طالب عبد العزيز
قبل وقوع الهزات (الخفيفة) في مدن اربيل وكركوك ودهوك الاخيرة كان أحد خبراء الارصاد الزلزالية الهولندية قد تحدث عن أحتمال حدوث الهزات هذه في العراق، لكنَّ الرأي الشعبي سخر من ذلك، ووصفه البعض بأنه ابو علي الشيباني، وبعيداً عن الرأي الشعبي هذا نقول: هل لدينا حكومة تعي ما يمكن حدوثه؟ وهل يمكننا أن نتحدث عن استعدادات حكومية في حال وقوع شيءٍ من هذه؟
لانريد أن نقلل من قيمة النخوة الشعبية العراقية ولا من الامكانيات المالية العظيمة عند الحكومة فهي كبيرة جداً، لكننا، نريد أن نتحدث عن استعدادت فرق الطوارئ، ومستلزمات الانقاذ من آليات واجهزة ومتدربين ووو والاخذ بنظر الاعتبار لمثل التصريحات تلك، فالمتغير المناخي يضرب باطنابه في امكنة مختلفة، ويهدد مدناً كانت آمنةَ ذات يوم، وما تجربة المغرب وليبيا عنا ببعيدة، فضلاً عن ما حدث في شتاء العام الماضي لتركيا وسوريا من خراب ودمار ومآس انسانية.
تفيد التقارير العلمية بأنَّ مدناً ساحلية في اليونان ومصر وامريكا وجنوب شرق آسيا بضمنها البصرة ستختفي نهائياً، في حدود العام 2030 القادم، ستغمرها مياه البحر، وهناك تأكيدات تطالعنا الصحف بها بين آونة وأخرى، والامر يحمل على محمل الجدِّ لا على محمل التنبؤات والاخيلة، ترى، ما الذي يمكن أن نعرفه عن استعدادات حكومتنا في حال وقوع ذلك، وما الاجراءات التي يمكن اتخاذها لمعالجة أمر كهذا؟ وما الجهد والمال المرصودان، وما مصير الملايين التي ستتعرض للطوفان هذا، لأنَّ الحال واقع كما يراه هؤلاء، وما تتحدث عنه طواقم الارصاد في العالم تيختلف عمّا مرسوم في وسائد أحلام قادتنا من دنانير وطيور وفراشات.
نعرف جيداً أنْ لا علماء حقيقيون في جامعاتنا، ولا خبراء أكفاء بالمال لدينا، فعلماؤنا الافذاذ غادروا البلاد، وتشردوا في الاصقاع، وخبراء المال منشغلون في مراكمة ثرواتهم، خارج العراق، أو غسلها في مشاريع العقارات والمولات وصالونات التجميل، وهم مجتمعون غير معنيين بقضية مثل ارتفاع درجات الحرارة في العراق، التي تجاوزت معدلاتُها التقليدية خطوطَها الحمراء، ولا يعنيهم الحديث القائل بأنَّ البصرة لن تكون مكانا صالحاً للعيش خلال السنوات العشر القادمة، مع أنَّ ذلك كله يقع ضمن التقارير العلمية، التي تؤكد ما سيحدث، فهي لا تبحث في الغيب، وما ذلك بكهانة، ولن يدفع الدعاء حقيقة ما سيحدث، لقد حسم العلم شؤون الحياة، فمعالجة التصحر لا تحلُّ بصلاة الاستسقاء التي دعا لها مدير دائرة "البستنة والغابات" في العراق، حاتم كريم.
يكشف مرصدُ الرصد الزلزالي عن طبيعة التغييرات المناخية التي يشهدها العالم وعن ووقوع العراق على حدود إيران التي تعتبر من أنشط المناطق الزلزالية في العالم، وتسجل اجهزته ارتفاعاً ملحوظاً في النشاط الزلزالي بعدد من مناطق العراق، ويرجّح حدوث هزات في المنطقتين الشمالية والجنوبية خلال المرحلة المقبلة، هكذا، يجري الحديث عن منقلب في الطبيعة بكاملها، فالارصاد العالمية لا تستبعد حدوث تغيرات جغرافية في اليابان والمحيط الهادئ بسبب الهزات الارضية الاخيرة، وما نحن عن ذلك بمبعدين.
يبدو أنَّ انشغالنا بالهزات السياسية القادمة، ومصير الانتخابات في المدن ومجالس المحاافظات وقضايا الفساد المالي والاداري وتوزيع الثروات والمغانم ومن سيستولي على نفط كركوك ووو أكثر أهمية من حديث الزلازل واختفاء المدن وموت الملايين.