علي حسين البرامج السخيفة في بعض القنوات أصبحت مخيفة ومرعبة، كذب شديد، قسوة بالغة، اجتراء على القانون، احتيال على الناس لأتفه الأسباب، استهانة بالحياة، انتهاك لحرمات الآخرين، لا عقل ولا قلب ولا ضمير.
الأمثلة كثيرة، وبعض القنوات تفزعنا كل يوم ببرامج يشيب لها العقل، فهذا المجتمع الذي نريد له جميعنا الأمن والطمأنينة والسلام وكراهية العنف والدماء، بدأت تغزوه برامج مرعبة،خطيرة لأن الشيء اللافت فيها هو الاستهانة بالقانون،وبمشاعر الناس.البرنامج سيئ الصيت (خل ن بوكا) والذي قدمته قناة البغدادية العام الماضي واثار استياء الرأي العام عادت هذا العام لتقدمه بنسخة تحمل الكثير من الإساءة للمشاعر وأيضاً تحمل الكثير من المخاطر: فنان يوضع من قبل نقطة تفتيش موضع اتهام بمحاولة تفجير عبوة لاصقة، ويبدأ التحقيق معه،كيف حملت سيارتك العبوة؟ لماذا تريد تفجير الفضائية؟ ومقدم البرنامج يحرض نقطة التفتيش والفنان المسكين لا حول ولا قوة له، والجيش الذي يمثل الدولة والقانون يتحول الى جماعة من الجنود تسخر من مشاعر الفنان وسط جو من الرعب.في برنامج يرتكب أشنع جريمة بحق القوات الامنية والمواطنين وهو يصور عدم ثقة الناس بهذه القوات،ويكشف أيضاً صورة لا نتمناها لقواتنا الامنية وهي تسخر من خوف المواطن وتحاول إذلاله. هيبة القانون وأجهزة الامن يجب أن تكون خطاً أحمر، لأن الدول تحكم بهيبتها وليس بجنودها الذين يحاولون اللعب بمشاعر الناس،. الاستهانة بالإنسان العراقي أصبحت هي الظاهرة المميزة في برامج بعض القنوات، لا أحد يخاف، وكثير من القنوات أصبحت أداة استفزاز وتحريض و القانون لا يأخذ مجراه، والعدالة بطيئة جدًا. يتصور البعض أن إضعاف المواطن، أو الهجوم عليه والتشكيك في وطنيته نوع من الطرافة، ولكن للأسف الشديد لا يؤدي ذلك إلا إلى مزيد من التسيب والفوضى التي تغذيها مثل هذه القنوات السيئة السمعة.ان اهانة الناس واللعب بمشاعرهم جريمة، يحاسب عليها القانون. وهذا البرنامج يرتكب هذه الجريمة بكل بساطة، فكيف تسوغ وسيلة إعلامية لنفسها ارتكاب مثل هذا الفعل الشنيع؟ وكيف سمحت الجهات الرسمية ببث مثل هكذا برنامج، وكيف وافقت الأجهزة الأمنية على أن يُستغل عدد من أفرادها في الإساءة إلى القانون وبث الرعب في النفوس؟! أننا بحاجة الى برامج تعيد إحياء القيم والمٌثل والمبادئ التي ضاعت في زحام فضائيات السحت الحرام، فانصرف الناس هائمين على وجوههم، من دون أن يدركوا أن القيم هي مفتاح التقدم. نعم.. مثل هذه البرامج الشاذة قليلة، ولكنها غريبة على المجتمع وتثير الخوف في النفوس، الخوف من أن يتحول القانون والأمن إلى لعبة بيد أطفال لم يبلغوا سن الرشد بعد.
العمود الثامن :خل ن بوكا..وقنوات السحت الحرام
نشر في: 18 أغسطس, 2010: 08:29 م