 المدى/ نبأ مشرق

أعلن وزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الأسدي، شمول أكثـر من 91 ألف أسرة في محافظة صلاح الدين بإعانة الحماية الاجتماعية، مشيراً إلى فتح باب الاعتراض للأسر التي ظهرت بياناتها فوق مستوى خط الفقر.

بينما أطلق رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في 14 من كانون الثاني لهذا العام حملة وصفت بالأكبر للبحث الاجتماعي الميداني بمشاركة 2000 باحث من هيئة الحماية الاجتماعية في وزارة العمل، تستهدف 1.746.086 مليون أسرة تقدمت للشمول بمبلغ الإعانة الاجتماعية عبر النافذة الإلكترونية.

وعلى الرغم من الجهود التي تحاول الحكومة من خلالها مواجهة هذه الافة، يتوقع مختصون ان ارتفاع عدد الفقراء في العراق سيصل الى اكثر من 13 مليون مواطن خلال نهاية عام 2023 بسبب الاثار الاقتصادية التي يشهدها البلد مما يسبب تراجع المستوى المعيشي للمواطن العراقي.

الفقر رسمياً

وتجاوزت اعداد الفقراء في العراق نسبة الـ 25 في المائة ليصل عددهم الى 10 ملايين عراقي حسب تصريحات كانت قد أعلنت عنها وزارة التخطيط في إحصاءاتها لعام 2022.

وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، بدورها أعلنت عن أنّ العدد الكلي للمشمولين بإعانة الحماية الاجتماعية وصل إلى سبعة ملايين نسمة، مشيرة إلى أنّ عدد الأسر المصنّفة تحت خط الفقر وفق إحصاءات وزارة التخطيط بلغ 52081 أسرة.

اما الناطق الرسمي باسم وزارة التخطيط العراقية عبد الزهرة الهنداوي، يوضح في تصريح خص به (المدى)، انه "مازلنا ننتظر نتائج المسح الاقتصادي والاجتماعي للأسر في العراق والذي بدأ الجهاز المركزي والاحصائي في وزارة التخطيط بتنفيذه مع مطلع النصف الثاني من هذا العام، فقد بدأ العمل به في شهر تموز، حيث يكون بمرحلتين، كل مرحلة تكون مدتها 6 أشهر، اذ تنتهي المرحلة الأولى بنهاية هذا العام، ومن ثم تبدأ المرحلة الثانية في كانون الثاني من مطلع العام المقبل".

إحصائيات مؤجلة

يضيف الهنداوي، اننا "سنكون امام معطيات لنتائج المرحلة الأولى من هذا المسح، ولدينا مؤشرات نعتمد فيها على المسح السابق الذي نفذ بسنوات سابقة والتي تشير الى ان نسبة الفقر هي 21%، حيث تمثل محافظة المثنى الأعلى بالنسبة لنتائج المسح السابق لمعدلات الفقر، وبنسبة اكثر من 50%، وهناك محافظة أخرى تعاني من هذه الافة تأتي بعد محافظة المثنى بنسب تتفاوت بين 46 الى 47% مثل محافظة الديوانية وميسان وذي قار، ونحن بانتظار المؤشرات الجديدة التي سيتمخض عنها المسح الاقتصادي والاجتماعي الجديد الذي يجري تنفيذه في عموم العراق".

مسببات

وساعدت عوامل داخلية وخارجية آفة الفقر بالاستشراء وارتفاع نسبها في البلد، فمن الأوبئة والحروب والتغييرات المناخية التي اثرت على بلد كان وما يزال اعتماده الأول على إيرادات النفط فقط، لتأتي بعدها ازمة ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي التي اثرت على الأسواق العراقية لتقوم بذلك بتخفيض القيمة الشرائية مما جعل أصحاب الدخل المحدود يعانون في الجانب المعيشي.

مراقبون حذروا من غياب التخطيط الحكومي لمواجهة آفة الفقر وزيادة نسبها في البلد، وأكدوا أن عوامل التضخم تزايدت بشكل كبير، ما سبب تآكلاً لدخل الفرد ونقل الأسر من مستوى الطبقة المتوسطة الى مستويات دون الفقر، وأن التغيير الحاصل في سعر الصرف بنسبة 23 في المائة سنة 2020، رفع مستويات التضخم الذي تزايد إلى حد كبير مع تغيير سعر صرف الدولار الأخير والتقلبات التي شهدتها السوق المالية العراقية.الباحث الاجتماعي حيدر الدهوي بين لـ(المدى)، ان "اسباب الفقر في العراق عديدة، اولها العقوبات الاقتصادية على البلد والتي طبقت بعد حرب الخليج التي فرض فيها اكبر حصار اقتصادي على العراق، ويأتي بعد ذلك الاحتلال الامريكي، اما ثانيا، فهو عن حجم الدمار والتخريب الذي تعرضت له البنى التحتية العراقية، والنقطة الثالثة والمهمة هي الفساد المالي والاداري الذي تحول الى ظاهرة سلوكية في البنية المؤسسية، وهذا اثر على الاقتصاد العراقي والسياسات النقدية غير الواضحة وتحويل المؤسسات العراقية الحكومية الى القطاع الخاص والانهيارات البنيوية للاقتصاد العراقي وتعاملاته المصرفية وتهريب العملة وغير ذلك من الامور التي جعلت خط الفقر يرتفع بشكل كبير. يضيف الدهوي، ان "الحلول التي يمكن ان نضعها، هي تنشيط قطاع التجارة الخارجية والاستفادة من المقدرات الاقتصادية، وهنا نقصد النفط، وذلك عبر اقامة علاقات اقتصادية مع الدول المجاورة والقضاء على الفساد بكل اشكاله، ووضع ستراتيجية اقتصادية واضحة بعيدا عن الضغوطات، واقامة بنى تحتية قادرة على الصمود، وتشجيع الابتكار، واقامة بيئة تشجع المستثمرين بكافة الاشكال، فضلا عن التمكين وبناء رأس المال البشري، وتمكين النساء في العمل".

مواطن فقير بلد غني

وتتطلب هذه الافة التدخل الحكومي السريع لإيجاد حلول قصيرة ومتوسطة الأجل وكذلك وضع خطط لحلول طويلة الأجل وخاصة يقع جزء من العبء لمعالجة الفقر على المؤسسات الاجتماعية، فالمؤسسات الاجتماعية مجموعة من الأفراد منضمين تحت هيكل تنظيمي مستقل ماليا في إطار قانوني واجتماعي معين، ذات أهداف محددة كأن تكون متخصصة في مجال التنمية الاقتصادية أو التنشئة الاجتماعية أو الأمنية أو في مجالات الثقافية والفنية او الرياضية او المهنية وغيرها، وتهدف المؤسسات الاجتماعية في إيجاد فرص عمل للشباب أو تنمية وتطوير المهارات لهم ليكونوا منسجمين مع نظام الوظائف الحديث والتكنولوجيا الحديثة.

وينطبق سوء إدارة الموارد الطبيعية المتاحة في البلد على افة الفقر، فالعراق كبلد غني بهذه الموارد مثل المياه والأراضي الزراعية والنفط الخام والغاز الطبيعي والفوسفات والكبريت واليورانيوم، وغيرها من الموارد الطبيعية وهذا ما يفترض ان يجعل هذه المشكلة تتدرج بانحسار المشكلة يوما بعد اخر.

يشار الى ان ظاهرة الفقر كشفت للعيان في العراق في فترة التسعينيات من القرن الماضي، لأسباب تتعلق بالحروب الداخلية والخارجية مع فرض الحصار الاقتصادي على العراق من قبل المنظمات الدولية.