TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > بوصلة الرعاية الاجتماعية وأخواتها

بوصلة الرعاية الاجتماعية وأخواتها

نشر في: 29 أغسطس, 2023: 09:40 م

ثامر الهيمص

هل تعمل الرعاية الاجتماعية وفق برنامج محدد يفضي الى القضاء على الفقر؟ الذي بات نشازا في بلد يزخر بالثروة والاثرياء, سيما وان حسب وزارة المالية يشكل النفط 97% من الموازنة و الذي هو ملك الشعب العراقي دستوريا, اي ان الثروة مصدرها وزارة المالية والبنك المركزي بدون شريك يستحق الاهتمام حضر ام غاب.

لا شك ان العلاج بالمعونات سواء ان جاء من خلال هيئة الرعاية او شبكة الحماية او سلف المشاريع الصغيرة, لا زال يراوح بلا بوصلة تهدف وتجره الى القضاء على الفقر من ثغرات البطالة اولا, الذي باتت مجرد ارقام بعلاقة طردية مع الزيادة السكانية, ودور الرعاية واخواتها كدور الاطفائي.

الدكتورة الزامبية دامبيسا مويو ( دكتوراه من جامعة اوكسفورد وما جستير في الادارة) تقول: ان المعونات مثل المخدر وكما هو الحال مع اي مخدر, لا يستطيع كل من التجار والمدمنين الاقلاع عنه. وتضيف الكاتبة ايضا, من الواضح ان الديمقراطية ليست شرطا سابقا على النمو الاقتصادي الذي يؤكده انصار المعونة بل العكس, النمو الاقتصادي هو الشرط الاساسي للديمقراطية, واخر شئ يحتاج اليه النمو الاقتصادي هو المعونة. ( توم باتلر – بادون / الاقتصاد / خلاصة اعظم الكتب / ص/202 /2020 ط/ اولى).

اذن البوصلة لم يتم ضبط اتجاهها, اذ لم تحسم العلاقة بين الديمقراطية والنمو ناهيك عن التنمية المخططه التي لا تعمل بدون بوصلة سياسية محدده, كما نراها بقانون النفط والغاز كقاعدة وبنية تحتية لضبط البوصلة, اذ باتت الدوائر الاقتصادية الرسمية مجرد سدنة لدخل النفط الذي يوزع لاعتبارات غير محدده او ممنهجة وفق خطط وزارة التخطيط التي لا ترتكز على حسابات ختامية كقاعدة معلومات.

فقد كشفت مستشارة رئيس الوزراء لشؤون الرعاية الاجتماعية لتقول: انه نفذ 2% فقط من المشاريع الصغيرة, التي مولت كقروض من المصارف الحكومية, والباقون اشتروا سيارات وتزوجوا. وافادت ان الحكومة وضعت في موازنتها مبالغ طائلة لوزارة العمل كقروض وحل مشكلة البطالة وتثبيت العقود. ( جريدة الصباح ليوم 16/ اب 2023). امام هذا الفشل بنسبة 98% تزداد التخصيصات بدون مراجعة جذرية للاسباب والنتائج, كون النتجة مخجلة تعكس رؤيا صادمة.

اما الفشل الثاني في الرعاية الاجتماعية التي بلغ عدد المستفيدين من برنامج التموين سبعة ملايين و200 الف من سلة غذائية بعشرة فقرات. ( الصباح ليوم 24/تموز /2023). في الوقت الذي افادت الجهات المعنية انه فقط في النجف 45الف متجاوز على البطاقة التموينية بين متوف ومهاجر. ولنفس الفترة اعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية باستعادة 160 مليار دينار قيمة المبالغ المسترجعة من المتجاوزين على شبكة الحماية الاجتماعية ( المدى ليوم 14/8 /2023), ولم تخبرنا الوزارة عند اعدادهم وكيفية الاسترجاع وما هو المبلغ المتبقي كونه مال عام ليطلع عليه الرائ العام.

كل هذا يجري كنشاط غير مسبوق لدوائر الرقابة لكشف الثغرات وسوء الاداء مع الرديف الاساس هو ضياع الاختصاص والابحاث المواكبة للعمل, في ضوء تأشيرات وارقام هيئة الرقابة المالية الحاضرة المغيبة بامتياز. اضافة ايضا لضياع البوصلة التي تسدد على الهدف اذ لا زالت اليد ترتعش في ضبط المطابقة بين الفرضة والشعيرة.

اذن في ضوء الاداء الاعرج للاجهزة الثلاثة الرعاية والشبكة والتسليف لصغار المشاريع’ كونه فشل بنيوي وليس مجرد هنات او عثرات, اذا تضافرت جميع عناصر السوء, من الهدف الى اللوجستيات, حيث سمم الفساد والافساد اي امكانية للمراجعة اذ لا درس يستفاد منه كاساس ومنطلق او حجر اساس في بناء تخيلنا انه سيعلو.

