عن: كرستيان ساينز مونيتربعد سبع سنوات على الوجود الامريكي في العراق، العراقيون تحرروا بشكل اكبر لكنهم يشعرون بالمرارة من الخسائر في الارواح وفي قرية تحيط بها بساتين النخيل بالقرب من الفلوجة كانت هناك مجموعة من البنايات تقف فارغة، انها مدرسة لم يكتمل بناؤها بعد، حيث كانت قطعة من مزيج الخرسانة السيء قد انفصلت عن السقف بعيدا عن دعاماتها الساندة وكان الجيش الامريكي قد دفع ثمن هذا المشروع
لكنه توقف بسبب العمل دون المستوى الذي قام به المقاول العراقي حيث تحاول الولايات المتحدة الآن البحث عن بناء جديد. لكن يلتف في تلك الحيطان المبنية من الطابوق ما يحلم به مدير لطلابه في المدرسة الذين يحشرون حشرا في اربع نوبات من الدوام في اليوم الواحد، ولحد الآن اي تواصل علني مع الوجود الامريكي في هذا الجزء الواقع في غرب العراق بما فيها الجمعية التي مولت مئات من مشاريع اعادة الاعمار يجلب خطر التعرض للقتل. لذا حينما قام عقيد من مجاميع المهندسين في الجيش الامريكي بالتنبيه الى ضرورة التفتيش على هذه المدرسة المبنية الى النصف والتي تقع على بعد 40 كليومتراً تقريبا غرب بغداد لم يكن امرا صغيرا بالنسبة لمدير المدرسة باسم في ان يقابله قائلا " انا قلق حقا بشأن هذا المشروع" رافعا يده وهو يشير الى عمود السلم المحطم مضيفا " حينما وصلت كنت سعيدا لرؤيتك".يقول انه سمع لغطا في ان المشروع سوف يسلم الى الحكومة العراقية وقد زار باسم اثني عشر صفا والتي انتهى من بنائها الامريكان في الفلوجة واراد السكان نفس هذا البناء بمواصفاته العالية. يقول العقيد حون كرستيانسن "لدينا نفس العقلية وسوف نتعهد بعمل ذلك وسوف نأتي ونشرب الشاي معا حينما يكتمل ذلك الامر".بعد سبع سنوات فان قصة هاتين المدرستين في الفلوجة تمثل رمزا من رموز التحديات القاسية في العراق . لقد ضخت الولايات المتحدة 736 مليار دولار الى تلك البلاد حيث كانت المهمة تتعلق بازالة اسلحة الدمار الشامل الذي لم يجسد التحول الى جهد البناء الاكبر منذ الحرب العالمية الثانية، بالاضافة الى 53 مليار دولار من الكونغرس لتأمين كل شيء من المجاري الى نظام التعليم الى الاثاث المكتبي والطلاء. وبينما تستعد الولايات المتحدة لخفض عدد قواتها البالغ 170 الف جندي الى 50 الف جندي فقط بحلول الاول من ايلول المقبل حيث يتوقع الانسحاب الكامل في نهاية عام 2011 فان الامريكان والعراقيين والهيئات الدولية تقيم تأثيرات واحدة من اطول واكثر الحروب كلفة في التاريخ الامريكي. بالنسبة الى المعارضين كانت الحرب فاشلة واستنزفت الخزانة الامريكية وقتلت ما لايحصى من العراقيين والامريكان وجعلت الملايين من السكان في الشرق الاوسط ينظرون بعين العداء للولايات المتحدة، اما بالنسبة للمؤيدين فقد خلعت هذه الحرب مستبدا واسست مبادئ المؤسسة الديمقراطية الناشئة في الشرق الاوسط وبمساعدة حديثة لما يشبه مشروع مارشال لتأسيس حليف استراتيجي مستقر ومهم في هذه المنطقة القلقة. العراق في الوقت الحاضر لم يعد يوحي ظاهريا كما كان في ايام التمرد والقتال الطائفي اعوام 2006 – 2007 حينما كانت حصيلة كل شهر 3000 قتيل تقريبا وهو ايضا مكان مختلف عما كان عليه قبل عام 2003 حينما كان الحكم الديكتاتوري يحكم بقبضة من حديد على شعب كان يخاف كثيرا من انتقاد نظامه لكن معايشته لحروب بهذا القدر لاتترك البلدان كما يتوقع لها تماما فالعراق الذي تقلب في العنف وتحرر وعي سكانه احس بشكل تراجيدي باولئك الذين كانوا في مسرح المعركة وهم العراقيون انفسهم. يقول توبي دوغ المتخصص بالعراق في معهد الدراسات الاستراتيجية في لندن لقد توسع اعطاء الدم والمال على كل الجوانب لكننا نرى العراق اليوم تقريبا بنفس المواصفات القديمة فحجم الجيش الحالي هو نفسه تقريبا في زمن الديكتاتورية وهناك العديد من دوائر المخابرات انها دولة بنفس الحجم القديم لكن بدون السمات الاكثر شناعة للنظام القديم. يقول دوغ ذلك وهو يشير ايضا الى ان مستويات الفساد هي اكبر مما كانت عليه قبل الحرب قائلا "اذا كنت مواطنا عراقيا فقيرا فان 13 عاما من العقوبات الدولية والحرب والعنف الذي اعقبها لا يرسم صورة وردية". فهناك في الحقيقة العديد من حالات الفشل ابرزها هو عدم جعل بغداد وثلاجات بيوتها مضاءة لأكثر من بضعة ساعات في اليوم حيث يبدي العراقيون غضبا كثيرا على البنية التحتية السيئة على الرغم من الاموال التي صرفت. العراقيون والامريكان انشغلوا في مهمة اعادة البناء حيث يقولون انهم تعلموا العديد من الدروس مع تحسن الامن فمعدل القتلى الذي بلغ 300 هو عشر ما كان عليه في عام 2007 لكن الثمن ما يزال مرتفعا وهناك ايضا 4400 جندي امريكي قتلوا بالاضافة الى 32 الفاً آخرين جرحوا بينما مات عشرات الالاف من العراقيين نتيجة لأعمال العنف واتساع النزاع في تلك الايام. في عقول المواطنين العراقيين العديد من حالات الحزن على الارواح التي فقدت والاعمال الوحشية مثل الانتهاكات التي حصلت في سجن ابو غريب لكن في الوقت ذاته لايعرفون حجم ومدى الاستثمار الامريكي في اعادة البناء، لذا فان الحضور الامريكي ترك
بعد سنوات من محاولة النهوض .. منازل بغداد تنام فـي العتمة
نشر في: 17 أغسطس, 2010: 09:33 م