بغداد – آكانيوز: "سحور"، "سحور"، "سحور" ..هي الكلمات التي اعتاد البغداديون على سماعها في أيام رمضان.. ثلاث كلمات تليها ضربات طبل على إيقاع رمضاني مفعم بالحنين لتعطي للصائمين إشارة بوقت السحور، قبل بزوغ الفجر الذي تنتهي معه مهمة المسحرجي (المسحراتي) اليومية.
هذه المهمة أصبحت شاقة بالنسبة للمسحراتي في بغداد، إذ إنها تراجعت بعد عام 2003 وأيام العنف الطائفي في البلاد عامي 2006 و2007، لكن هذا التقليد بدأ يعود تدريجياً على الرغم من محدوديتها بسبب سريان حظر التجوال في شوارع وأزقة بغداد، بينما على صاحب الطبل، أن يوصل صوت ضربات طبله إلى ساكني البيوت.ويجوب المسحرجي شوارع بغداد قبل ساعة على الأقل من موعد السحور، لإيقاظ الناس من اجل إعداد السحور وتناوله قبل أن يعلن المؤذن موعد "الإمساك" أي التوقف عن تناول الطعام.يقول أبو وعد (55 سنة) وهو مسحرجي، انه اعتاد على هذا التقليد منذ أن كان عمره ثماني سنوات، ويضيف "كنت أرافق أبي الذي كان يجوب شوارع عديدة في بغداد أثناء شهر رمضان في فترة السحور". ويضيف أبو وعد "بعد أحداث عام 2003 وفي سنوات الطائفية، كنت أجوب شوارع منطقتي ليلاً، لأني أشعر بأن الأجر حليفي".وعن خطورة ليل العاصمة بغداد، يقول أبو وعد "كان الخوف يلاحقني وأنا امسك طبلتي وأصيح (سحور.. سحور.. سحور)، لكن سكان المنطقة كانوا متعاونين معي حتى كنت أتسحر (أتناول الطعام) مع البعض منهم".وتابع يقول "لكن هذا العام يختلف في ظل غياب الحكومة والمشاحنات بين الكتل السياسية، وأنا أتوقع ألا يتمتع رمضان هذا العام بروحية الأعوام الماضية، إلا إذا تم إيجاد حل لمسألة التأخير التي أثرت سلبا على المواطن العراقي".وكان الكثير من العراقيين يأملون أن تثمر انتخابات آذار/ مارس عن حكومة تعمل على تحسين الوضع الأمني، ومستوى الخدمات وبخاصة قطاع التيار الكهربائي، الذي يعانيه العراق لسنوات عدة، إلا أن تلك الآمال تلاشت بعد أن يئس الكثيرون من التعثر والخلافات حول منصب رئاسة الوزراء.وشدد المسحرجي جاسم محمد (42 سنة) في جانب الرصافة من بغداد "أنا مستعد لرمضان هذا العام مثل كل الأعوام السابقة وقد اشتريت طبلة جديدة رغم الظروف الصعبة التي يمر بها العراق مؤخراً،وهذه مهنتي وانتظرها من سنة لأخرى".وتقول أم فاطمة (54 سنة) من سكان العاصمة، إن "رمضان لا يكتمل إلا بصوت المسحرجي وهو يدق بطبله أو يطرق الأبواب لإيقاظ الناس للسحور".وتابعت تقول "بدونه لا نشعر بجمالية وروحية الشهر بل حتى أطفالي ينتظرونه بشوق".ويقول أبو صالح (66 سنة) إن "البغداديين اعتادوا على رمضان بطقوسهم المعروفة مثل لعبة المحيبس وأكلة الزلابية وفطورهم الجماعي الذي يضم الجيران والأهل وسحورهم على صوت (أبو طبيلة) نحن نسميه هكذا في أيامنا".وتختلف كلمة المسحراتي بين البلدان العربية والإسلامية ففي العراق يسمى "المسحرجي" أو "ابو طبيلة" وفي مصر وسوريا وأكثر البلدان العربية"المسحراتي"، وفي دول الخليج العربي يطلق عليه "القرقيعان" إضافة إلى تسميات شعبية أخرى.
علامة فارقة في رمضان العراقيين..أبو طبيلة يعود الى بغداد
نشر في: 21 أغسطس, 2010: 06:32 م