TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > تقييم الجهود الدولية لمكافحة التغيرات المناخية المتفاقمة

تقييم الجهود الدولية لمكافحة التغيرات المناخية المتفاقمة

نشر في: 2 سبتمبر, 2023: 11:51 م

د. كاظم المقدادي

(3 – 3)

الملاحظ ان مؤلفي التقرير قد مزجوا بين التخويف من مشهد كارثي مستقبلا في حالة بقاء الوضع على ما هو عليه، وبين وجود أمل كبير في التعافي- إذا تمكنت دول العالم من توفير الشروط الضرورية لتحقيقه، منبهين الى ان العشرية الحالية مقبلة على مرحلة جد حاسمة،

وفي غاية الأهمية، من أجل تحديد وجهة السفينة وقيادتها نحو برّ الأمان، مستعرضبن العديد من النشاطات والسياسات التي يمكن اعتمادها وتسريع تنفيذها لتحقيق كل ذلك.وضرورة الاعتماد على البحوث العلمية والمعارف التقليدية لإرساء سياسات التأقلم مع التغيرات المناخية والتخفيف منها.

وبناءً على التزامات الدول بشأن الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري،توقع معدو التقرير أن يتجاوز العالم عتبة الدرجة ونصف الدرجة خلال القرن الحادي والعشرين، وسيكون من الصعب منع تجاوز عتبة الدرجتين. بالإضافة إلى ذلك هناك فجوات عميقة بين الالتزامات والسياسات وبين الإجراءات الفعلية، مما يزيد الوضع سوءًا.

وأكدوا على وجوب خفض الانبعاثات عاجلآ، وتقليصها إلى النصف تقريبا بحلول عام 2030، وأهمية التخلي عن الوقود الاحفوري، وإزالة الكربون، للحد من ارتفاع درجة الحرارة، وصولآ لمستقبل أمن يواجه تغير المناخ، داعين الى التوجه نحو أنماط الحياة "منخفضة الكربون"،الذي من شأنه تحسين الصحة والرفاهية، منبهين الى ان بلوغ ذلك يتطلب الكثير من الجهود وخاصة تمويل مكافحة التغيرات المناخية، ومتطلبات التخفيف والتكيف.

وركزوا على أهمية بناء المرونة، للتكيف مع التغيرات المناخية السلبية المسببة للكثير من الخسائر والاضرار. وحذروا من أن إدارة المخاطر تصبح أكثر صعوبة إذا رافقتها أحداث سلبية أخرى، مثل الأوبئة و النزاعات.

وبين التقرير إن اتخاذ الإجراءات الصحيحة الآن يمكن أن يؤدي إلى التغيير التحويلي اللازم لإقامة عالم مستدام ومنصف، لاسيما وان قرابة 3.5 مليار نسمة تعيش حاليًا في مناطق شديدة التأثر بتغير المناخ ويعاني ملايين الأشخاص من انعدام الأمن الغذائي والنقص بالمياه.ويؤثر الاحترار أيضًا على صحة الإنسان ورفاهه مما يؤدي إلى زيادة معدلات الاعتلال والوفيات والأضرار الاقتصادية.

من هنا، يكتسي في هذا العقد التعجيل بالإجراءات الرامية إلى التكيّف مع تغيّر المناخ أهمية أساسية لسد الفجوة بين مستويات التكيّف الحالية ومستويات التكيّف المطلوبة. وفي الوقت نفسه، يتطلب إبقاء مستوى الاحترار العالمي دون 1.5 درجة مئوية، وإحداث تخفيضات سريعة وحادة ومستديمة في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في كل القطاعات.

