حفنة من المسلسلات الرمضانية السورية والمصرية والخليجية انهالت دفعة واحدة على الصائم الكريم بهدف الترويح عنه ومساعدته على تخطي الوقت الصعب في هذا الصيف القاسي... إلا أن القيظ والصيف لم يصيبا الصائم بدوار بقدر ما أصابه الدوار جراء كثرة المسلسلات وتعددها وتوزيعها على عشرات القنوات.
أبرز هذه المسلسلات "زهرة وأزواجها الخمسة" من بطولة غادة عبد الرازق، وهو يتناول قصة زهرة الصبية التي يتهافت عليها الرجال الكبار والصغار برغم أنها من وجهة نظر المشاهد فتاة عادية ليست فتية جداً مما يعيد الى أذهاننا فوراً صورة هي النقيض بعينها تتمثل بمشكلة العنوسة التي يعاني منها المجتمع المصري محاولاً إيجاد حل لها قبل ان تتفاقم أكثر. فزهرة لديها 5 عرسان في حين أن الفتاة المصرية بالكاد تجد نصف عريس! كما نتساءل عن سر اختيار الممثلة غادة عبد الرازق لهذا الدور دون غيرها من الفنانات الأصغر سناً ضاربين عرض الحائط واقع ان لـ غادة ابنة العشرين من العمر. وبالحديث عن العمر، تبدو مستغربة عودة الفنان القدير حسن يوسف الى هذا المسلسل ليطل علينا بدور أقل ما يقال فيه أنه لا يتناسب مع حجمه الفني ولا يستحق قطع مسيرته الدينية التي انتهجها منذ زمن وترك الفن لأجلها.مسلسل "ذاكرة الجسد" كان الأجدر به أن يبقى في الذاكرة كقصة على ورق أخذت حقها من النجاح بدل أن يتحول الى مسلسل راوحت أحداثه مكانها وجعلت المشاهد مع كل حلقة جديدة يحس كما لو أنه شاهد هذه الحلقة بالأمس بما تحمله من تكرار، وحوارات متشابهة ورتيبة. ولم يستطع جمال سليمان بقيمته الفنية الكبيرة أن يغطي الفراغ الكبير الذي أحدثه غياب بطلة لها وزنها وحضورها الفعّال لهذا الدور الذي يحتاج الى جهد مضاعف ليتجسد تلفزيونياً بعدما وصل الى قمة نجاحه قصصياً، وهي القدرة التي ما زالت ضعيفة لدى أمل بشوشة إن لم تكن معدومة، والتي تجعل منها غير مؤهلة لدور بطولي بهذه المقاييس...يسرا التي أصبحت طبقاً رئيسياً في شهر رمضان المبارك منذ أكثر من خمس سنوات تطل علينا بمسلسل بـ "الشمع الأحمر" الذي هو مبتكر وجديد على الساحة المصرية إنما هو في الحقيقة مقتطفات من مجموعة من المسلسلات الأجنبية التي تتناول سلسلة من الجرائم الوحشية التي "تسد نفس" الصائم حتى بعد موعد الإفطار نظراً لتناوله مواضيع الجثث والمشرحة والأجساد المقطعة والمشوهة... مما يدفعنا الى التساؤل لماذا ينبغي عرض هذا المسلسل في رمضان بالذات؟ولا يفوتنا الحديث عن مسلسل "عايزة أتجوز" الذي يطرح مشكلة العصر وهي العنوسة إنما بطريقة السخرية المبالغ فيها فتظهر فيه الفنانة هند صبري متكلفة ومتصنعة وبعيدة عن العفوية التي عودتنا عليها.. على أمل أن لا تكون نهاية المسلسل نهاية مصرية تقليدية بامتياز فتتزوج البطلة بفتى أحلامها الذي يتواجد فجأة والذي يحمل مواصفات لا تتوافر إلا في رجال على الكوكب الآخر. ووسط هذا الكم من المسلسلات تأتي المسلسلات السورية لتحثنا على الإعتراف بالمسافات الشاسعة التي قطعتها مقارنة بغيرها من المسلسلات. فيفرض مسلسل "ما ملكت إيمانكم" وجوده المميز بما يطرحه من قضايا يرفض المجتمع العربي مجرد الحديث عنها فكيف بالأحرى الإعتراف بوجودها وتسليط الضوء عليها بطريقة لائقة محاولاً إيجاد الحلول لها. "ما ملكت إيمانكم" يطرح كل "التابوهات" أمام المرء ويستفز المشاهد بجرأته التي تصدم من جهة وتدعوه من جهة اخرى الى احترام مسلسل لا يستخف بعقول المشاهد بل ينقل له الواقع بصدق سواء كان إيجابياً أو سلبياً.العربية نت rn
دوار يصيب المشاهد بسبب مسلسلات رمضان
نشر في: 20 أغسطس, 2010: 06:53 م