 ترجمة / حامد أحمد

في منطقة مرتفعة عند أحد اودية جبال إقليم كردستان، يمتد هناك حقل واسع لمحصول أوراق التبغ قارب الان من موعد حصاده. وبينما بدأت حرارة شمس الصيف بالانخفاض واقتراب موسم الخريف، فان أوراق التبغ الخضراء الشاحبة بدأت تميل إلى اللون الأصفر لتكون جاهزة بعد تجفيفها وغربلتها للتسويق أو بيعها لمعامل تصنيع السكائر.

بعد أيام قليلة يستعد صاحب الحقل، ستار احمد سليمان 40 عاما، هو وافراد عائلته وجيرانه أيضا الى ان يقوموا بحصاد أوراق التبغ وينشروها على مساحة أرضية صغيرة فوق الواح خشبية ليتم تجفيفها تحت اشعة الشمس.

ويشير التقرير الذي اعده موقع، المونيتر، الإخباري الى ان محصول التبغ كان يشكل سابقا جزءا مهما من موارد الاقتصاد في الإقليم ، فهو يجهز مصانع سكائر حكومية في أربيل والسليمانية وكذلك السوق المحلية لتصنيع سكائر محلية تلقى رواجا في واقبالا في السوق، اما الان فان زراعة التبغ تشهد بعض الانحسار في الإقليم. ويضيف التقرير بان مزارعين قلة فقط الان من بقوا مداومين على زراعة محصول التبغ في مزارع صغيرة مخصصة لها في اودية مناطق جبلية حول منطقة سوران ورانيا، مشيرا الى ان مصنع سكائر السليمانية الضخم كان قد أكمل تغليف آخر علبة سكائر له في العام 2005، وتحول بعد اغلاقه الى معرض لأعمال فنية ومساحة لفعاليات ثقافية.

يقول صاحب مزرعة التبغ، سليمان، الذي يعيش في قرية خانكه 80 كم شمال شرق أربيل "نحن مستمرون على زراعة التبغ لأننا نعرف كيفية مداراته وكيفية حصاده وتحضيره".

العام الماضي باع جزء مما حصده مقابل عشرة آلاف دينار للكيلو غرام الواحد وانه تلقى سعرا اقل في سوق بيع الجملة، ويقول انه لديه الان رزم من التبغ محفوظة ينتظر بيعها بسعر مناسب هذا العام.

ويضيف سلمان بقوله "حقول واسعة كانت تستخدم لزراعة محصول التبغ، اما الان فان مساحات صغيرة فقط تستغل لذلك".

نوري أحمد، 63 عاما صاحب محل تجاري في بازار السليمانية، يتذكر كيف كانت مزارع التبغ منتشرة في كل مناطق كردستان، وانه في فترة الثمانينيات كان يزرع محصول التبغ في حقول تقع في ضواحي مدينة السليمانية، التي تحولت الان الى مجمع عمارات سكنية.

وتأمل حكومة إقليم كردستان تنشيط قطاعها الزراعي كوسيلة لتنويع مصادر اقتصادها المعتمد على النفط. وكان رئيس وزراء كردستان، مسرور بارزاني، قد اطلق مبادرة في العام 2022 لتنويع مصادر الاقتصاد في الإقليم وتقليل الاعتماد على النفط وذلك من خلال دعم المزارعين المحليين، مشيرا الى ان الإقليم يأمل بان يصبح سلة الغذاء للعراق وللمنطقة بشكل عام. وقال بارزاني في بيان نشر بتاريخ 6 كانون الأول 2022 على الموقع الرسمي "نريد ان نساعد وندعم مزارعينا من خط البداية ليتمكنوا من تنمية القطاع الزراعي أكثر ويحولوا منتجاتهم الزراعية الى مصدر دخل ليس لأنفسهم فقط بل للحكومة ومنطقة الإقليم". فرحان عبد القادر، سيقوم بمساعدة جاره سليمان في حصاد محصوله من أوراق التبغ وذلك بعد أيام قليلة. يقول عبد القادر انه شاهد خلال حياته تنوعا في المحاصيل المزروعة في قرية خانكة من تبغ وذرة صفراء ومحصول بذور السمسم، مشيرا الى ان المزارع في القرية اعتادت ان تزرع أصناف متنوعة من التبغ منها غالي الثمن ومنها الأقل ثمنا والتي تلقى رواجا في السوق. يضيف عبد القادر بالقول "ولكننا نواجه منافسة من منتجات زراعية مستوردة رخيصة تأتي من ايران وتركيا، وهذا ما يجعل منتجنا المحلي يواجه مشاكل في تسويقه، وفي أحيان كثيرة يضطر المزارع لعرض منتجه على قارعة الطريق لبيعه الى المارة بسعر مناسب".

وكانت السوق العراقية قد انفتحت للعالم الخارجي بعد الغزو الأميركي للبلد عام 2003 ، وغمرت الأسواق بأنواع عديدة من المنتجات الزراعية والصناعية قادمة من بلدان مجاورة لا سيما السكائر وأنواع التبوغ المختلفة التي بدأت بمنافسة المنتوج المحلي .

يذكر ان موسم زراعة محصول التبغ في مزارع إقليم كردستان يبدأ مع بداية شهر آذار ويتم سقي نبات التبغ بشكل دوري حتى نهاية فصل الصيف وبداية الخريف حيث موعد الحصاد وقطع الأوراق وتجميعها ثم تعريضها لأشعة الشمس حتى تجف لتصبح جاهزة لبيعها في الأسواق.

عن المونيتر