الحل الآني المطروح

قدم التقرير تقييمًا أكثر تفصيلاً لتغير المناخ ومعلومات واسعة النطاق، مركزاً على المعلومات المفيدة التي يمكن الاسترشاد بها في عملية تقييم المخاطر والتكيف والتخفيف وغيرها من العمليات المستخدمة في صنع القرار، لتشكل إطار عمل جديد يساعد في تفسير التغيرات الحادثة في الحرارة والبرودة والأمطار والجفاف والثلوج والرياح والفيضانات الساحلية وغيرها على المجتمع والنظم الإيكولوجية المختلفة، و لتمكين التنمية القادرة على التكيف مع تغير المناخ، وإعتبارالإجراءات العاجلة ضرورة حتمية لمواجهة المخاطر المتزايدة، مؤكداً ان موجات الحر، والجفاف، والفيضانات، تتجاوز حالياً قوة تحمل النباتات والحيوانات، وتؤدي إلى موت أعداد هائلة من أنواع النباتات والحيوانات مثل الأشجار والشعاب المرجانية. وتحدث ظواهر الطقس المتطرفة هذه في آن واحد، فتتسبب في تأثيرات متعاقبة تزداد إدارتها صعوبة وتعرض ملايين الأشخاص لانعدام الأمن الغذائي والمائي الحاد، ولا سيما في أفريقيا وآسيا وأمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية والجزر الصغيرة وفي المنطقة القطبية الشمالية.

وأكد معدوه أن وتيرة وحجم ما تم إنجازه حتى الآن، والخطط الحالية، غير كافيتين لمعالجة تغير المناخ.

وأن التقدم المحرز في التكيّف حتى الآن غير منتظم، وأدى إلى اتساع الفجوة بين الإجراءات المتخذة وما هو مطلوب لمواجهة المخاطر المتزايدة، وبخاصةٍ في صفوف الفئات السكانية المنخفضة الدخل.

ونبه العلماء الى إحتمال ان لا تكون كل هذه الإجراءات كافية وسنضطرّ إلى الاعتماد على امتصاص غازات الاحتباس الحراري من الهواء وتطوير تقنيات التحكم في المناخ.ويتطلب التعامل مع تغير المناخ تعبئة جميع قطاعات المجتمع البشري والقيام بالتعاون بينها، والالتزام السياسي، والتمويل، وتطوير التقنيات الجديدة وودّيّة للبيئة وإلى جانب التغيير العميق في السلوك الفردي والجماعي والحكومي بما في ذلك التعاون الدولي.

ولن يتم مثل هذا التغيير إلا بالتعبئة الواسعة من خلال التربية والتعليم واستخدام الآليات التنظيمية والاقتصادية.

وإقتراناً بما مر، إعتبرت IPCC ان الحل المطلوب الآني والملح يكمن في التنمية المقاومة للمناخ. وهذا ينطوي على تكامل التدابير للتكيف مع تغير المناخ، مع إجراءات لتقليل، أو لتجنب، انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، بطرق توفر فوائد أكبر. فعلى سبيل المثال:

ان الوصول إلى الطاقة النظيفة والتكنولوجيات يحسن الصحة، وخاصة بالنسبة للنساء والأطفال؛ وستؤدي عمليات إنتاج الكهرباء منخفضة الكربون، والمشي، وركوب الدراجات، والنقل العام، الى تحسين جودة الهواء، وبالتالي تحسين الصحة، وتوفير فرص العمل، وتحقيق العدالة.

وستكون الفوائد الاقتصادية لصحة الناس من تحسين جودة الهواء وحدها تقريبًا نفسها، أو ربما تكون أكبر، من تكاليف تقليل الانبعاثات أو تجنبها فيما بعد.

وأكد التقرير التقويمي ان الطريق واضح للمضي قدماً، منبهاً في ذات الوقت بأن التنمية المقاومة للمناخ تصبح أكثر صعوبة مع كل زيادة في الاحترار.وهذا هو السبب في أن الاختيارات التي ستُتخذ في السنوات القليلة المقبلة ستلعب دورًا حاسمًا في تقرير مستقبلنا ومستقبل الأجيال القادمة.ولكي تكون هذه الخيارات فعالة، يجب أن تكون متجذرة في قيمنا المتنوعة، وفي وجهات نظرنا للعالم، وفي معارفنا، بما في ذلك المعرفة العلمية، والمعرفة الخاصة بالشعوب الأصلية، والمعرفة المحلية. ومن شأن هذا النهج السليم ان يُسهل التنمية المقاومة للمناخ، ويسمح بحلول مناسبة محليًا ومقبولة اجتماعياً.

