متابعة/ المدى
أعلنت هيئة الأنواء الجوية، عن حالة الطقس للأيام المقبلة، فيما توقعت تصاعداً للغبار وانخفاضاً في درجات الحرارة.
ضربت العراق العام الماضي كتل برتقالية كثيفة من الغبار والرمال غطت أجواء بعض المناطق العراقية، وانخفض مستوى الرؤية بشكل كبير،
فيما غطّت طبقات من التراب السيارات والمنازل.وفي منتصف آذار، أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إطلاق مبادرة تشجير لمكافحة التصحر والعواصف الترابية تتضمّن "زراعة خمسة ملايين شجرة ونخلة في عموم محافظات العراق"، فهل سنتخلص من مشاكل الذرات الغبارية؟
اختناق في العراق
وفي بدء فصل الخريف، تشهد المحافظات العراقية موجات متتابعة من العواصف الترابية، تتركز في محافظات الأنبار ونينوى وأجزاء من محافظات إقليم كردستان، فضلاً عن محافظات صلاح الدين وكركوك والعاصمة بغداد وعدد من المحافظات الجنوبية.
ويشهد العراق في عموم مناطقه وخاصة الغربية منه عواصف ترابية طيلة فصول السنة، بسبب تأثره بتغير المناخ وزيادة الجفاف ومعدل التصحر وقلة هطول الأمطار وضعف الإيرادات المائية، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الغبار وهو ما انعكس على حياة المواطنين، خاصة ممن يعانون من الحساسية والربو والتهاب القصبات الهوائية.وتوقعت وزارة البيئة العراقية ارتفاع نسبة تصاعد الغبار في البلاد من 272 يوما في السنة بالوقت الحاضر إلى 300 يوم حتى عام 2050.
وبحسب المدير العام للدائرة الفنية في الوزارة عيسى الفياض، فإن أهم الأسباب التي أدت إلى تأخر تنفيذ الحزام الأخضر حول المدن هو قلة التخصيصات المالية اللازمة، بالإضافة إلى قلة الموارد المائية التي يجب أن توفر لهذه المساحات الشاسعة بسبب الشح المائي الذي يعاني منه البلد خلال العقد الأخير.
كما أدت العواصف التي شهدتها العاصمة بغداد ومحافظات أخرى في العام السابق إلى دخول الآلاف من المواطنين إلى المستشفيات لتلقي العلاج لإصابتهم بالاختناق ومشاكل في الجهاز التنفسي.
وبحسب إحصائيات أعلنتها وزارة الصحة لتأثير العواصف الترابية فقد سجل العراق حالة وفاة واحدة وأكثر من 5 آلاف حالة اختناق بسبب تعرضه لعاصفة ترابية يوم الخميس الموافق 5 أيار 2022.
فيما أعلنت الوزارة عن ارتفاع عدد حالات الاختناق نتيجة العاصفة الترابية الأخيرة التي بدأت مساء يوم الأحد إلى 4 آلاف حالة تلقى جميعها العناية الصحية.
التغير المناخي
ضربت العواصف الرملية والترابية دولا عربية بوتيرة غير مسبوقة خلال الأسابيع القليلة الماضية، وتسببت بإدخال المئات إلى المستشفيات نتيجة شعورهم بالاختناق ومعاناتهم من مشاكل في التنفس، بالإضافة إلى تسجيل حالة وفاة في العراق.
ويؤكد مدير عام هيئة الأنواء الجوية والرصد الزلزالي، عامر الجابري في تصريحات سابقة، ان التغيرات المناخية، تغيرات عالمية، والبعض منها نتيجة عمل الإنسان. ويقول: إن "العواصف الترابية لا يمكن التنبؤ بها، وما يتم توقعه يجري عن طريق قراءة حالة طقس العراق، وبخاصة خلال الشهرين الرابع والخامس من كل عام، واللذين يبدأ فيهما نشاط المنخفضات والمرتفعات الجوية الموسمية التي تحمل معها كتلاً هوائية دافئة مع الغبار وتساعد على ارتفاع درجات الحرارة، فيما يتم تحديد العواصف عن طريق التوقعات قبل 48 ساعة لغرض الدقة، بسبب التقلبات الجوية".
نصائح
المجلس الأطلسي نشر على موقعه الإلكتروني تقريراً عن تكاثر العواصف الرملية في العراق ما يهدد الحياة في بلاد ما بين النهرين وبلاد الشام. ولفت المجلس الذي يتخذ من واشنطن مقراً ويدرس العلاقات بين الولايات المتحدة وأوروبا الغربية إلى أن ظاهرة العواصف الغبارية، وعلى الرغم من أنها ليست بالجديدة، فإن تواترها وصل لمستويات غير مسبوقة منذ بداية الألفية الثالثة. وقال واضع التقرير، محمد باقر محيي الدين، مدير برامج السياسات لدى مجلس الشؤون العامة الإسلامية، ومقره لوس أنجلوس والخبير في الشأن العراقي، إن العراق كان يشهد عاصفة رملية أو اثنتين خلال الشتاء من كل عام، لكن هذا العام، وقعت 10 عواصف رملية خلال شهري أبريل (نيسان) ومايو (أيار) فقط.وشدد المجلس الأطلسي على أن الظاهرة التي تهدد الحياة في العراق ليست غير مسبوقة، إذ بدأ كثير من الدول المجاورة للعراق بالفعل في معالجة تهديد تغير المناخ. ونصح العراق بالاستفادة من تجارب السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر والجمهورية التركية وغيرها، واستخدام الدراسات المنشورة لمعرفة الأساليب التي قد تكون أكثر فاعلية في معالجة تغير المناخ داخل حدوده. "ولمكافحة تهديد تغير المناخ في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شكل فاعل، من الضروري أن تعمل البلدان المتجاورة معاً لوضع خطة لتغير المناخ تأخذ في الاعتبار حماية سكان المنطقة جميعاً".
مسببات
بينما نقلت الشبكة تصريحات للباحثة البيئية ديانا فرانسيس المتمركزة في جامعة خليفة الإماراتية لدراسة الطقس المحلي، في تقرير اطلعت عليه (المدى)، ان "العواصف الترابية وبعد الدراسات التي أجريت عليها، اثبت انها تقع في منطقة انخفاض حراري تقع في الجبال الشرق جنوبية التركية، وتنتقل الى العراق وسوريا حاملة الاتربة".
وتابعت أن "الانخفاض الحراري في تركيا والذي قوبل بمنطقة ضغط منخفض عبر مد الرياح الغربية قادت الى خلق أجواء بيئية غير مستقرة على الأرض"، موضحة ان "المد الناتج عن المنخفض الحراري قاد الى رياح شديدة حملت معها الاتربة في الشمال العراقي والسوري ونقلته الى باقي مناطق الشرق الأوسط".وبحسب الخبيرة فإن "النتائج المباشرة لتلك العواصف أدت الى ارتفاع في درجات الحرارة بنحو تسع درجات نتيجة لمنع التراب موجات الإشعاع القصيرة من مغادرة الغلاف الجوي للأرض، ودفعها بالموجات الطويلة الى البقاء فترات أطول داخلها"، مشددة على "ضرورة أن تتخذ إجراءات فعلية لمكافحة عملية التصحر التي تؤدي إليها هذه العواصف نظرا لتأثر الكرة الأرضية وبلدانها كافة بأية تغيرات بيئية تطرأ في أي بقعة معينة على الكوكب". وأضافت: "بالاخذ بنظر الاعتبار التطور الاقتصادي الكبير في بلدان الشرق الأوسط والزيادة في عدد السكان، فإن من الضروري أيضا زيادة البحوث فيما يتعلق بهذه الظواهر ومحاولة معالجة تأثيراتها السلبية وخصوصا في مناطق الصحراء العربية ومناطق آسيا".
مكافحة التصحر
ولا يختلف اثنان حول الازدياد في شدة وتواتر العواصف الرملية أو الغبارية، حتى لو كانت الأسباب الدقيقة لذلك محط النقاش. وبالنظر إلى الأضرار التي تحدثها على عدة مستويات فمن الطبيعي أن تظهر بعض الجهود التي تحاول تدارك المسألة وإيجاد سبل استجابةٍ ملائمة لها. إذ شُكِل تحالف الأمم المتحدة لمكافحة العواصف الرملية والغبارية عام 2018 وعقد أول اجتماع له في العام التالي، ويضم مجموعة من المنظمات المعنيّة كالمنظمة العالمية للأرصاد الجويّة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة ومنظمة الصحة العالمي واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر وغيرها. كما لجأت إيران إلى توقيع عدد من مذكرات التفاهم مع مجموعة من الدول في المنطقة لمكافحة هذه الظاهرة، ومنها العراق والكويت والإمارات.
وبحسب الخبراء، فإن هذه الظاهرة المناخية قد تزداد سوءاً في العراق. ومع تراجع الأمطار وارتفاع درجات الحرارة وازدياد التصحر، يعدّ العراق من الدول الخمس الأكثر عرضةً للآثار السلبية للتغير المناخي في العالم وفق الأمم المتحدة.
العراق ومن خلال وزير الزراعة عباس جبر المالكي عقد اجتماعاَ موسعاَ معلنا انطلاق حملة كبرى للتشجير للتقليل من اثار التغيرات المناخية وتأتي بالتناسق مع مبادرة دولة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني الذي أعلن مسبقاَ عن حملة كبرى لزراعة خمسة ملايين شجرة تستهدف جميع أنحاء البلاد.
وقد شدد في الاجتماع على ان معالجة التصحر وزيادة المساحات الخضراء تستوجب تظافر جميع الجهود لغرض زراعة وغرس الشتلات في جميع الدوائر والمساحات ومنها المدارس والجامعات وزيادة التثقيف نحو أهمية التشجير لمكافحة التغيرات القاسية للمناخ وانعكاساته على الواقعين الزراعي والبيئي.
يذكر ان احصائيات دولية، تفيد بأن نسبة تصحر الأراضي المروية في العراق بلغت 71%، بينما في سوريا 17%، وفي تركيا 13%، وفي لبنان 7%، ما يعني أن العراق هو الأكثر فقداناً لأراضيه الزراعية.