علاء المفرجي
- 1 -
وافد جديد، نتمنى أن لا يطول مكوثه في المشهد الدرامي العراقي، وهوالمسلسلات الطويلة والتي تعرض بأكثر من موسم، وقد عرض منها الى الان مسلسل واحد انتهى في بداية هذا العام، هو مسلسل (حيرة)، والذي لاقى استقطابا لجمهور كبيرمن الشباب، في ظل غياب الدراما الملتزمة، أو شحتها.
فنتيجة الترويج المكثف على مواقع التواصل الاجتماعي وفاعلية دعاية الجهة المنتجة، استقطب مسلسل "حيرة" قطاعاً واسعاً من المشاهدين. المسلسل من إنتاج مجموعة mbc، وإخراج ماهر بيراف، سيناريو وتأليف حامد المالكي، وبطولة ألكسندر علوم، زهراء بن ميم، إياد الطائي، براء الزبيدي.
يتناول المسلسل موضوعاً عائلياً كلاسيكياً يدور حول علاقة حب بين شاب من أسرة غنيّة وشابة فقيرة، وتصطدم علاقتهما بتسلط الأب الغني ومحاولات منعه لاستمرار العلاقة.
ينتمي "حيرة" الى مسلسلات "السوب أوبرا -Soap opera" الطويلة التي تعرض حلقاتها يومياً خلال منتصف النهار، ويستهدف صنّاعها ربات البيوت اللواتي يُشاهدن التلفزيون أثناء قيامهن بأعمال البيت اليومية. ونوع المسلسلات هذا يعتمد على الميلودراما كثيراً، حيث المبالغة في الأحداث والتمثيل على أشدّها، كما أن لها نوع تصوير معين، بفعل تصوير الحلقات بشكل يومي. تصوّر هذه المسلسلات يومياً، وتكلفتها المالية قليلة، وطاقم عملها يتغيّر بشكل دائم. الشخصيات فيها تموت بشكل دوري وتحل مكانها شخصيات أخرى جديدة، وهو أيضاً ما حصل في مسلسل حيرة إذ اختفت زهراء بن ميم وحلت محلها كاديا القيسي.
كما أن هذه المسلسلات مصممة بشكل يُمكِّن المشاهد من مشاهدتها بداية من أية حلقة، ويمكنه أيضاً تتبع الأحداث بكل سهولة بعد بضع حلقات، بمعنى أن المشاهد غير مُجبر على مشاهدة آلاف الحلقات التي عرضت من قبل.
أما أحد العناصر الحاسمة التي تحدد المسلسل هو الطبيعة التسلسلية المفتوحة للسرد، حيث تمتد القصص على عدة حلقات، أما ما يحسم الأمر بشأن أنه مسلسل "سوب اوبرا" بامتياز، فهو الوعد الذي يُقدّمه صناعه إلى مشاهديه باستمرار القصّة في الحلقات القادمة.
"حيرة" المُقتبس من مسلسل "سامحيني" التركي، ينتمي الى "السوب اوبرا"، وقد حاولت الجهة المنتجة أن تلبسه رداءً عراقياً بأي وسيلة، بما فيها السيناريو الذي (كتبه) عراقي، لكنها ومن حيث تعلم أو لا تعلم، راكمت الأخطاء التي وقع فيها صناع الدراما المحلية العراقية وما زالوا.
فعلى الرغم من تواصل الإنتاج الدرامي المحلي، إلا أنه لم يستطع أن يحقق حضوراً متميزاً، إلا إذا استثنينا بعض الأعمال التي لا تتناسب على أية حال كـ"نوع" مع كم الإنتاج الكبير، وإذا ما استسلمنا للمنطق السائد بأن التراكم الكمي لا بد أن يخلق نوعاً متميزاً بالضرورة -على قلته-، نرى أن ذلك لم يتحقق في هذا المجال لأسباب عديدة في مقدمتها بل وأهمها هو -السوق- الذي وفرته كثرة الفضائيات العربية، وهو ما لا يصح أن يكون قياساً لنجاح هذا العمل أو ذلك. فإذا كان منطق الجودة وجماهيرية العمل هي التي تتحكم بـ(تسويق) الأعمال الدرامية وتجعل منها بضاعة مرغوبة في قنوات البث التلفزيوني العربي، فإن سيادة الفضائيات وكثرتها ومن ثم اتساع مساحة البث أقصت مثل هذه الاشتراطات في مقابل قبول الكثير من الأعمال -على رداءة بعضها- لملء ساعات البث التلفزيوني التي تبدو أحياناً مثل "محرقة" لكثير من المواد، وهو الأمر الذي يجب أن لا يغيب عن بال القائمين على هذه الأعمال كي لا يقعوا في فخ أن أعمالهم تتهافت عليها القنوات الفضائية وإن البعض منها يُسوّق قبل الانتهاء من تصويره.