المدى / خاص
يعتبر ملف العطل الرسمية وغير الرسمية في العراق من اهم الملفات المعطلة والشائكة، اذ تتخطى أيام العطل الرسمية وحدها حاجز الـ 100 يوم في العام الواحد، وذلك دون احتساب أيام الجمعة والسبت والتي تكون عطلة لجميع الموظفين في مؤسسات الدولة ودوائرها، الامر الذي جعل من اصلاح الدولة يدور في دوامة الخسائر المالية وتعطيل مشاريع وشؤون عديدة في البلد.
انتقادات كثيرة طالت مجلس النواب العراقي، اذ انه منذ عام 2015 لم يتمكن من تمرير قانون العطل الرسمية وترحيله لأكثر من مرّة إلى دورات برلمانية لاحقة بسبب خلافات عميقة بشأنه جعلت التوصل الى تسويات سياسية امرا مستحيلا.
فرق شاسع
نواب ومسؤولون سابقون أكدوا، أنّ عدد أيام العطل التي أعلنت عنها الحكومة في العام 2021 بلغ 105 أيام، أمّا في عام 2022 فقد تجاوزت 110 أيام، ما عدا أيام الجمعة والسبت. بينما لم تكن تتجاوز 16 يوماً قبل عام 2003.
وتتكبد الدولة خسائر مالية بملايين الدولارات بسبب العطل الرسمية وغير الرسمية عن كل يوم عطلة بعد ان تفرضها ظروف خاصة، وذلك وفقا لخبراء اقتصاديين، نتيجة عدم تعويض ساعات العمل في دوائرها ومؤسساتها.
بينما تحاول وزارة الثقافة إعداد مشروع قانون جديد للعطل الرسمية، بالتشاور مع أطراف ثقافية وسياسية ونيابية من مختلف مكونات الشعب، لاتباع معايير محددة في اختيار هذه الأيام والعمل على تقليلها.
بطالة
المحلل الاقتصادي عبد الرحمن الشيخلي يوضح لـ(المدى)، ان "الدولة تتأثر في العطل الرسمية بشكل كبير، اذ تسبب لها حالات من الخدر وتعطيل معاملات المواطنين، فضلا عن تعطيل المصالح الوطنية، وقد لا يوجد لدينا انتاج في الوقت الحالي لكن هذا لا يعني ان العطل الكثيرة في البلد ليس لها تأثير".
يضيف الشيخلي "كل تلك الخسائر بالرغم من عدم وجود معامل صناعية وعجلة الإنتاج شبه متوقفة في البلد، اما المؤسسات والدوائر الخدمية والصحية ستتأثر بالعطل اكثر من غيرها من الدوائر، ومثال على ذلك دوام احد موظفي وزارة الكهرباء اثناء العطل الرسمية سيترتب على الوزارة إعطاء أجور إضافية لذلك الموظف وهذه التكاليف غير مبررة".
يتابع الشيخلي عبر (المدى)، موضحا "هناك تقرير لصندوق النقد الدولي يقول: "ان ساعات العمل الفعلية للعامل في الدوائر في القطاع العام في العراق لا تتجاوز الـ ٨ ساعات لكن عدد الانجاز الفعلي خلال هذه الساعات للموظف لا يتجاوز الـ ١٣ دقيقة!". فهل من المنصف ان نعطي للموظف غير المنجز إجازات وعطل رسمية؟". منوها الى، ان "هذا الامر يخلق حالة من الكسل عند الموظف وبطالة تامة، وبالتالي كيف سيتم تنظيم الحياة للموظف او الطالب عندما لا يكون هناك منهاج ثابت للدوام الرسمي، اذ يجب ان يتوفر هناك برنامج خاص وبمعدل انجازات مقدمة، اما العمل بهذه الطريقة العشوائية سيأتي حتما بنتائج عكسية".
عشوائية
ويتجاوز أيام العطل بشكل عام في بعض الأحيان الـ118، فبلغة الأرقام هناك يومان من كل أسبوع عطلة رسمية وهما (الجمعة والسبت)، حيث ان السنة 48 أسبوعا لذا ستكون عدد أيام العطل هي 96 يوما في السنة الواحدة، واذا ما تمت إضافة مجموع أيام العطل الرسمية في السنة الواحدة والتي تكون بـ(22) مناسبة في السنة، فضلا عن عطل المناسبات الدينية والعطل الاضطرارية التي تعلنها الحكومة، إضافة الى تلك العطل التي تقع ضمن صلاحية الحكومات المحلية في كل محافظة تلحقها العطل الجزئية التي تعلنها الأوقاف.
وليست هذه العطل مسجلة على نحو منهجي، أو مقررة بقانون، فالحكومات المتعاقبة ظلت تمنح عطلا على أسس عشوائية، ومنها على أساس تجاوز معدلات حرارة الجو، أو عواصف الغبار، أو غزارة الأمطار، ما يجعل الدوام الرسمي عملا افتراضيا غير مضمون، كما أن القانون العراقي يمنح حكومات المحافظات المحلية الحقّ في إعلان يوم عطلة لسكان المحافظة دون غيرها، بحسب ما تقتضيه الحاجة، الأمر الذي صار يتكرّر في محافظات عدّة ولأسباب مختلفة.
مصالح الشعب
ويحتكم تشريع قانون العطل الرسمية وغير الرسمية الى ضرورة توحيد أيام العطل الرسمية وجعلها اتحادية، وسحب صلاحيات المحافظين لمنح أيام عطل في محافظاتهم، فضلا عن ان مشروع القانون يهدف أيضا إلى معالجة الآثار السلبية للعطل على مختلف الأصعدة، وتقليصها إلى النصف، اذ أن أيام العطل في القانون الجديد ستتراوح بين 6 و9 أيام في السنة، بالإضافة لعطلتي عيدي الفطر والاضحى، وذلك غير يومي الإجازة الأسبوعية.
يؤكد محمد قاسم وهو صاحب احد المطاعم في العاصمة لـ(المدى)، ان "كثرة العطل الرسمية التي تعلن عنها الحكومة لم تقم بتعطيل الدوائر والمؤسسات الحكومية فقط، فلنا نحن أيضا نصيب كبير في هذه الخسارات، فاغلب زبائني من الموظفين وهذا ما يجعل العمل يقل الى ما دون النصف". مضيفاً أنه "في بعض الأحيان اود ان ابيع مطعمي واحاول ان اجد وظيفة لكثرة العطل في دوائر الدولة".
اما والدة الطالبة ميس رشيد فقد أوضحت لـ(المدى)، انها تعاني من الامرين في أيام العطل، فهي تقع في هذه الأيام بين "نارين" حسب قولها، اذا ان العطل الكثيرة تجعل من رزق زوجها العامل كسائق سيارة اجرة يتراجع، فضلا عن أن ابنتهم طالبة والتي تحاول اللحاق بالمنهج الدراسي.
يشار الى ان العراق يحتل صدارة دول العالم بعدد أيام العطل الرسمية وبتنوع مناسباته الوطنية والدينية، فضلا عن عطل غير رسمية تفرضها ظروف خاصة، وهي ما يكبد خزينة الدولة خسائر بملايين الدولارات -عن كل يوم عطلة نتيجة عدم تعويض ساعات العمل في دوائرها ومؤسساتها.