اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > ليس في الأفق ثمة تغير

ليس في الأفق ثمة تغير

نشر في: 15 أكتوبر, 2023: 10:56 م

رزاق عداي

واهمُ من يعتقد ان امريكا ستساعد في المدى القريب على اسقاط النظام السياسي في العراق، فالنظام في تصميمه الاساسي الهندسي امريكي بامتياز، اما الجيران فقد امتدت اصابعهم لاحقاً، فامريكا تقاتل بشراسة ضد من يسعى بهذا الاتجاه باعتبار ان العراق هو مرتكزها الجيوسياسي في منطقة الشرق الاوسط وهي من قدمت الكثير في سبيل اسقاط النظام السابق،

حتى انها اليوم تعترض على اية توسعة للعلاقات بينه وبين دول كبرى اخرى كروسيا وفرنسا والصين وتحاول ان تتحكم في حجم التسوق التسليحي له مع بلدان اخرى، والاكثر من ذلك فالعراق اليوم هو من ضمن الامن القومي الامريكي، واذا كانت قد سحبت قواتها منه في عام 2011 في فترة حكم اوباما، فقد ربطته بموجب اتفاقيتن صارمتين مقيدتين، الاولى الاتفاقية الامنية والثانية وفق ما اطلق عليه باتفاقية الاطار الاستراتيجي التي وقع عليها رئيس وزراء العراق اسبق في عام 2008، والتي تضمنت الرعاية والاشراف على العراق على المدى البعيد.

الخطوة الحاسمة في تكريس الاحتلال الامريكي لاطول مدة هي في اضعاف القدرة العسكرية للعراق بعد 2003، فمن المعروف ان الجيش العراقي قد تاْسس قبل ولادة الدولة العراقية عام 1921، وكان مسيساً منذ البداية، فمعظم رؤوساء الحكومات المتعاقبة والوزراء في العهد الملكي كانوا من العسكريين، ونتيجة لتسيس الضباط العسكريين لعب الجيش العراقي دوراً رئيسياً في عدم الاستقرار السياسي، وفشل المشروع الديمقراطي، ومن هنا تولدت فكرة حل الجيش العراقي على يد الحاكم المدني (بول بريمر) بعد الاحتلال الامريكي للعراق، بدعوى ان الجيش العراقي هو جيش مسيس ومؤدلج بالايديولوجية الفاشية، لا يمكن الوثوق به والاطمئنان اليه في الحفاظ على امن البلاد واستقراره وضمان عدم الانقضاض على الحكومة المدنية الديمقراطية بعد سقوط النظام السابق، فبقاء الجيش القديم يعني استمرارخطر الانقلابات العسكرية، كسيف معلق على رقبة الحكومة الديمقراطيية، ولهذا كانت الاستراتجية الامريكية ترى من المنطقي ان العراق الجديد هو بحاجة ماسة الى تغير جذري لكل شئ، خاصة بناء قوات مسلحة جديدة ومتحررة من العقلية الانقلابية والسياسية والايديولوجية القديمة يتعهد فيها الضابط على احترام القيم القيم الديمقراطية وحماية امن المواطن، والدفاع عن حدود الوطن من العدوان الخاجي، وعدم التدخل في السياسة مطلقاً، وان يكون وزير الدفاع مدنياً، وهذا لا يتم الا بحل الجيش القديم، وبناء جيش جديد.

وتجدالاشارة الى ان تفكيك الجيش العراقي يعتبر اهم متكزات الاستراتيجية الامريكية في العراق بعد 2003، تلك الاستراتيجية التي تذرعت بضرورة انهاء اسلحة الدمار الشامل بموجب مجموعة من القرارات الدولية التي صدرت بعد عام 1991، فمصلحة امريكا كانت تكمن في ايجاد نظام سياسي في العراق يكون حليفاً لها، على ان يكون ضعيفاً، وان لا نزعة سيطرة اقليمية، وان لا يهدد الامن والاستقرار في المنطقة.

وينبغي ان يفهم ان الاستراتيجية الامريكية في اية حقبة لا تتجزاْ وفقاً لارادة اي رئيس جديد، اذ ربما تكون للرؤساء بصمة ما في بعض النواحي، الا ان الخروج عن الخطوط العامة لا يسمح له بمتابعة من المراكز والمؤسسات الكبيرة، فالعراق اصبح ضمن الاهتمام الامريكي في مرحلة ما بعد تفكك الاتحاد السوفيتي ونهاية الحرب الباردة، وعندما بداْت الماكنة الفكرية الاستراتيجية الامركية بضخ كم هائل من المصطلحات والمفاهيم التي تخص سترتيجيتها الجديدة والتي ازاحت النظام العالمي القديم الذي كان يسمى نظام القطبين نحو نظام القطب الواحد الذي تتزعمه وتقوده امريكا كقطب منفرد، كانت الديمقراطية الامريكية هي واحدة من تخريجات الماكنة الفكرية الامريكية التي تناسب انتصار الليبرالية على الاشتراكية حسب المفهوم الامريكي، فكان اُريد تطبيقها هذه الديمقراطية عملياً وفق عينة واقعية، فكان العراق حاضرا ومستوفياً لكل الشروط المرغوبة، وكانت اليافطة الجاهزة القديمة والتي استخدمتها كل الامبراطوريات الناهضة لاجتياح الدول الاخرى هي الرغبة في تحرير الشعوب منذ الاسكندر المقدوني ومرورا بنابليون والجنرال مود، اما امريكا فقد زادت عليها بالازمنة الحديثة بما اسمته بالدافع الاخلاقي الذي اطرت به قصف مدينتي هيروشيما وناكازاكي في نهاية الحرب العالمية الثانية، واجتياحاتها لكثير من دول شرق اسيا في خمسينات وستينات القرن الماضي.

العراق اليوم يقف موزعاً ومهشماً في منطقة توازن لسياسات اقليمية مجاورة ودولية في مقدمتها امريكا وجميعها تجد ان مصالحها تقتضي ان يبقى على ما هو عليه، اما التحركات العسكرية الامريكية الاخيرة في المنطقة، فهي مساعي لتغير ديكورات ليس الا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

 علي حسين كان الشاعر الزهاوي معروف بحبه للفكاهة والظرافة، وقد اعتاد أن يأخذ من زوجته صباح كل يوم نقوداً قبل أن يذهب إلى المقهى، ويحرص على أن تكون النقود "خردة" تضعها له الزوجة...
علي حسين

باليت المدى: على أريكة المتحف

 ستار كاووش ساعات النهار تمضي وسط قاعات متحف قصر الفنون في مدينة ليل، وأنا أتنقل بين اللوحات الملونة كمن يتنقل بين حدائق مليئة بالزهور، حتى وصلتُ الى صالة زاخرة بأعمال فناني القرن التاسع...
ستار كاووش

ماذا وراء التعجيل بإعلان " خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!!

د. كاظم المقدادي (3)ميزانية بائسةبعد جهود مضنية، دامت عامين، خصص مجلس الوزراء مبلغاً بائساً لتنفيذ البرنامج الوطني لإزالة التلوث الإشعاعي في عموم البلاد، وقال مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع في اَذار2023 إن وزارة...
د. كاظم المقدادي

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

غالب حسن الشابندر منذ أن بدأت لعبة الديمقراطية في العراق بعد التغيير الحاصل سنة 2003 على يد قوات التحالف الدولي حيث أطيح بديكتاتورية صدام حسين ومكتب سماحة المرجع يؤكد مراراُ وتكراراً إن المرجع مع...
غالب حسن الشابندر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram