TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > قرار المحكمة الاتحادية العليا لم يمس الحدود الدولية لخور عبدالله

قرار المحكمة الاتحادية العليا لم يمس الحدود الدولية لخور عبدالله

نشر في: 9 سبتمبر, 2023: 11:09 م

د. اسامة شهاب الجعفري

-قراءة قانونية-

الحكم بعد دستورية قانون رقم (42) لسنة 2013 المتضمن تصديق الاتفاقية بين حكومة جمهورية العراق ودولة الكويت بشأن تنظيم الملاحة في خور عبد الله. كان هذا نص الفقرة الحكمية لقرار المحكمة الاتحادية العليا بالدعوى رقم (105 وموحدتها 194/اتحادية/2023 بعد الطعن بقانون تصديق هذه الاتفاقية,

وقدمته وسائل الاعلام على انه الغاء للحدود بين الدولتين وعدم اعتراف من جانب العراق وبقرار قضائي بالحدود الدولية بين العراق والكويت في خور عبدالله التي رسمتها لجنة الامم المتحدة المكلفة باعادة ترسيم الحدود بين البلدين والمشكلة بقرار مجلس الامن رقم 687 لسنة 1991, و الذي اصبح «خور عبدالله» بموجب قرار المحكمة الاتحادية ملكاً خالصاً للعراق وبقرارها الاحادي والانفرادي. ثم ما لبثت ان تضخمت المشكلة بين العراق والكويت مسببة ازمة سياسية. فوجدت المحكمة الاتحادية العليا نفسها امام تحريف لحقيقة قرارها .

ان القراءة السياسية للقرارات القضائية دائماً ما تشوه وجه الحقيقة القضائية, وتأخذ القرارات القضائية باتجاهات براغماتية سياسية التي لا يؤمن بها القانون والقضاء, وبقراءة قانونية متأنية لا تجتزأ من الحقيقة شيء , نجد ان المحكمة الاتحادية العليا بقرارها هذا لم يمس اصلاً موضوع الحدود البحرية في خور عبدالله والمرسومة بقرار مجلس الامن رقم 833 لسنة 1993 من قبل لجنة الامم المتحدة المشكلة بقرار مجلس الامن رقم 687 لسنة 1991 وذلك لان اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبدالله هذه لم تكن هي الاساس القانوني لاعتراف العراق بالترسيم الجديد للحدود التي جاءت تحت مظلة الشرعية الدولية. والاساس القانوني الذي الزم العراق نفسه بالحدود التي رسمتها لجنة الامم المتحدة كان قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 200 لسنة 1994 والمنشور في جرية الوقائع العراقية رقم 3537 في 10/11/1994 الساري المفعول الذي امتثل العراق بموجبه لقرار مجلس الامن التابع للامم المتحدة رقم 833 لسنة 1993 واعترفت جمهورية العراق بالحدود الدولية بين العراق والكويت كما رسمتها لجنة الامم المتحدة المكلفة بترسيم تلك الحدود والمشكلة بقرار مجلس الامن رقم 687 لسنة 1991 واعلن احترامه لحرمة تلك الحدود والتي من ضمنها حدود “خور عبدالله” الذي قسمته نصفين بين العراق والكويت بشكل دقيق من عمود 136 ولغاية عمود رقم 162واصدرت الخرائط والرسومات بشأن ذلك لكلا الطرفين وتوجد نسخ منها في المكتبة الرقمية لمقر الامم المتحدة يمكن الرجوع اليها, فاصبح الوصف القانوني الدولي لـ”خور عبدالله” منفذاً بحرياً مشتركاً بين جمهورية العراق ودولة الكويت, ولا جدال على هذا الوصف ولا اعتراض لانه اصبح حقيقة قانونية دولية معترف بها بين البلدين والمجتمع الدولي, وهذا مالم تتطرق اليه المحكمة ابداً.

وبما ان “خور عبدالله” اصبح ممراً بحرياً مشتركاً بين العراق والكويت فان الدول عادة تدخل في معاهدات ثنائية لتنظيم الملاحة في هذا المنفذ المشترك فجاءت اتفاقية تنظيم الملاحة بين العراق والكويت بهذا السياق. فاقتصر موضوع هذه الاتفاقية حصراً في تنظيم الملاحة في “خور عبدالله” القناة البحرية المشتركة ولم ترسم الحدود بين البلدين, وبطلان قانون تصديق هذه المعاهدة لا يشمل قانوناً بطلان ترسيم الحدود التي رسمتها الامم المتحدة فهي باقية والعراق ملتزم بقرارات ترسيم الحدود بموجب قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 200 لسنة 1994 فهو الاساس القانوني لالتزام واعتراف العراق بالحدود مع الكويت ولم تكن اتفاقية تنظيم الملاحة هي من اعترفت بتلك الحدود. فبطلان قانون رقم 42 لسنة 2013 المتضمن تصديق اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله لا يعني الا بطلان التنظيم الاداري للملاحة المشتركة وليس بطلان الحدود المشتركة فيه فهذا البطلان لا يغير من الحقيقة القانونية التي تقضي ان “خور عبد الله” ممراً بحرياً مشتركاً بين جمهورية العراق ودولة الكويت .

ومن هنا فان المحكمة الاتحادية العليا لم تلغي الحدود الدولية بين العراق والكويت ولم تمس حدود “خور عبدالله” الدولية , فهي الجهة الحارسة للدستور والحريصة على الزام السلطة التشريعية والتنفيذية بمراعاة مبدأ حسن الجوار واحترام التزامات العراق الدولية وفقاً للمادة (8) من الدستور العراقي, فلو قُدر وان طعن بقرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 200 لسنة 1994 الذي يعترف بموجبه العراق بحرمة الحدود مع الكويت كما رسمتها الامم المتحدة فإن المحكمة الاتحادية العليا سوف لن تتأخر في الرجوع الى قرارات الشرعية الدولية المتمثلة بقرارات مجلس الامن التابع للامم المتحدة ذات الصلة لتكون سنداً قانونياً لرد مثل هذه الدعوى و الزام السلطات كافة باحترام الشرعية الدولية والتزامات العراق الدولية لان هذا ما قضى به الدستور العراقي النافذ في المادة (8) منه, ونظامه السياسي الجديد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: حدثنا نور زهير!!

وراء القصد.. ولا تيفو.. عن حمودي الحارثي

فشل المشروع الطائفي في العراق

شعراء الأُسر الدينية.. انتصروا للمرأة

العمودالثامن: فاصل ونواصل

العمودالثامن: حين يقول لنا نور زهير "خلوها بيناتنه"!!

 علي حسين إذا افترضا أن لا شيء في السياسة يحدث بالمصادفة، فإنه يفترض أن نوجه تحية كبيرة للذين يقفون وراء كوميديا نور زهير الساخرة ، فبعد أن خرج علينا صاحب سرقة القرن بكامل...
علي حسين

باليت المدى: الرجل الذي جعلني سعيداً

 ستار كاووش كل إبداع يحتاج الى شيء من الجنون، وحين يمتزج هذا الجنون ببعض الخيال فستكون النتيجة مذهلة. كما فعل الفنان جاي برونيه الذي أثبتَ ان الفن الجميل ينبع من روح الانسان، والابداع...
ستار كاووش

صحيفة بريطانية: قائد اركان الجيش الأمريكي يزور دولتين عربيتين لاقامة "تحالف" ضد ايران

متابعة/ المدى كشفت صحيفة تريبيون البريطانية، اليوم السبت، عن وصول قائد اركان الجيش الأمريكي الجرنال سي كي براون بزيارة غير معلنة الى الأردن لبحث إقامة "تحالف إقليمي" لحماية إسرائيل.  وذكرت الصحيفة، ان القائد الأمريكي...

كلاكيت: ألان ديلون منحه الطليان شهرته وأهملته هوليوود

 علاء المفرجي في منتصف السبعينيات شاهدت فيلمه (رجلان في مأزق) وهو الاسم التجاري له، في سينما النجوم في بغداد، وكان من إخراج خوسيه جيوفاني، ولا يمكن لي أن انسى المشهد الذي يوقظه فيه فجرا...
علاء المفرجي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram