بغداد/ علي عبد السادةاغلب مراسلي الصحف والوكالات المحلية يعودون الى غرف اخبارهم بعد نهار طويل من العمل دون مادة صحفية مفيدة، خصوصا اولئك الذين يحاولون القبض على معلومات من"حلق"الكتل السياسية.يقول صحفيون عراقيون لـ(المدى) انهم لا يجدون ضالتهم في عشرات التسجيلات الصوتية على لسان نواب عراقيين. السبب برأيهم:"العشرات منهم لا يعرفون الطريق الى الغرف التي يصنع فيها القرار".
بيد ان نوابا تحدثت معهم (المدى) يشعرون بأن الحاجة الى اعادة تعريف اداء البرلماني وعلاقته مع كتلته السياسية، قد تغير الصورة بعد انقضاء اول دورة نيابية."نحن بصدد افتتاح مركز بحثي لتطوير الاداء"نائبة عراقية تتحدث مع (المدى) عن مقترح يتم طبخه حاليا بين نواب من الدورة السابقة لمساعدة زملاء جدد من الدورة الجديدة. لكن الازمة، بحسب صحفيين عراقيين، لا تتعلق كثيرا بنوعية الاداء بل بآليات صنع القرار السياسي في البلاد.rnانشاءطيلة الشهور التي تلت انتخابات 7 آذار تحركت جموع الصحفيين نحو العديد من النواب لالتقاط وجهة الازمة وتطوراتها، وكان الحافز مسك بوصلة التحالفات المفضية الى تشكيل الحكومة العراقية الجديدة. البعض افلح في اصطياد معلومات مفيدة، وكان اغلبها جاء كثمرة لسياسة"ارسال بالونات اختبار"بين الفرقاء في فضاء يتلقف اي شيء: الصحافة. متى ما شاء هذا الفريق اختبار او الضغط على الفريق الاخر استخدم السلطة الرابعة، ولطالما خرجت صحف واذاعات وقنوات تلفزيونية بانباء غير دقيقة.لكن سيلا من التصريحات التي تبدو لصحفيين عراقيين اسقاط فرض وان نوعها لا يتجاوز كونها مجرد انشاء سيملأ صحف الغد، جعل الكثير منهم يشعرون بالملل:"حين نسأل عن مضمون لقاء أو اجتماع بين كتلتين سياسيتين يخفق نواب ينتمون اليهما في التحدث عن التفاصيل، ذلك انهم لا يعرفون شيئا". يقول صحفي عراقي رفض الكشف عن اسمه لـ(المدى) وهو يزعم ان عددا كبيرا من النواب يشبهون الصحفيين في طموحهم بمعرفة ما يحدث.لكن يا ترى من يعرف ما يجري على وجه التحديد؟ هذا السؤال المرهق العديد من المراسلين المنتشرين في صالونات الساسة في البلاد."نواب قياديون في كتلهم وقريبون من آلية القرار يختارون الوقت المناسب للافصاح عن معلومة ما، هم من يبادرون الى ذلك". صحفي عراقي يتحدث باستغراب عن لجوء سياسيين عراقيين الى مفاتحة صحفيين بشأن نشر معلومة مهمة.rnتناقض"ايعقل ان يصرح نائبان عراقيان ينتميان الى قائمة واحدة وفي وقت واحد برأيين مختلفين"يقول وسام الملا الصحفي العراقي في وكالة خبر المحلية. الملا يرى وهو يتحدث الى (المدى) ان الاغلبية الساحقة من النواب العراقيين تجهل ما يدور في الغرف التي يصنع فيها القرار. ويزعم ان"رموزا"لا يتجاوز عديدها اصابع اليد هي من تتحكم بالقرار وتفرج عن هذه المعلومة وتحجب تلك، متى ما شاءت اللحظة السياسية المناسبة.احد النواب قال يوما للملا وهو يجمع التصريحات لصناعة تقرير صحفي بشأن الازمة ان"الامور تتجه نحو الانفراج، وان المفاوضات باتت اكثر جدية"، لكن نائبا اخر ينتمي الى نفس كتلة الاول قال:"طرق تشكيل التحالفات السياسية شبه مغلقة، والجميع مصر على موقفه". الفارق الزمني بين التصريحين، على ما يقول الملا، لا يتجاوز الدقائق. ربما لهذا السبب الخط البياني لعناوين الصحف العراقية خلال اسبوع يعج بالتناقضات والفوضى.ويشعر صحفيون عراقيون بالملل من تصريحات تبتعد كثيرا عن الواقع السياسي العراقي، بل انها تغرد بعيدا خارج سرب المفاوضات وما يدور فيها. الملا يقول ان عددا كبيرا من النواب يعقدون اجتماعات تسمى بالهامة لمناقشة ازمة الحكومة، لكن هذا لا يحدث ابدا، يقول الملا:"انها اجتماعات للتعارف تبدأ بعبارات الملاطفة وتنتهي بالاكل، ولا احد يتطرق الى اساس الازمة".rnسطحية"المعلومة متوفرة لكن رموز القوائم السياسية تتحفظ على نشرها". يقول غزوان جاسم الاعلامي في قناة الاتجاه الفضائية، ويجد ان الفترة التي تلت انتخابات السابع من آذار وطيلة ازمة تشكيل الحكومة لم ترتق فيها التصريحات التي يدلي بها اغلب النواب العراقيين الى مصاف معلومات توفر اجابة للشارع العراقي:"كل الاحاديث الصحفية متشابهة".ولم يوفر جاسم الكتل السياسية من انتقاداته للجمود السياسي والركود الذي تشهده العملية السياسية في البلاد. ويقول:"بينما ينتظر الشارع العراقي اي معلومة تبشره بنهاية الازمة يخفق نواب في تجاوز كتلهم والادلاء برأيهم".ويزعم جاسم ان زعماء الكتل السياسية هم من يتحكمون بنشر المعلومات التي تتعلق بالمفاوضات الساخنة:"كثير منهم يرفض الادلاء باي تصريح ويطلب الرجوع الى كتلته ليعرف ما يجري".هذه الصورة الضبابية، بحسب مختصين في مجال الاعلام وتأثيرات الرأي العام، لم تساعد العراقيين على فهم ما يجري، الامر الذي يعده هؤلاء خطرا كبيرا على الصحافة لانها قد تفقد واحدة من اهم مهامها: مساعدة الرأي العام على توضيح الرؤية السياسية".لكنهم، في النهاية، يعتقدون ان الازمة قد ترتبط في بعض الاحيان بحرفية الميديا في مواجهة الحدث السياسي المتلاطم، بيد ان الحل يكمن في اعادة تعريف مفهوم"النائب"وطبيعة ادائه.
نواب عراقيون خارج نطاق صنع القرار
نشر في: 20 أغسطس, 2010: 09:14 م