علاء المفرجي
- 2 -
يشير ارشيف السينما الامريكية إلى ان أول فيلم من هذا النوع يعود تاريخه الى العام 1897 من خلال مدة صمت السينما، وقد تنوعت هذه الأفلام بتنوع موضوعاتها وأساليبها وحتى أنواعها، من الدراما الى الكوميديا الى والأكشن الى الوثائقية،
وايضاً برؤى مخرجيها لما يمكن ان تكون عليه إدارة البيت الأبيض، في وقت احتكمت هذه الأفلام للظرف التاريخي الذي صنعت فيه واختلفت الطريقة التي تناولت فيها السينما هذه الشخصية تبعاً لطبيعة موضوعاتها، خاصة انها كانت تستقطب نسبة مشاهدة عالية، بسبب نقلها صورة محجوبة في الأغلب للرأي العام متمثلة في طبيعة عملها، وطريقة ادارتها للأمور وأيضاً ما خفي من حياتها الخاصة، وانطلاقاً من حرية السينما في تناول هذه الشخصية فانها أدخلت سبعة رؤساء سود الى البيت الأبيض، قبل أن يحدث ذلك حقيقة بدخول باراك أوباما كرئيس أسود اليه، آخر فيلم اعتمد هذا الموضوع هو فيلم (W) للمخرج الكبير أوليفر ستون، الذي يتناول شخصية الرئيس جورج بوش في سدة الحكم (الفيلم عرض أول مرة قبل ثلاثة اسابيع من انتهاء ولايته)، ويعد أوليفر ستون أحد أهم الاسماء في صناعة الفيلم الآن بحصوله على ثلاث من جوائز الأوسكار، مرتان كأفضل مخرج ومرة كأفضل سيناريست، وعرف عنه خروجه على السائد وتمرده على سطوة الخطاب الهوليودي منذ انطلاقته بدايات سبعينيات القرن الماضي بسبب ليبراليته ووقوفه ضد واقف الإدارة الرسمية خاصة بشقها الجمهوري، المتتبع لمسيرة ستون السينمائية عبر ما يقرب من أربعة عقود، يتلمس اشتغاله فيما يعرف بسينما القضية، من خلال معالجته طبقاً لوجهة نظره وموقفه السياسي من كثير من القضايا الكبرى في التاريخ السياسي الامريكي المعاصر، النظرة المغايرة لخلفيات حرب فيتنام، كانت موضوعاً لفيلمين هما (بلاتون) و(ولد في الرابع من تموز) الذين نال عنهما أوسكاري أفضل مخرج، وتداعيات اغتيال جون كيندي بقراءة تخالف التقرير الرسمي للحادث في فيلم (جي أف كي) واستقالة ريتشارد نيكسون على خلفية فضيحة ووتر غيت في فيلم (نيكسون) وليس انتهاءً بفيلم (مركز التجارة العالمي) الذي يتناول جانباً من أحداث اعتداء 11/ أيلول يتعلق ببطولات رجال الانقاذ بعد الحادثة، وحتى في تناوله سير الشخصيات السياسية المعاصرة- هو الموضوع المفضل لعدد من أفلامه- التي قدمها بغير الصورة النمطية التي درجت المؤسسة الرسمية الامريكية على تقديمها، كما مع أفلامه الوثائقية عن ياسر عرفات وفيدل كاسترو، وفي الطريق تشافيز وأحمدي نجاد، في فيلم دبليو تعاطى ستون مع شخصية بوش باسلوب كوميدي يصل احياناً الى حد السخرية، واللقطات التي يستهل بها الفيلم وتكرر اكثر من مرة على مدار ساعتين -مدة عرض الفيلم- والتي تظهر عشق بوش للعبة البيسبول وبأوضاع مختلفة، تبدو كافية لرسم ملامح عامة لما تبدو عليه مسيرة الرجل، منذ طريقة حياته العابثة في شبابه، وانتهاء باسلوبه كسياسي ورئيس لأكبر دولة في العالم.
واذا كان ستون قد صرح قبل عرض فيلمه بأن مضمونه وأحداثه مأخوذة من مجموعة وثائق ونشرت اكثر من مرة، الا ان ذلك لا يمنع الاسقاط الواضح لقناعاته على سيرة الرئيس، الذي تحول من مدمن كحول ونساء في شبابه الى كرسي الرئاسة في البيت الأبيض، قرار مهاجمة العراق بدعوى حيازته على اسلحة الدمار الشامل من قبل الرئيس وطاقمه.
وخلافاً لفيلمه (نيكسون) و(جي أف كي) اللذين سبر بهما أغوار هذه الشخصيات والأحداث التي عاصرتهما وصولاً للنتائج: الاستقالة في الفيلم الأول، والأغتيال في الفيلم الثاني، فإنه في هذا الفيلم على العكس تماماً يعمد الى تجميع الوقائع التي تخص مسيرة بوش الحياتية والسياسية،