رد رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، الأربعاء الماضي، على تصريحات رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بشأن التوتر في العراق وطالبه بالاهتمام بشؤون تركيا الداخلية، مؤكدا أن العراقيين لن يسمحوا بأي حرب اهلية ولا حتى نفطية.
وقال المالكي في بيان صدر عن مكتبه الإعلامي في ساعة متقدمة من الأربعاء وتسلمت (المدى برس) نسخة منه "نصيحتنا للسيد أردوغان معالجة شؤون الأقليات والكف عن زج تركيا في مشاكل جميع دول المنطقة لأنها سياسة لا تجلب لتركيا وشعبها سوى المتاعب".
وأضاف المالكي أن "تركيا تواجه أوضاعا داخلية تثير القلق وعلى الحكومة التركية أن تعي ذلك، وعلى رئيس الحكومة التركية السيد أردوغان تركيز الاهتمام على معالجة أوضاع تركيا الداخلية التي يقلقنا اتجاهها نحو الحرب الأهلية على خلفيات طائفية وقومية".
وأعرب المالكي عن اعتقاده بأن الشعب التركي "يتطلع إلى تغيير الأوضاع السياسية بما يحمي تركيا من تفاقم المشاكل الداخلية والخارجية"، مبينا أن "أمام تركيا فرصة طيبة مع العراق تقوم على الاحترام وتبادل المصالح وعدم التدخل بالشؤون الداخلية".
وتابع المالكي "نشكر السيد أوردغان على حرصه لكننا نطمئنه أن الحرب الأهلية لن تقع بوعي العراقيين وتماسك وحدتهم الداخلية وتكاتفهم"، وشدد في الوقت نفسه على أنه لن يسمح أيضا بالحرب النفطية التي تنبأ بها أردوغان، موضحا "الحكومة الاتحادية لن تسمح بها وستبقى تحافظ على النفط باعتباره ملك لكل العراقيين".
وأعرب المالكي عن أمله بأن "تعمل الحكومة التركية على تعزيز هذه السياسة بدلا من تشجيع محاولات الخروج عنها من خلال عقد الصفقات والاتفاقات الجانبية".
وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قد حذر في مؤتمر صحافي عقده، أمس الأول الأربعاء، في أنقرة قبيل توجهه في زيارة رسمية إلى باكستان من "صدامات قومية وطائفية" في العراق، وأكد أن المخاوف التي أطلقتها تركيا بهذا الصدد "أصبحت حقيقة"، متهما الحكومة المركزية بـ"محاولة تحويل الصراع إلى حرب أهلية".
ويشهد العراق منذ نحو أسبوع حالة استنفار قصوى بسبب الاشتباكات التي حصلت في (16/ 11/ 2012) بين الجيش العراقي والقوات الكردية في المناطق المتنازع عليها والتي أدت إلى تصعيد خطر عبر استقدام تعزيزات عسكرية من قبل الطرفين إلى تلك المناطق وإطلاق التهديدات السياسية، التي اعتبرها مراقبون بأنها تنذر بحرب.
وتأتي تصريحات رئيس الوزراء التركي رجب طيب اوردغان بعد فترات من الهدوء الحذر مع الحكومة العراقية خلال الأشهر القليلة الماضية توقفت فيها الهجمات الإعلامية بين الطرفين التي شهدها مطلع العام الحالي على خلفية اتهام ارودغان المالكي بإثارة صراع طائفي في العراق، والتي رفضتها الحكومة العراقية واعتبرتها تدخلا في الشأن العراقي.
ولم تمض أيام على الهجمات الإعلامية المتبادلة حتى تعرضت السفارة التركية في بغداد في (18 كانون الثاني 2012)، إلى قصف بصاروخين أصاب أحدهما الجدار الخارجي للممثلية الدبلوماسية في السفارة.
واستمر الهدوء حتى التاسع عشر من نيسان قبل ان يجدد ارودغان خلال استقباله رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني، واتهامه للمالكي بالطائفية ومحاولة إثارة المشاكل الطائفية في البلاد، وجاءت هذه التصريحات بعد زيارة مستشار الأمن الوطني فالح الفياض إلى أنقرة لإعادة تطبيع العلاقات.
إلا أن فترة الهدوء بين الطرفين لم تكن سوى استمرار لتوتر العلاقات من جانب آخر إذ كانت قضية الحجاج الأتراك الداخلين من إقليم كردستان في شهر تشرين الأول الماضي وإعادتهم من قبل الحكومة العراقية لعدم امتلاكهم تأشيرة دخول أحد أوجه العلاقة المتوترة بين الطرفين، ولم تأت دعوات بعض النواب لتقليص عمل الشركات التركية إلا ضمن هذا الإطار أيضا.
كما مثلت قضية نائب رئيس الجمهورية المحكوم بالإعدام طارق الهاشمي بقضايا الإرهاب ولجوئه إلى تركيا بعد صدور مذكرة اعتقال بحقه في (10 كانون الثاني 2012) سببا في توتر العلاقة بين البلدين.
وكان رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي رفض في شهر تشرين الأول الماضي دعوة لحضور مؤتمر حزب العدالة والتنمية الذي يقوده أردوغان.
ويرى متابعون للشأن العراقي أن السبب الرئيسي لتوتر العلاقات بين الطرفين هو المواقف المتباينة لهما من الأزمة في السورية، إذ يطالب أوردغان بتغيير النظام السوري فيما يرفض المالكي إسقاط النظام ويدعو إلى إيجاد حل سلمي للأزمة وتأكيداته عقب انعقاد قمة بغداد في آذار الماضي باستحالة سقوط النظام السوري.