TOP

جريدة المدى > سياسية > يضيّع عوائدها البيئية والاقتصادية.. العراق يدفع ثمناً باهظاً بطمر النفايات

يضيّع عوائدها البيئية والاقتصادية.. العراق يدفع ثمناً باهظاً بطمر النفايات

نشر في: 7 أكتوبر, 2023: 10:20 م

 خاص/ المدى

يبلغ معدل المخلفات المتولدة من كل فرد في العراق 1.5 كغم يوميا، بينما يبلغ اجمالي النفايات 21 مليون طنا خلال 2023 مع عدد سكان يبلغ 43.3 مليون نسمة.

تضاف للعراق مشكلة أخرى تندرج مع قائمة مشاكله، اذ ناشد العديد من المواطنين الحكومة العراقية لاستثمار الكم الهائل من أطنان النفايات التي تتكدس في الشوارع والازقة.

وتتعرض أطنان من النفايات يوميا الى الطمر العشوائي وخصوصا في العاصمة بغداد، اذ يتم طمر جزء كبير منها يقدر بحوالي 30 ألف طن من النفايات الصلبة يوميا والمخلفات الطبية مما يعرض المواطنين الى الاضرار وملوثات بيئية وامراض متعددة.

اما محافظات العراق فتعاني من تخصيص مساحات واسعة في معظم مناطقها لطمر النفايات، فيعمد سكان كثيرون إلى حرقها للتخلّص منها ومن الروائح الكريهة المنبعثة منها، الأمر الذي يتسبّب في تصاعد الأبخرة السامة في تلك المناطق، وبالتالي يتعرض السكان الى الاختناقات. وقد دفع ذلك كثيرين منهم إلى تقديم شكاوى أمام وزارة البيئة للمطالبة بتخليصهم من المكبّات الملوِّثة.

التطوير بالتدوير

وكنتيجة غير مدروسة يدفع العراق ثمنا باهظا على المستويات البيئية والصحية وحتى الاقتصادية لعدم قدرته على التعامل مع هذا الملف، حيث يكتفي بطمر وحرق هذه النفايات بطريقة غير مدروسة بدلا من إعادة تدويرها او بيعها.

توجيهات من رئاسة الوزراء لوزارة البيئة بشأن إعداد قانون جديد لتدوير النفايات في البلاد، يشمل تدويرها وفرزها بشكل علمي لمواكبة التطوّر المعمول به من قبل العديد من الدول العالمية لاستثمار هذه النفايات.

وزارة البيئة بدورها أعلنت سابقا عن توجهاتها نحو العمل بمصادر الطاقة المتجددة، مؤكدة على إعادة تدوير النفايات وبيعها او الاستفادة منها في مجالات الطاقة، وإنتاج الأسمدة العضوية وذلك عن طريق انهاء ظاهرتي مقالع النفايات والطمر غير الصحي.

استثمار صحيح

وزارة الكهرباء هي الأخرى تحاول الاستفادة من تدوير النفايات لإنتاج الطاقة، وقد درست عددا من العروض الفنية والتجارية المقدمة بشأن الاستفادة من آلية تدوير النفايات لإنتاج الكهرباء، بغية إنشاء محطات استثمارية بهذا الشأن، تُراعى فيها شراء كمية وقيمة الطاقة وتعرفتها ومواصفاتها ومعدلاتها.

خبراء بيئيون رحبوا بهذه التوجهات الهادفة لمواجهة تزايد وتيرة تداعيات التدهور البيئي والتغير المناخي في العراق، عبر تنويع مصادر الطاقة النظيفة واستثمار النفايات والمخلفات بطرق علمية منتجة كإعادة التدوير، وبما يسهم في معالجة هذا الملف الضاغط.

ثقافة ومكسب

الخبير الاقتصادي صالح الهماشي اكد في حديثه لـ(المدى)، ان "النفايات التي تطمر في هذه المواقع وبهذه الكمية هي ثروة وطنية بحد ذاتها، وتحتوي على مواد أولية تدخل في الصناعة من خلال إعادة تدويرها، لكن العراق لا يمتلك معامل لتدوير النفايات، وبالرغم من ان هناك حديثا عن بناء هذه المعامل، ووجود أسس احد المعامل في منطقة المحمودية، ولكن امانة بغداد لم تنجزه الى الان".