تساؤلات اَنية وملحة

الكثير من المشاكل البيئية الساخنة، وفي مقدمتها كيفية الحد من تغول التغيرات المناخية، ولماذا فشلت خطة الحد من ظاهرة الأحتباس الحراري، إضافة الى مطلب العدالة المناخية، وعدم وفاء الدول المتقدمة بإلتزاماتها بتقديم 100 مليار دولار سنويا لتمويل مكافحة تغير المناخ، وضرورة تفعيل صندوق " الأضرار والخسائر" الذي أنشأهCOP 27 في شرم الشياخ لدعم الدول النامية المعرضة بشكل خاص لمواجهة التداعيات الخطيرة الناجمة عن تفاقم ظاهرة تغير المناخ، والذي لم يتضح بعد كيفية تفعيله، ولا الدول التي ستدفع الأموال،ولا كيفية تحديد أي الدول معرضة للخطر وتستحق تلقي الدعم المالي من الصندوق، فضلا عن عدم تحديد مقدار الأموال التي سوف تُدفع، الخ، والتي للآن لم تحسم بعد.. كل هذه وغيرها من القضايا الهامة،الآنية والملحة، مطروحة وبإلحاح على المؤتمر الأممي للمناخ (COP28) في دبي..

فهل سيسجل المؤتمر نقلة نوعية تميزه عن المؤتمرات الـ 27 السابقة، وينجح بتحقيق طموحات شعوب العالم، وفي مقدمتها وضع الحلول الجدية، المقرونة بتوقيتات محددة قصيرة الأجل، وبإجراءات عاجلة وفعالة وإلزامية، تسري على جميع الأطراف وتنصف المجتمعات الأكثر تضرراً من التغيرات المناخية؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: حدثنا نور زهير!!

وراء القصد.. ولا تيفو.. عن حمودي الحارثي

فشل المشروع الطائفي في العراق

شعراء الأُسر الدينية.. انتصروا للمرأة

العمودالثامن: فاصل ونواصل

العمودالثامن: حين يقول لنا نور زهير "خلوها بيناتنه"!!

 علي حسين إذا افترضا أن لا شيء في السياسة يحدث بالمصادفة، فإنه يفترض أن نوجه تحية كبيرة للذين يقفون وراء كوميديا نور زهير الساخرة ، فبعد أن خرج علينا صاحب سرقة القرن بكامل...
علي حسين

باليت المدى: الرجل الذي جعلني سعيداً

 ستار كاووش كل إبداع يحتاج الى شيء من الجنون، وحين يمتزج هذا الجنون ببعض الخيال فستكون النتيجة مذهلة. كما فعل الفنان جاي برونيه الذي أثبتَ ان الفن الجميل ينبع من روح الانسان، والابداع...
ستار كاووش

صحيفة بريطانية: قائد اركان الجيش الأمريكي يزور دولتين عربيتين لاقامة "تحالف" ضد ايران

متابعة/ المدى كشفت صحيفة تريبيون البريطانية، اليوم السبت، عن وصول قائد اركان الجيش الأمريكي الجرنال سي كي براون بزيارة غير معلنة الى الأردن لبحث إقامة "تحالف إقليمي" لحماية إسرائيل.  وذكرت الصحيفة، ان القائد الأمريكي...

كلاكيت: ألان ديلون منحه الطليان شهرته وأهملته هوليوود

 علاء المفرجي في منتصف السبعينيات شاهدت فيلمه (رجلان في مأزق) وهو الاسم التجاري له، في سينما النجوم في بغداد، وكان من إخراج خوسيه جيوفاني، ولا يمكن لي أن انسى المشهد الذي يوقظه فيه فجرا...
علاء المفرجي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram