TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > فــــارزة: الزيتونة البنفسجية

فــــارزة: الزيتونة البنفسجية

نشر في: 20 أغسطس, 2010: 09:22 م

 نزارعبد الستاركيف يمكن لنا التعايش مع ديناميكية التغيير اذا لم يكن باستطاعتنا ان نصدق ان الزيتون يمكن ان يكون بنفسجيا؟. لقد احب العراقيون سيدارة فيصل الاول اكثر من الملك نفسه، لانهم وجدوا فيها شيئا مبتكرا وانيقا. هكذا هو المنطق او هكذا هي مبادىء التغيير: ان تكون قادرا على فتح دماغك الى ابعد مدى.
الكثير من المصائب الشائكة، التي تقيد حياتنا، سببها وثوقنا المستميت بكل ما يمكن الا يكون مقلقا، ويدعو الى الحركة والنشاط. بلادنا والبلدان التي تشبهنا نامت طويلا، بسبب عدم تمكنها من استيعاب الفرصة المتاحة. كل ما يجري في ساحتنا من معوقات هو اننا نميل للسائد ولا نشغّل الخيال، فماعدا سيدارة الملك فيصل، لا يحتوي تاريخنا على مغامرات مبتكرة، وفي كل مرة يتم اللجوء الى الرشاشات والدبابات لان القتل، بمفهوم المتخلفين، اسهل بكثير من قول: السلام عليكم.ان التغيير مبدأ قد يقترب احيانا من الغرابة، او لنقل الجنون. والتحديث عنصر مهم في عملية التغيير. لقد خرجنا من قالب الثورات الدموية بمفاهيم مكعبة ولا قدرة لنا على التعامل مع رغباتنا الحقيقية، فحتى طعامنا وشرابنا كانا يرفضان التجديد والابتكار، وبقينا لسنوات طويلة ننظر بشك وريبة الى البيتزا.ان ترى يوما جديدا، هذا يتطلب الاقلال من عادة الالتفات الى الخلف. ثمة افاق لا يمكن تصور مساحاتها دون تصفير القلب. كل الذين رشحوا انفسهم للانتخابات خاطبوا الشعب بلغة صلاح الدين الايوبي، وتجاهلوا مغريات العصر الحديث. لقد بقينا لفترة قياسية نكره الآلات. نكره ان تكون في الشوارع كابينات هواتف، ونكره ان تكون سيارات الاجرة موحدة اللون وفيها عدادات تحسب الفلوس على قدر المسافة، كما كنا دائما ضد السلالم الكهربائية وضد اشارات المرور، بل نحن الشعب الوحيد في العالم الذي يمقت احزمة الامان وعبوات اطفاء الحرائق الحمر. الديمقراطية مقترنة بالتحديث والا لن نتمكن ابدا من التفريق بين رئيس العشيرة وعضو البرلمان، ولن نكون قادرين على تسييد القانون اذا ما كان باستطاعة الكل ايجاد حلول توفيقية. ان التمدن يحتاج معايير تعامل وثقافة جديدة وانقلابات في الشكل والمضمون، واذا ما بقينا نكرس العرف كمضاد للتقنية فلن يكون بامكاننا مجاراة الوجود على سطح كرة ارضية تدور بسرعة. العراق منذ ان خلقه الرب هو حكومة غنية لشعب فقير وهذا من ارسخ قواعد الاستبداد وماكنة تفقيس الدكتاتوريات، وهكذا مر بنا الزمن نعيش اللاتوازن ولا نفكر بالتحديث الذي من اهم علاماته ان يرتاح الشعب ويقول لحكومته: رحم الله والديكم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram