ترجمة: حامد أحمد

تناول تقرير لمعهد الشرق الأوسط للدراسات في واشنطن حالة النشاط الدبلوماسي المتبادل الذي شهده الأسبوع الماضي بزيارات متبادلة لمسؤولين بين العراق وتركيا تركزت مجملها على صادرات النفط وأزمة المياه في العراق فضلا عن موضوع تواجد مجاميع حزب العمال الكردستاني البه كاكا في شمالي العراق

حيث كان هذا النشاط ممهدا لزيارة متوقعة للرئيس التركي الى العراق والتي تتوقع مصادر عراقية ان تحصل في ايلول الحالي، مبينا بانها قد تؤدي في النهاية لاتفاق البلدين على سبل يمضيان بها قدما لوضع حلول لهذه المشاكل الشائكة.

وكان وزير خارجية تركيا ووزير الطاقة التركي قد زارا العراق الأسبوع الماضي في حين قام بالمقابل وزير النفط العراقي بزيارة انقرة وشملت الزيارة كل من بغداد واربيل وانقرة. ويشير التقرير الى ان حصيلة هذه الزيارات لم تكن مبهرة ومثيرة، وان البيانات العامة لم تقدم أفكارا جديدة واقتصرت على تأكيدات لمواقف راسخة مزمنة ومطالب وتعبيرات عن آمال مستقبلية. ولكن هناك فرصة للعراق بان يدرس ويمحص الأمور ويحسن موقفه بالتساوم، على الأقل فيما يتعلق بمشكلة تصدير النفط والمياه وامور اخرى.

الموضوع الأول تعلق بسعي بغداد واربيل لاستئناف صادرات النفط من كركوك ومنطقة الإقليم عبر خط أنبوب العراق – تركيا والتي توقفت منذ آذار وكلفت العراق كثيرا من خسارته لمبالغ بمليارات الدولارات كانت تعتبر ضرورية لدعم تنفيذ ميزانيته لعام 2023 البالغة 150 مليار دولار والتقليل من نسبة العجز فيها البالغة 48 مليار دولار.

الموضوع الثاني الشائك بالنسبة للعراق هو موضوع المياه. حيث تعيش البلاد حاليا تبعات سنة جفاف أخرى تمثلت بجفاف بحيرات ومسطحات مائية كبيرة في الاهوار بينما تتضاءل مناسيب تدفق المياه لنهري دجلة والفرات من منابعها في تركيا تجاه العراق وكذلك من انهار في ايران، مما دفع ذلك العراق الى اتخاذ إجراءات يائسة مثل نصب مضخات جديدة لاستخراج مياه من مساحات ميتة بحثا عن مياه جوفية على امتداد النهرين.

ويشير التقرير الى ان وضع قضية المياه مرهق اكثر خصوصا مع الأنهر والروافد النابعة من ايران مثل الزاب الصغير الذي حجبت ايران جريانه للعراق على مدى أسابيع، وكذلك نهر الفرات الذي يقول عنه مسؤولون في موارد العراق المائية بانه على وشك ان يجف قبل ان يتمكن من الالتقاء بنهر دجلة في منطقة القرنة في البصرة. وفي تموز ذكر مكتب منظمة الأغذية والزراعة، الفاو، في العراق في تقرير له بان مقياس عمق نهر الفرات في الناصرية هبط الى مجرد 56 سم فقط مما تسبب ذلك بجفاف ما يقارب من 90% من مياه الاهوار هناك.

اما الموضوع الثالث الذي تضمنه جدول اعمال مباحثات المسؤولين فهو موضوع أمني يتعلق بشكل خاص بتواجد مجاميع قوات حزب العمال الكردستاني، البه كاكا، على أراضي عراقية ممتدة من إقليم كردستان في السليمانية الى الشرق في جبال مخمور وشمالا الى جبال قنديل وعلى امتداد الطريق الى منطقة سنجار قرب الحدود السورية غربا.

وكانت تركيا قد شنت ضربات جوية ضخمة لاضعاف البة كاكا داخل العراق وتصر على ضرورة ان تتخذ بغداد واربيل اجراء وموقفا لانهاء "فايروس" البه كاكا، حسب منظور انقرة، الذي بدأ ينتشر على امتداد مئات الاميال من حدودها الجنوبية. ولدى العراق مشاكله الخاصة ايضا مع مجاميع البه كاكا الذي تسبب تواجده والمنضوين بصفوفه في حدوث تحركات واجراءات عسكرية تركية القت بظلالها على زعزعة استقرار منطقة سنجار غربي محافظة نينوى.

وتمثل موقف بغداد بتقديم وعود لتركيا بانها ستمنع استخدام أراضيها لشن هجمات على تركيا، في إشارة للعمليات التي تنفذها مجاميع البه كاكا، ولكنها دعت تركيا الى ان تتجنب اتخاذ إجراءات عسكرية من جانب واحد فقط، مما قد يشكل ذلك ارباكا لكل من أربيل وبغداد.

ويشير التقرير الى انه لم يتحقق هناك تقدم أيضا بخصوص قضية المياه. رئيس الوزراء العراقي، شياع السوداني، استبشر خيرا بتوقيع اتفاقية جديدة مع تركيا لتأسيس لجنة دائمة مشتركة مع الجانب التركي في العراق بشأن المياه. ولكن هذه الاتفاقية تعتبر ضئيلة جدا امام الازمة الكبيرة التي يواجهها البلد التي ألقت بظلالها على الجانب البيئي والاقتصادي والاجتماعي، آخذين بنظر الاعتبار مدى قصور تركيا في تلبية التزاماتها بهذا الجانب خصوصا وان اتفاقية مماثلة كانت قد عقدت مع تركيا في العام 2021 خلال ولاية رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي .

ويذكر التقرير ان معالجة وتلبية احتياجات العراق الملحة من المياه تخلق ظروفا ملائمة لإشراك شركات تركية لتحديث أنظمة الري في العراق تعود بالمنفعة للبلدين المتشاطئين..

عن: معهد دراسات الشرق الأوسط في واشنطن