاسدي في تصريح إلى (المدى)، إن "الاضرار التي لحقت بمناطق الاهوار العراقية ولاسيما اهوار الجبايش هي جسيمة نتيجة ازمة المياه وتذبذب اطلاقاتها وآثار الشحة المائية على حياة السكان وبيئة الاهوار".
واضاف الاسدي، أن "الاضرار التي لحقت بالأهوار وسكانها ادت الى موجة من النزوح والهجرة حيث تم تسجيل عشرات العوائل النازحة"، محذرا من "اثار النزوح على النشاط الاقتصادي في مناطق الاهوار وثروتها الحيوانية".
وأشار، إلى أن "كل عائلة نازحة تقوم باصطحاب عشرات من رؤوس الجاموس ونقلها الى مناطق اخرى وهذا ما سيؤدي الى حرمان مناطق الاهوار من ابرز اركانها الاقتصادية"، وتحدث عن "اثار هذه الحالة على الثروة الحيوانية عند تربيتها في بيئة مغايرة".
ويجد الأسدي، أن "مظاهر النزوح من مناطق اهوار الجبايش لا تقتصر على اصحاب المواشي وانما تشمل شرائح اجتماعية اخرى نتيجة التصحر الذي اخذ يزحف على مساحات واسعة من المناطق الخضراء التي كانت مغمورة بالمياه".
وبدوره قال الخبير البيئي جاسم الاسدي في حديث مع (المدى)، إن "مناطق الاهوار تواجه مخاطر تجفيف حقيقية ادت الى نزوح سكاني متواصل في العديد من الاقضية والنواحي المتاخمة لمناطق الاهوار كالجبايش والفهود والحمار والاصلاح وغيرها".
وتابع الأسدي، أن "الاسر النازحة ولاسيما من مربي الجاموس يتوجهون مع ما تبقى من جواميسهم الى محافظات اخرى كالحلة وكربلاء وواسط وغيرها".
وأكد، ان "تداعيات النزوح اخذت تنعكس سلبا على مجمل حياة النازحين كونهم يواجهون صعوبة في التكيف مع طبيعة المجتمعات الاخرى ما ينجم عن ذلك معاناة كبيرة".
ولفت الأسدي، إلى أن "سكان الاهوار يملكون موروثا سومريا ورافدينيا قديما وقد يشعرهم الانتقال الى المناطق الاخرى بالغربة والمضايقة من المحيط الاجتماعي الجديد نتيجة اختلاف الظروف الطبيعية والحياتية".
ونوه، إلى أن "سكان الاهوار كانوا يعتمدون على حياة شبه مشاعية في توفير مصادر الرزق كصيد الاسماك وتأمين علف مواشيهم من نباتات القصب والبردي فيما المناطق الريفية التي ينتقلون لها لا تسمح لهم بالإقامة على الارض التي يقيمون عليها اكواخهم من دون مقابل او استخدام الادغال لرعي مواشيهم من دون ثمن".
ومن جانبه اشار رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية في ذي قار حسين آل رباط الزيرجاوي الى نزوح الفلاحين من الارياف باتجاه مراكز المدن.
وقال الزيرجاوي في حديث مع (المدى)، ان "معظم المناطق الزراعية في ذي قار تفتقر الى المياه اللازمة للزراعة فيما لا تحصل المناطق التي تقع في ذنائب الانهر حتى على مياه الشرب". وأشار، إلى أن "الكثير من القرى باتت تعتمد على مياه السيارات الحوضية التي لا تسد الحاجة".
وتحدث الزيرجاوي عن "اندلاع نزاعات وشجار بين السكان المحليين عند التزاحم على التزود بالماء من تلك السيارات".
وأفاد، بأن "ازمة المياه وان كانت تنعكس سلبا على جميع العراقيين الا ان شريحة الفلاحين وسكان الارياف هم الاكثر تضررا من ذلك وهو ما دفع الكثير من سكان الارياف الى النزوح".
وبين، أن "قرية واحدة وهي قرية البو جمعة نزحت منها 25 اسرة فلاحية والكثير من الحالات المماثلة في القرى والمناطق الاخرى".
وأشار الزيرجاوي، إلى أن "عدم توفر المياه وانعدام الاعلاف الخضراء دفع اصحاب المواشي الى بيع معظم مواشيهم والتفكير بصورة جدية بالنزوح الى مراكز المدن".
وتابع، أن "الذي كان يملك 10 رؤوس من الابقار باع 9 منها واحتفظ بواحدة فقط فيما باع البعض جميع مواشيهم ورحلوا باتجاه المدن".
وانتهى الزيرجاوي، إلى القول، إن "الزراعة انقرضت في المناطق التي نال منها الجفاف".
وكان مستشار محافظ ذي قار لشؤون المواطنين حيدر سعدي قد حذر في حزيران الماضي من اثار النزوح على الحياة في مراكز المدن.
واوضح في حديث مع (المدى)، إن "هجرة سكان اهوار والمناطق الريفية من مناطقهم صوب مراكز المدن نتيجة الازمة المائية والتغيرات المناخية نجم عنها ما يعرف بالنزوح البيئي".
وأضاف سعدي، أن "هذه الموجة من النزوح تؤدي بالضرورة الى ارتفاع معدلات البطالة في مراكز المدن وتتسبب بتعطيل النشاط الاقتصادي في المناطق المتضررة من ازمة المياه".
وأشار، إلى أن "الكثير من النازحين يتركون مهنهم الموروثة كالزراعة والصيد وتربية المواشي والاعمال الحرفية ويلجؤون للبحث عن الوظائف الحكومية التي هي بالأصل محدودة".
ورأى سعدي، أن "هذا ما سيفاقم المشاكل الاقتصادية ومنها البطالة، ويزيد من خطورتها على المجتمع".
وحذر، من أن "استمرار الحال على ما هو عليه ينذر بخطر محدق وقد تتحول فيه العديد من المدن المتاخمة للأهوار والتي تعاني من الجفاف إلى مدن مهجورة".