بما ان الفشل ليس بسيطا يمكن تداركه برقابة او شرطة مجتمعية, حيث لا زالت جميع عوامل الفشل متوفرة وتتعاظم مواكبة لتعاظم التخصيصات, ولكن ربما سندخل في المحاكم بسبب كيفية تسديد المستلفين ال 98% من المقترضين, هذه اضافة نوعية لسوء الاداء لتعزيز الخسارات التي ربما يشملها مكرمات برلمانية لموسم جديد من الترشيحات بالاعفاء او التقسيط المريح, تدجينا للنص الدستوري النفط ملك الشعب العراقي ربما. وبما ان الاقتصاد الكلي نعجة تقودها السياسة وليس قوانينه واليات عمله كما نلمسها في علاقة الدينار بالدولار الان كركن اساس في الاقتصاد الكلي. لذلك يصبح البحث من داخل الاداء الاقتصادي الكلي عملية عبث كما نلمسها عمليا في ازمة الدولار والرعاية الاجتماعية وشقيقاتها. اذ انكشف مستور كثير ومع ذلك لا زال جبل الثلج لم يترنح. وكما نلحضه في لغز قانون النفط والغاز. اذن الامر سياسي بامتياز لاعلاقة له ببرلمان او قضاء او اي مؤثرات انية مباشرة, انه افاق سياسية غير متوافقة في الامد المتوسط على الاقل.

ولكن بما ان الحكومة برغماتية وتعمل بموجب مشاريعها العازمة على تنفيذها وفق القانون, يمكن ان نرجع ابتداءا وننطلق منه كبداية لما قبل الشبكة والرعاية, وهي البنية التحتية لاغلب مجال عمل الثلاثية التي ليس من شأنها البداية من اسفل القاعدة.

لا شك ان العشوائيات لها حصة الاسد في شبكة الحماية ونشاط البطاقة التموينية وحتى المشاريع الصغيرة, وانهم غالبية من هم تحت خط الفقر. من هنا البداية اذن لتتضح الامور, اذ لدينا وحسب وزارة التخطيط (10% من السكان يعيشيون في العشوائيات) (الصباح 26/ 7/ 2023).

اي اكثر من اربعة ملايين من سكان العراق ويمثلون الاكثرية ممن تشملهم الرعاية الاجتماعية البالغة 7ملايين و200الف.

ففي كتاب لجنة الطاقة الحكومية المرقم 3655 في 27 2/2014الخاص بتخصيص خمسة ملايين دولار سنويا لكل عقد لمشاريع المسؤولية الاجتماعية من نشاطات المشاريع الاستخرادية للنهوض بهذه المجتمعات, ليس فقط لحمايتها من الاثار السلبية التي يخلفها نشاط هذه الشركات بل من اجل تحقيق التنمية المستدامة. (الدليل التوضيحي لمشاريع المسؤولية الاجتماعية للشركات الاستخراجية في العراق /ص27/).

هذا ما تبنته منظمات المجتمع المدني للذود عن سكان مناطق الحفر والاستخراج النفطي، الذي لم يحقق احتياجات المتضررين حتى من نسبة السرطان الذي يأكل حتى اطفالهم. بنفس الوقت هم اكبر مصادر الهجرة في البصرة وغيرها مثلا 700 مجمع عشوائي تراكم بموجب الدستور ان النفط ملك الشعب العراقي. اذ بلغت الاصابات بالسرطان 81 من كل مئة الف عراقي. اذ سجلت تقارير مجلس السرطان العراقي ارتفاعا مستمرا بنسب الاصابات بالامراض السرطانية سنويا, اذ ارتفعت من 3/73 اصابة في سنة 2015 الى 34/81 في 2019 ولكل مئة الف نسمة, ويقول مدير بيئة البصرة ان هناك فجوة كبيرة ببنود عقود شركة نفط البصرة وشركات التراخيص الاجنبية وبين مايحدث في الواقع. موضحا ان المشاعل التي تزيد عن 600مشعل تحيط بالبصرة من العلامات الفارقة لهذه المحافظة المظلومة (جريدة الصباح ليوم 21/اب/2023).

من هنا التأسيس لايقاف النزيف الذي لا تغلقه البطاقة التموينية بنوعيها واحدة للفقراء ذو العشرة فقرات والعادية التي تشمل ما فوق خط الفقر, بموجب البطاقة المحدثة المفترضة. ولا شبكة الحماية المستباحة مع اختها الكبرى بطاقة التموين, ومقترضي الرافدين والرشيد ال 98% وهدر الاموال. لاغراض تعود ايضا لليد السياسية التي يتعذر علها ان تصفق حتى للمدى المتوسط الذي امامنا.

في ضوء ما تقدم يبدو الامر ليس مرهونا بمراجعة او حلول اطفائية وبعد خراب البصرة’ لا يسع القول ان هذه المرافق الثلاثة ( الرعاية والبطلقة التموينية والسلف الصغيرة) قد حققت المطلوب, نظرا لغياب الستراتيجية ذات البعد الانساني لامد معين’ ما دامت الحلول ترتهن عادة وتصدم اجمالا ببرامج متعددة وصلت لاكثر من خمسين تحالف انتخابي اذ اختلط الحابل بالنابل. وعندما لا يتعين على الدول ان تعتمد على الضرائب الداخلية لتمويل التنمية, لا تضطر الحكومات الى صوغ اهدافها ومراميها تحت رقابة مواطنين هم الذين يدفعون الفواتير. وفي الوقت نفسه تتاح لهذه الدول امكانية توزيع الموارد على القطاعات والمناطق ابتغاء لاغراض معينة. ومن هذا الاستقلال المالي للدولة تنبع المركزية المفرطة والابتعاد عن الظروف المحلية وغياب المحاسبة. فأن اي نظام يزرع في هذه البنية, أكان تسلطيا او ديمقراطيا, من المرجح ان يكون على قدر كبير من الاعتباطية واللاعقلانية والتقلب لدى صنع السياسة الاقتصادية –نقيض البيئة اللازمة لمواجهة الطفرة بنجاح. (تيري لين كارل /مخاطر الدولة النفطية /تأملات في مفارقة الوفرة /ترجمة عبد الاله النعيمي /ص 389/390 / 2008 ط/ اولى (.

الان باتت الحلول تصطدم بحائط الصد, مما يعني اعادة النظر بعد ان استنفذت الحلول البرغماتية الانية ودور رجل الاطفاء, ينبغي اعادة البناء والاصلاح الذي يبدأ من البصرة كمفارقة والا يمتد تسممها بعدواه وذلك بمعالجة مائها اولا وارغام جولات وصولات التراخيص بمعالجة السرطان واسبابه وتحويل المصاحب الى غاز مصاحب حقيقي لصاحبه كونه مالك شرعي دستوريا رغم شلله سرطانيا، من هنا يسعنا البناء لعراق كما يتمناه اهل العراق الحقيقيون. بعد معايشة اولي الامر شهرا في عشوائيات السرطان ليصبح القرار رصينا عمليا انسانيا’ ولا نخشى لومة لائم لئيم. خصوصا وان ثغرنا الباسم سيغدو في الافق المنظور قاعدة طريق التنمية وعامل سلام وتوافق اقليمي ودولي, الا هل بلغت..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابو عصام

    بارك الله فيك يا ابو سلوى على هذه المقالة الممتازة و الرائعه لكن المعروف عن المعونات الاجتماعية وغيرها تعطى لوقت محدد لحين إيجاد فرصةعمل لصاحب هذه المعونة وهذا يتطلب انشاء مشاريع صناعية و زراعية تجارية لإيجاد فرص عمل لهذة الفئات

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: حدثنا نور زهير!!

وراء القصد.. ولا تيفو.. عن حمودي الحارثي

فشل المشروع الطائفي في العراق

شعراء الأُسر الدينية.. انتصروا للمرأة

العمودالثامن: فاصل ونواصل

العمودالثامن: حين يقول لنا نور زهير "خلوها بيناتنه"!!

 علي حسين إذا افترضا أن لا شيء في السياسة يحدث بالمصادفة، فإنه يفترض أن نوجه تحية كبيرة للذين يقفون وراء كوميديا نور زهير الساخرة ، فبعد أن خرج علينا صاحب سرقة القرن بكامل...
علي حسين

باليت المدى: الرجل الذي جعلني سعيداً

 ستار كاووش كل إبداع يحتاج الى شيء من الجنون، وحين يمتزج هذا الجنون ببعض الخيال فستكون النتيجة مذهلة. كما فعل الفنان جاي برونيه الذي أثبتَ ان الفن الجميل ينبع من روح الانسان، والابداع...
ستار كاووش

صحيفة بريطانية: قائد اركان الجيش الأمريكي يزور دولتين عربيتين لاقامة "تحالف" ضد ايران

متابعة/ المدى كشفت صحيفة تريبيون البريطانية، اليوم السبت، عن وصول قائد اركان الجيش الأمريكي الجرنال سي كي براون بزيارة غير معلنة الى الأردن لبحث إقامة "تحالف إقليمي" لحماية إسرائيل.  وذكرت الصحيفة، ان القائد الأمريكي...

كلاكيت: ألان ديلون منحه الطليان شهرته وأهملته هوليوود

 علاء المفرجي في منتصف السبعينيات شاهدت فيلمه (رجلان في مأزق) وهو الاسم التجاري له، في سينما النجوم في بغداد، وكان من إخراج خوسيه جيوفاني، ولا يمكن لي أن انسى المشهد الذي يوقظه فيه فجرا...
علاء المفرجي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram