ترجمة / المدى
نشر مدير المركز الفرنسي للأبحاث حول العراق (CFRI)، عادل بكوان، مقالا عن “التفاوتات الاجتماعية في العراق”، ذكر فيه وجود ٣٦ ملياردير وأكثر من ١٦ ألف مليونير في العراق.
ويعرض مدير المركز، عادل بكوان، أوجه عدم المساواة الاجتماعية المختلفة في العراق، والتي أصبحت واحدة من التحديات الرئيسية التي تواجهها البلاد.
ويقول في المقال الذي ترجمته (المدى): منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، كانت قضية العدالة الاجتماعية في قلب الاحتجاجات المختلفة. الأسباب كثيرة ومعقدة، لكن لا بد من القول إن المجتمع العراقي منقسم الآن بين طبقة عليا حيث تعيش الأقلية بشكل مريح وطبقة دنيا حيث الأغلبية تناضل بشدة من أجل البقاء. وبين الاثنين، اختفت ببساطة الطبقة المتوسطة التي كانت حاضرة إلى حد كبير بين السبعينيات والتسعينيات.
ويضيف عادل بكوان: وفي العراق الجديد الذي أقامه الأميركيون، تتكون هذه الأقلية المميزة بشكل رئيسي من كبار المسؤولين التنفيذيين في الأحزاب السياسية ومنظمات الميليشيات، فضلاً عن مديري الشركات التابعة لهم، والنواب والوزراء الحاليين أو المتقاعدين، والعائلات التي تنتمي إلى البرجوازية العليا والدنيا، والمجموعات الإعلامية المؤثرة، ومديري الشركات المتوسطة، أو الكبيرة المرتبطة بدول النظام الإقليمي (إيران، تركيا، دول الخليج). لديهم إمكانية الوصول إلى السلع التي نادرا ما تكون متاحة للسكان الأكثر حرمانا: السكن في مجمعات جديدة مبنية وفقا للنموذج الغربي، ومدارس مستقلة باللغة الإنجليزية بالكامل لأطفالهم، وحمامات سباحة، وملاعب، وحدائق، ومناطق ترفيهية، ومسارح ودور سينما، ووجهات مميزة لقضاء العطلات (مثل إسطنبول ولندن وواشنطن وباريس)، أو السفر على درجة رجال الأعمال أو كبار الشخصيات.
ووفقا لبحث أجراه المركز الفرنسي للبحوث في العراق (CFRI)، هناك 36 مليارديرا و16 ألف مليونير بين هذه البرجوازية العراقية الجديدة التي تنتمي إلى نخبة المجتمع. وعلى سبيل المقارنة، فإن عدد المليارديرات في العراق يعادل عدد الدول التالية مجتمعة: المجر، رومانيا، البرتغال، هولندا، الدنمارك، نيجيريا، الإمارات العربية المتحدة، الكويت ولبنان.
وفي الوقت نفسه، يعاني الناس عند الطرف الأدنى من السلم الاجتماعي من شعور عميق بالإحباط والفقر المدقع والإقصاء المنهجي، كما يتبين من عدد من المؤشرات. دعونا نفحص بعض الأمثلة.
وبحسب وزير التخطيط العراقي، 68% من 40 مليون عراقي كانوا تحت سن الثلاثين في حزيران 2014 مما يجعل العراق من الدول التي لديها أصغر عدد من السكان في العالم. ومن بين هذه الفئة الاجتماعية والديموغرافية، المنخرطة بقوة في الحركة الاحتجاجية، فإن معدل البطالة مثير للقلق، ويقدره صندوق النقد الدولي بـ 40%.
النساء، اللاتي أصبحن الآن حاضرات بقوة في جميع المظاهرات، يعانين أيضا بشكل جماعي من البطالة الهيكلية: 87% من النساء العراقيات لا يشكلن جزءا من السكان العاملين. وهذا هو ثاني أدنى معدل في العالم بعد اليمن، بحسب نفس تقرير صندوق النقد الدولي.
وتتأثر جميع الفئات الاجتماعية الموجودة في أسفل السلم أيضا بالفقر المدقع المرتبط بأزمة البطالة الجماعية. وبحسب وزارة التخطيط العراقية، ففي محافظة نينوى يعيش 34.50% من السكان تحت خط الفقر، وفي محافظات ذي قار وميسان والديوانية والمثنى تبلغ هذه الأرقام 40.90%، 42.30%، 44.10%. و52.50% على التوالي. وبحلول عام 2022، ذكرت الوزارة نفسها أن ربع سكان العراق يعيشون تحت خط الفقر.
ولن يتمكن الأطفال من هذه الفئات المحرومة من تحقيق سوى 40% من إمكاناتهم، مما يعكس مستوى منخفض للغاية من رأس المال البشري، متقدمين مباشرة على اليمن ومنطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا على نطاق عالمي.
وعلى الرغم من أن الحكومة الجديدة بقيادة محمد شياع السوداني ليست مسؤولة عن الوضع المأساوي الحالي، إلا أنها مسؤولة عن إدارة مخلفاته.
ونتيجة لذلك، أصبحت إدارة الفوارق الاجتماعية أولوية ملحة للغاية تتطلب خطة عمل قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل. وهذا بلا شك يمثل أحد أهم تحدياتها: اختبار لحكومة تعرف نفسها بأنها حكومة هدفها الوحيد خدمة مصالح الشعب العراقي!