يضيف الهماشي، ان "اغلب المواد التي كانت لابد من إعادة تدويرها والاستفادة منها تُهرب الى خارج البلاد، كالحديد والنحاس والالمنيوم والورق وبكميات كبيرة لبيعها الى ايران وتركيا، اذ بلغت الصادرات من المواد الاولية الى تركيا فقط حوالي 900 مليون دولار خلال عام 2022 تضمن البعض منها صادرات النفايات، لذلك كان على امانة العاصمة ان تجعل في كل مدينة معملا لتدوير النفايات ومعالجتها وهذا ما سيوفر مردودا ماليا كبيرا جدا للدولة".

صحة المواطن والثروات

يكمل الخبير الاقتصادي ويقول: هناك العديد من الدول التي تقوم بتوزيع أكياس النفايات الملونة على مواطنيها، وذلك لتقسيم النفايات حسب موادها، وعندما يحقق المواطن عملية الفرز بصورة صحيحة يتم اعفاءه من رسوم التنظيف وبعض الامتيازات، ومن ثم تقوم شركات مختصة بجمع هذه النفايات، لذلك نرى الكثير من الدول تستورد النفايات من الدول الأخرى، وهذا ما يؤكد لنا ان هذه النفايات ثروة حقيقية".

يختتم الهماشي حديثه، بأن "هناك جانبا اخر مهم في هذا الموضوع، وهو ان بقاء النفايات يشكل خطرا بيئيا على صحة الانسان، مما يجعل الدولة تمر بمفترق طريق وهو اما استحصال مكسبين او الوقوع بمشكلتين وهما صحة المواطن والثروات، الا ان العراق منذ عقود لا يستفيد من هذه الثروة، بالإضافة الى ان مناطق الطمر الصحي داخل العاصمة بغداد، وحرق النفايات ليس طريقة صحية تستخدمها امانة بغداد، وعلى الجهات المختصة العمل بجد لتنظيف المدن واستثمار المواد الأولية في النفايات، إضافة الى ان هناك نفايات صناعية ممكن استثمارها بالطرق الصحيحة".

صفر نفايات

المركز الستراتيجي لحقوق الانسان في العراق حذر من وجود ملوثات كبرى في البلد، حيث اكد في بيان تلقته (المدى)، أن "التلوث البلاستيكي يهدد حياة المواطنين والبيئة في العراق، كما يؤثر بشكل مباشر على التنوع البايولوجي".

وأضاف: "لقد تخلصت البلدان في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ من 686 مليون طن متري من النفايات البلاستيكية عام 2023 أي حوالي 31 بالمئة من نفايات العالم".

وتابع، أنه "من دون تغييرات كبيرة بالسياسة البيئية في العراق على نطاق واسع، فإن المعدل الذي يدخل فيه البلاستيك إلى البيئات الحياتية اليومية في العراق سيزداد بنحو 2.6 ضعفين من عام 2022 إلى عام 2040 وهو ما ينذر بكارثة تلوث بلاستيكي كبرى".

وبينت جهات حكومية أن العاصمة بغداد تطمر نحو 10 آلاف طن من النفايات يوميا، وأن الحاجة لمعالجة هذه النفايات تتطلب تنفيذ مشروع "صفر نفايات" الصديق للبيئة، وبذلك يتم تحقيق مردود اقتصادي جيّد من خلال المشروع، فضلا عن توفيره كثيرا من فرص العمل.

يذكر ان أمانة بغداد قد اكدت في وقت سابق، التوجه لإنشاء معملين لحرق النفايات واستثمارها في توليد الطاقة الكهربائية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

من وراء الاستهداف الجديد لـ
سياسية

من وراء الاستهداف الجديد لـ"كورمور"؟ صراع فصائل لضمان بقاء الغاز الإيراني

الضربات المتكررة تأتي بعد كل تفاهم بين بغداد وكردستان بغداد/ تميم الحسن في توقيت قاتل، استُهدف حقل غاز كورمور شمالي العراق، حيث يستعد العراق لزيادة إنتاجه من الغاز لإنهاء الاعتماد على إيران.وتزامن الحادث، الذي...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram