عامر القيسي نشطت الفضائيات العراقية والعربية بتغطية اخبار رحيل آخر القوات القتالية الأميركية من العراق ، واستضافت لهذا الغرض محلليين سياسيين، كادوا أن يتباكوا على هذا الرحيل، ووصفوه بالرحيل المبكر، وعن نتائجه،قال هؤلاء الجهابذة، الفراغ الامني،
واضافوا"احتمالات عودة مسلسل العنف للشارع العراقي. المستغرب حقيقة من قبل هؤلاء انهم كانوا ومن على نفس الفضائيات، قد اصمّوا آذان المشاهدين"قبل شهر من الآن بالتمام والكمال بصراخات"وطنية"بلا حدود عن الاحتلال وضرورة رحيله، وان مشاكلنا من ماء وكهرباء وتعليم وصحة وتأخير تشكيل الحكومة وزعل أم محمد على أبو محمد ، ليست الا نتاجا لوجود هذه القوات، في اطار مؤامرة امبريالية كونية قادها الثلاثي"البوشان"الأب والأبن وأكمل فصولها اوباما الأفريقي الأصل! محللون سياسيون بلا رؤية واضحة للاشتغال السياسي في العراق، تقودهم ردود الافعال وليس عقلية التبصر والاستكشاف والاستنتاج. قال احدهم ان خروج القوات الاميركية من العراق سيساعد العراقيين على حل خلافاتهم باسرع مما نتصور. هذا كلام قاله قبل اكثر من شهر، امس قال نفس"المحلل السياسي"ان الانسحاب الأميركي من العراق سيترك فراغا أمنيا وان هواجس عودة العنف الى الشارع العراقي، هي هواجس حقيقية لدى السياسيين والشارع العراقي. اي الكلام اصح ايها السادة؟ظاهرة المحلليين السياسيين انبثقت بعد أن اسقطت القوات الاميركية نظاما عتيدا من طراز الدكتاتورية الصدامية، وهذا السقوط ادى الى ان تظهر هذه الألسن دون خوف من ان يقطعها احد وتسجل على شريط فيديو لارضاء تعطش سلطة الموت لقمع الصوت الآخر، وخاض هؤلاء"حروبا"سياسية طاحنة منذ التاسع من نيسان وانبثاق ظاهرة الفضائيات التي لم يسمع بها الكثير من العراقيين، بما في ذلك محللونا السياسيون، الذين تراوحت تحليلاتهم"الدقيقة"من الترحيب بالقوات الأميركية باعتبارها محررة للارادة العراقية، هكذا"قالوا"في حينها والعهدة على كلامهم، ثم انتقلوا للحديث عن الاحتلال وترديد اغنية أم كلثوم"والله زمن يا سلاحي"والحديث عن المقاومة والمقاومة الشريفة وعادوا في تنوع ثالث جدير بالاهتمام الى الحديث عن المشروع الاميركي الشرق أوسطي ودمقرطة المنطقة من"الشام لبغدان". المثير في امر هؤلاء ان سلوكهم يشبه سلوك بعض سياسيينا الآن، فهو تارة مع دولة القانون وتارة اخرى مع القائمة العراقية ثم تراه اصبح في التيار الصدري وثم المجلس الاسلامي ولا يتورع عن الانتقال الى الحزب الشيوعي ثم راديكاليا على الطريقة الجيفارية، يمينيا مرّة ويساريا مرّة اخرى باختلاف النظر إلى هذه التسمية الكلاسيكية القديمة في عالم السياسة!مرّة الاميركان غزاة ومحتلون وفي وجهة نظر اخرى أولاد عمومة، والغريب ان يتحوّل الرأي في الاتفاقية الامنية، بين الحكومة الاميركية والحكومة العراقية الشرعية، عند هؤلاء المحلليين، من اتفاقية اذعان واستعمار جديد الى اتفاقية حماية العراق وتنظيم العلاقة مع القوات الصديقة!جاري ابو محمد قال لي بالحرف الواحد عن احدهم ونحن نتابع برنامجاً سياسياً، تحدث فيه بحماسة منقطعة النظير عن مشكلات تشكيل الحكومة المقبلة:"اكلك ابو فلان هذا مو نفسه قبل اسبوع جان ويه المالكي واليوم ويه علاوي؟"افتونا رجاء!
كتابة على الحيطان: محللون سياسيون.. أيهما أصح؟
نشر في: 20 أغسطس, 2010: 09:16 م