ترجمة / حامد أحمد
تناول تقرير لمعهد الدراسات الإقليمية والدولية IRIS في الجامعة الأميركية في السليمانية جانب الازدهار العمراني البراق الذي يشهده العراق من مجمعات سكنية ومولات ومنتجعات وأماكن ترفيه ومطاعم في وقت تواجه مشاريع واستثمارات حيوية أخرى معوقات وكذلك القطاع الخاص ممن يريد فتح مشروع او نشاط تجاري صغير حيث يواجه تحديات كبيرة تتمثل بفساد وبيروقراطية ورشاوي تعيق أي تطور اقتصادي رصين في البلد.
ويشير التقرير الى ان التنمية الباذخة لهذه الاستثمارات العمرانية تثير تساؤلات حول مدى منفعتها ومردودها الاقتصادي وكيف يتم تسهيلها وتنفيذها بينما هناك مشاريع تنموية يجب الاهتمام بها أكثر حيث ما يزال الغاز يحرق في الهواء في ابار النفط بدلا من الاستفادة منه اقتصاديا من جهة وتلافي تلوث البيئة وما يسبب ذلك من أمراض للسكان من جهة أخرى.
ويذكر التقرير ان أصحاب الأموال الضخمة ومن لديهم علاقات هم فقط من يستطيع تنفيذ مشاريع إعمارية ومجمعات ترفيهية، اما الغالبية من عامة الناس ممن لديه رغبة بتنفيذ مشروع صغير او استثمار بسيط فانه يضطر لولوج شبكة منظومة اقتصادية تسيطر عليها أحزاب وقوى سياسية متنفذة، ولهذا السبب، يؤكد التقرير، بانه يجب ان تكون هناك ستراتيجيات من قبل الحكومة ومنظمات لدعم وتمكين أصحاب المشاريع التجارية الصغيرة من القطاع الخاص وإزالة كثير من العقبات التي تحد من نمو هذه المشاريع.
وخلال السنوات الأخيرة شهدت مدن متعددة من العراق وبالأخص العاصمة بغداد موجة استثمارات محلية لتنفيذ مشاريع عمرانية ضخمة وذلك عبر أموال مكسوبة بشكل غير شرعي وعبر صفقات فساد وجدت في هذه المشاريع ملاذاً آمناً لغسيل تلك الأموال. الذي سهل هذا التوجه هو نظام المحاصصة الطائفي والعرقي الذي حكم البلاد ما بعد عام 2003 وتقاسم الأحزاب السياسية المهيمنة مؤسسات ووزارات الدولة فيما بينها، نتيجة لذلك فان توزيع العقود الحكومية المربحة غالبا ما تسيطر عليه مصالح حزبية.
ويشير التقرير الى ان اغلب هذه المشاريع الضخمة من مجمعات سكنية فارهة وجامعات أهلية كبيرة هي ليست متاحة لأصحاب الدخل المحدود من العراقيين البسطاء الذين يعانون من مصاعب وتحديات اقتصادية كبيرة. ولتوضيح ذلك فان تكلفة الحصول على مقعد دراسي في جامعة اهلية لكلية طب أسنان تبلغ بحدود 6 آلاف دولار سنويا، في حين ان وجبة صغيرة لشخص واحد في احد المنتجعات تكلف 30 الف دينار. هذه النفقات تتناقض مع معدل المرتب الشهري في العراق والبالغ 750 ألف دينار، حيث شعر عامة الناس من العراقيين بانهم ضحية تحمل ارتفاع أسعار العقارات والبضائع والخدمات الأساسية. ووصل سعر متر مربع في مناطق ليست فيها خدمات كهرباء او ماء في بغداد ما يزيد على 2,300 دولار.
وخلال لقاءات أجريت مع أصحاب مشاريع صغيرة ومستثمرين في القطاع الخاص، ذكروا ان إجراءات بيروقراطية صعبة تتخللها اعمال فساد ورشى في بيئة اقتصادية معقدة تشكل تحديات امام تنفيذ مشاريعهم. والاجراءات المعقدة تبدأ من تسجيل الشركة ودفع الضريبة الى التعامل مع الجهة الجمركية والأمور اللوجستية. وقال صاحب مشروع تقني صغير ان قرارات حكومية متناقضة يمكن ان تؤثر بشكل كبير على تنفيذ هكذا مشاريع، خصوصا في القطاعات التي تتطلب مراجعات متكررة.
حتى عندما يتعلق الامر بشركات وكيانات تجارية دولية متنفذة تريد العمل في العراق، فان إجراءات ذلك غالبا ما تمر من خلال اروقة بيروقراطية روتينية معقدة وتدخلات سياسية أيضا تشوبها حالات فساد ورشى تحول دون تنفيذ أي مشروع. ويشير التقرير الى ان مشروع، مدينة الرفيل في ضواحي بغداد، هو احد الأمثلة على هكذا معرقلات تعرقل الاستثمارات الأجنبية في البلد. فعندما وقع الاختيار على شركة، اعمار، الإماراتية للعمل في المشروع فان تدخلات سياسية ومحاولة دفع رشى أدت الى عرقلة مشاركتها. واستنادا لآخر تقرير صادر عن البنك الدولي نشر تحت عنوان "تنفيذ عمل تجاري" جاء العراق في التسلسل 172 من مجموع 190 بلدا فيما يتعلق بإجراءات تسهيل تنفيذ الأعمال التجارية.
ويشير التقرير الى ان مبادرة، الورقة البيضاء، للإصلاح الاقتصادي قد وفرت علاجات للعقبات التي تواجه المشاريع التجارية تتمثل بإعادة احياء القطاع الخاص والدعم المالي له من خلال تخفيف الإجراءات البيروقراطية ودعم المشاريع التجارية الصغيرة والمتوسطة، ولكن طرق تنفيذ هذه التعليمات لم تكن فعالة في ادخال هذه الإصلاحات. وكخطوة أولى نحو الإصلاح الاقتصادي يجب ان تكون هناك شفافية في اجراءات دعم القطاع الخاص ومنع تدخلات سياسية تحول دون تطبيق ذلك، والخطوة الثانية هي الانتقال الى التعاملات الرقمية في تنفيذ ومنح المشاريع لوضع حد لحالات الفساد والروتين التي تعيق نمو القطاع الخاص وازدهاره.
• عن معهد الدراسات الإقليمية والدولية