TOP

جريدة المدى > سينما > فيلم (العلم) الفلسطيني.. محاولة اصلاح فقدان للذاكرة الجمعية

فيلم (العلم) الفلسطيني.. محاولة اصلاح فقدان للذاكرة الجمعية

نشر في: 20 سبتمبر, 2023: 10:16 م

ترجمة: عدوية الهلالي

من خلال فيلم (العلم)الذي يعرض حاليا في دور السينما الفرنسية، يقوم فراس خوري بإخراج أول فيلم سياسي طويل عن صعوبة تأكيد الذات عندما يكون المرء فلسطينياً في إسرائيل، وهو فيلم كوميدي حلو ومرعن فترة المراهقة كما انه فيلم رقيق ونضالي.

"بداية الحرية هي القدرة على رفع العلم. وقمة الحرية هي القدرة على حرقه" هكذا يخاطب صفوت زميله تامر، وهما اثنين من شخصيات فيلم (العلم).. أول فيلم روائي طويل لفراس خوري. فبداية الحرية هو ما يريده مجموعة من طلاب المدارس الثانوية من خلال استبدال العلم الفلسطيني بالعلم الإسرائيلي على سطح مدرستهم. واليوم المختار ذو ايحاء رمزي، وهو "إحياء ذكرى النكبة،" فهو أيضًا يوم الاستقلال في إسرائيل.

وسينخرط تامر، ميساء، شيكل، صفوت، ورضا، في هذه المهمة شديدة الخطورة لأسباب مختلفة. وبعيدًا عن الطرد الذي سيطال بعض الطلاب، فإنهم يخاطرون بالسجن إذا تم القبض عليهم. فالعلم في هذه المدينة الإسرائيلية التي لم يذكر اسمها أكثر من مجرد قطعة قماش، إنه قضية قتال رمزي، كما أكد المخرج الفلسطيني المولود عام 1982 في عيلبون (إسرائيل): "من الواضح أن هناك مشكلة في المطالبة بوطن فلسطيني الهوية عندما نعيش في إسرائيل". و"بغض النظر عن المكان الذي تدور فيه القصة بالتحديد، فإنها تدور في أي مكان توجد فيه مشكلة في رفع العلم الفلسطيني. ومن خلال رفعه نقول إننا موجودون. "

ولاتتوافق عصابة الفتيان الخمسة مع الصورة المتجانسة التي لدينا عن المقاومة الفلسطينية، يقول المخرج: "أردت أن أظهر وجهات نظر مختلفة وفوارق دقيقة في الشخصيات. ليس الجميع منخرطين في المقاومة، ولا في النضال اليومي ضد الاحتلال. لأن الأشخاص الذين يتعرضون لكارثة أو غزو يستمرون في الغالب في عيش حياتهم. "، وهكذا فإن تامر وشيكل ورضا شباب يهتمون بالمغازلة أكثر من القتال.

وتنضم ميساء، الوافدة الجديدة إلى المدرسة الثانوية الى الشباب الاربعة فهي ذكية، مرحة وشجاعة ولاتسيروفق القوانين التي تمليها السلطة الأبوية، بل وفق قناعاتها الشخصية.يقول عنها خوري: "إن شخصية ميساء تجسد حلمي الخاص،في مجتمع تتاح فيه للمرأة مساحة للتعبير عن نفسها، ويكون لها صوت." وعن المشهد الذي يقوم فيه أحد رفاقها بخفض رأسها في سيارة تكون فيها الراكبة الوحيدة مع أربعة رجال، يقول: "في المجتمع العربي، تعاني النساء من الكثير من القمع "

وهنالك الشاب صفوت، صاحب فكرة رفع العلم والغاضب من مدرس التاريخ الذي ينتقد بشدة نسخة التاريخ المروية في الكتب المدرسية. وتعود جذور غضبه إلى تاريخ عائلته، فقد طُرد أجداده من قريتهم في عام 1948. وهو حدث مستوحى مباشرة من حياة المخرج، يقول: "أنا من قرية كانت ضحية للتطهير العرقي فقد تحولت القرية بأكملها إلى مخيم للاجئين في يوم واحد، وتم إفراغ المدن والقرى الفلسطينية بالكامل من سكانها، الذين انتهى بهم الأمر إلى العمل لصالح الإسرائيليين،في بناء المنازل وفي الحقول. لقد تمكنت أنا وعائلتي من العودة إلى فلسطين وتمكنا من دراسة تاريخ أرضنا، ولكن ليس تاريخ نكبتنا ".. لذا يحاول فيلمه أن يصلح فقدان الذاكرة الجماعي، يقول: "أريد تسليط الضوء على هذه القصة لمواجهتها مع الرواية الوطنية الإسرائيلية، التي تعيد كتابة رواية السكان الذين ما زالوا يعيشون هناك. "

الشاب الاخر هو تامر، هذا المراهق الخجول، غير الواثق من آرائه أو قناعاته، والذي يخاف من السلطات حيث يواجه والدا تامر حادثة شخصية، ويحذران طفلهما باستمرار من التدخل السياسي. فما حدث بعد عام 1948 كان كارثة كبيرة بالنسبة للفلسطينيين: 80‌% من السكان أصبحوا لاجئين؛ أما الـ 20‌% الذين بقوا في فلسطين فكانوا في حالة من الصدمة والخوف. ولم يعرفوا كيف يردون على الاحتلال. "كان الجيل الثاني خائفًا من النظام القائم. ولم يبذل جهداً حقيقياً لمعارضة النظام "كما يوضح فراس خوري.

لكن استسلام الوالدين لم يؤثرعلى الشباب وجرى التعبير عن ثورتهم بشكل مباشر من خلال المظاهرات. ولكن أيضًا من خلال العلامات المنتشرة في كل مكان في المجال الحضري، – من موسيقى الراب إلى "موطني"، وهي قصيدة غنائية تمدح المقاومة الفلسطينية. وتعبر طرق التعبير هذه عن حالتهم الذهنية، بين الغضب والتطلعات:يقول: "اما الجيل الرابع فهو فخور جدًا ولا يخشى مواجهة النظام القائم. وأنا على قناعة بأن هذا الجيل هو الذي سيقود إلى تحرير فلسطين".

ان فيلم "العلم" فيلم سياسي يحمل الكثير من الكوميديا.. إنهم يحملون ثقل التاريخ على أكتافهم، لكنهم يظلون قبل كل شيء مراهقين تتصادم دوافعهم مع عالم البالغين وقواعد المجتمع. يقول: "أردت أن أسلط كاميرتي على هؤلاء الأشخاص الذين نادراً ما يتم تصويرهم في وسائل الإعلام. وأردت أن أظهر للعالم أن هؤلاء المراهقين، الذين اعتدنا على التعامل معهم كأرقام وإحصائيات في الأخبار، لديهم قصصهم الخاصة. وهذه هي الفكرة الحقيقية للفيلم ".. اذن، فالمقاومة التي صورها فراس خوري لها وجه إنساني.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الفيفا يعاقب اتحاد الكرة التونسي

الغارديان تسلط الضوء على المقابر الجماعية: مليون رفات في العراق

السحب المطرية تستعد لاقتحام العراق والأنواء تحذّر

استدعاء قائد حشد الأنبار للتحقيق بالتسجيلات الصوتية المسربة

تقرير فرنسي يتحدث عن مصير الحشد الشعبي و"إصرار إيراني" مقابل رسالة ترامب

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

فيلم (أنورا).. ذروةُ مُهَمَّشي سينما بيكر

ترشيح كورالي فارجيت لجائزة الغولدن غلوب عن فيلمها (المادة ): -النساء معتادات على الابتسام، وفي دواخلهن قصص مختلفة !

تجربة في المشاهدة .. يحيى عياش.. المهندس

مقالات ذات صلة

فيلم (أنورا).. ذروةُ مُهَمَّشي سينما بيكر
سينما

فيلم (أنورا).. ذروةُ مُهَمَّشي سينما بيكر

علي الياسريمنذ بداياته لَفَتَ المخرج الامريكي المستقل شون بيكر الانظار لوقائع افلامه بتلك اللمسة الزمنية المُتعلقة بالراهن الحياتي. اعتماده المضارع المستمر لاستعراض شخصياته التي تعيش لحظتها الانية ومن دون استرجاعات او تنبؤات جعله يقدم...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram