مئات العائلات الفلاحية في محافظة بابل مهددة بالفقر والجلاء قسراً عن المناطق التي ترتبط بها اجتماعيا ونفسيا واقتصاديا، والسبب شح المياه وانعدام إمكانية زراعة معظم الأراضي التي كانت تفيض على المحافظة بالمحاصيل المختلفة.
المسؤولون في المحافظة وكذلك الباحثون يرجعون أسباب شح المياه الى جملة عوامل تأتي في مقدمتها خفض نسبة حصة المحافظة وعدم اعتياد الفلاحين والمزارعين على أساليب الري الحديثة .
وقال نائب محافظ بابل علي عبد سهيل إن وزارة الموارد المائية خفضت نسبة حصة محافظة بابل من المياه ، فبعد ان كانت حصتها تبلغ 50% من الحصة المقررة لمحافظات بابل والسماوة والديوانية اصبحت منذ بضع سنوات 40% بالرغم من اتساع الأراضي الزراعية في بابل وحاجتها المتزايدة لمياه الري.
وذكر عبد سهيل: أن الموسم الماضي شهد اعلى نسبة انخفاض في مياه الري وصلت الى حد انعدام المياه اللازمة لشرب الحيوانات والمواشي التي يربيها الفلاحون ما دفع بالكثيرين منهم في بعض المناطق الى التظاهر فيما باشر البعض منهم هجرة المناطق التي يسكنون فيها منذ مئات السنين بحثا عن أرزاقهم في مراكز المدن، الأمر الذي يهدد الزراعة في المحافظة بالانهيار.
وأكد سهيل: أن الحكومة المحلية لم تقف عاجزة ازاء ما يحدث من تدهور في القطاع الزراعي فهي تجري اتصالات مستمرة مع المسؤولين في وزارتي الموارد المائية والزراعة لزيادة حصة المحافظة من مياه السقي وشمولها بالتقنيات الحديثة للري، الا ان غالبية الوعود التي تلقتها الحكومة المحلية لم تنجز الى الان ما يبقي على حجم المشكلة على ما هو عليه ان لم يزيد فيها.
فيما نائب رئيس اللجنة الزراعية في مجلس المحافظة سهيلة عباس بدت أكثر تفاؤلا، إذ بينت أن دائرتي الزراعة والموارد المائية وبالتعاون مع لجنة الزراعة في مجلس المحافظة اتخذوا عدة خطوات لتقليل شح المياه واستغلال المتوفر منها بشكل علمي وعقلاني موضحة بان دائرة الموارد المائية عملت على تبطين الكثير من الجداول للقضاء على مشكلة التبخر والتسرب التي تحدث في الانهر والجداول.ودعت عباس: المزارعين والفلاحين الى ضرورة الابتعاد عن الأساليب التي تؤدي الى هدر المياه من دون الاستفادة منها وبالذات الفلاحين الذين يسكنون بالقرب من مجاري المياه ويستغلونها لأغراض غير زراعية في بعض الاحيان او يستخدمونها بشكل مفرط من دون إدراك الأضرار العامة التي تنجم عن ذلك، ما يستدعي تثقيفهم بضرورة الاستخدام الامثل للمياه.
وعلى الصعيد نفسه، أكد مدير زراعة بابل حسين حسوني ان مديريته استوردت مؤخرا وبالتنسيق مع وزارة الزراعة أنظمة متطورة للري بالتنقيط تمتلك تقنيات حديثة للحد من هدر المياه مؤكدا ان المحافظة تسلمت إلى الآن 60 منظومة حديثة تستطيع ان ترش بالري والتنقيط نحو 120 دونما من الأراضي الزراعية .وفي مقابل ذلك، فان مزارعون وفلاحون في المحافظة ما زالوا متخوفين من استمرار أزمة المياه وما يمكن أن تخلفه من آثار مأساوية على الواقع الزراعي في المحافظة.
واوضح الفلاح حسن الجنابي من ناحية الاسكندرية أن آلاف الدونمات من الاراضي الزراعية في الناحية تعاني الجفاف منذ عدة سنوات من دون ان تمتد لها يد المساعدة والإنقاذ من قبل المسؤولين في الحكومة باستثناء بعض المبادرات التي تضمنت توزيع مرشات زراعية بأعداد محدودة لا تكفي لارواء جميع المساحات الصالحة للزراعة.
ومثل الجنابي المئات من الفلاحين الذين أصابتهم آثار الجفاف السلبية فراحوا يفكرون بهجرة اراضيهم والبحث عن عمل في المدينة ، ما يشكل هجرة جماعية تعيد الى الاذهان الهجرات التي عرفها العراق في خمسينيات وستينيات القرن الماضي ، بحسب ما ذكره المزارع باسم المعموري من ناحية النيل القريبة من مدينة الحلة.
وكانت دراسة أجراها مركز حمورابي للدراسات الإستراتيجية في جامعة بابل مؤخرا تتعلق بشح مياه الري قد أشرت جملة من الحلول التي يتوجب على الدولة اعتمادها للتغلب على هذه الشحة لعل في مقدمتها استحداث قنوات لنقل المياه في المناطق التي تعاني الجفاف وإعادة تأهيل قنوات الري المبطنة واعداد خطة عادلة ومحكمة لتوزيع المياه بين المحافظات وبين المناطق المختلفة في محافظة بابل، فضلا عن ضرورة إدخال الفلاحين والمزارعين بدورات مكثفة لتدريبهم على استخدام منظومات الري الحديثة كي يتمكنوا من استثمار ما تسلمه البعض من هذه المنظومات.
زراعة بابل مهددة بالانقراض.. والسبب شح المياه
نشر في: 22 نوفمبر, 2012: 08:00 م