متابعة: المدى

نعى عدد كبير من الإعلاميين العرب ورجال السياسة، الإعلامية اللبنانية الكبيرة جيزيل خوري التي توفيت فجر أمس الأحد عن 62 عاماً في بيروت،

وقد أعلنت مقربة منها أن خوري رحلت بعد صراع مع مرض السرطان، حيث كانت تُعالج في المستشفى خلال الأسبوعين الأخيرين بعدما تدهور وضعها فجأة. ونُقلت إلى منزلها يوم الجمعة بناء على طلبها. وقال مقربون منها لوكالة الصحافة الفرنسية إن "الراحلة كانت تحرص على ألا يشعر أحد بأنها مريضة حيث واصلت عملها". فيما نعتها "مؤسسة سمير قصير" في بيان جاء فيه: "بقلوب دامعة وعيون خاشعة، تنعى مؤسَّسة سمير قصير إلى الأصدقاء والأوفياء وعشّاق الحرّية، مؤسِّستها الحالمة ورئيستها الدائمة، الإعلامية جيزيل خوري، بعد حياة من النضال والالتزام والإنجازات".

ظلت جيزيل خوري خلال مسيرتها الإعلامية التي اقتربت من الأربعين عاماً تُوصف بالإعلامية ذات القدرات المهنية المتميزة التي لا تعني لها الشهرة شيئاً، بل كان المهم بالنسبة لها أن يصل صوت الناس وقضاياهم، اشتهرت بدفاعها عن القضايا العربية ومن أبرزها قضية فلسطين، فيما كانت قضايا لبنان والعراق وسوريا تعد من الأولويات بالنسبة لها. قدمت خوري عدداً من البرامج الحوارية وقد تميزت بقدرتها على كشف الحقائق وبحياديتها وبعلاقاتها الطيبة مع الأوساط السياسية والثقافية من مختلف الاتجاهات.

ولدت جيزيل خوري بالأشرفية في العاصمة اللبنانية بيروت سنة 1961، وهي متحدرة من بلدة العقيبة الساحلية في قضاء كسروان شمال بيروت، بعد دراسات في الإعلام والتاريخ، انطلقت مسيرة جيزيل خوري الإعلامية على الشاشة الصغيرة عبر المؤسسة اللبنانية للإرسال "إل بي سي" بعيد افتتاح هذه القناة، وهي أول محطة تلفزيونية خاصة في لبنان، في منتصف ثمانينيات القرن الماضي. وقدمت على هذه الشاشة المحلية مجموعة برامج ثقافية ووثائقية وسياسية، من أبرزها برنامج "حوار العمر" في أواسط التسعينيات، الذي حققت فيه نجاحاً كبيراً من خلال حواراتها مع بعض من ألمع الأسماء الفنية والثقافية والسياسية في لبنان والعالم العربي. وانتقلت خوري إلى قناة "العربية" الإخبارية بعيد افتتاحها عام 2003، وعملت فيها سنوات عدة قدّمت خلالها برنامجي "بالعربي" و"ستوديو بيروت". وتابعت خوري مسيرتها التلفزيونية على قناة "بي بي سي عربي" نهاية 2013، حيث قدمت برنامج "المشهد" الذي سلطت من خلاله الضوء على بعض روايات شهود العيان الأكثر إقناعاً في التاريخ الحديث في الشرق الأوسط. عام 2020 حطت رحالها أخيراً في قناة "سكاي نيوز عربية" حيث قدّمت برنامجها الحواري "مع جيزيل".

بعد اغتيال زوجها الصحفي سمير قصيّر في الثاني من حزيران 2005، أطلقت الراحلة في شباط عام 2006 مؤسسة تحمل اسمه، وحولتها إلى إحدى أبرز المؤسسات الإقليمية المتخصصة في رصد الانتهاكات ضد الحريات الإعلامية والثقافية عربياً، ودعم الأصوات الإعلامية المستقلّة في لبنان ودول الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا. حملت الإعلامية الراحلة قضية حرية الصحافة إلى المحافل العالمية، دافعةً الاتحاد الأوروبي لإطلاق جائزة سمير قصيّر لحرية الصحافة عام 2006، وانتُخبت عضواً في مجلس إدارة المنتدى العالمي لتطوير الإعلام بين 2016 و2020، وعضواَ في لجنة تحكيم جائزة "جيلرمو كانو" لحرية الصحافة التي تمنحها اليونسكو، كما أنها نالت وسام الفنون والآداب الفرنسي من رتبة ضابط عام 2012، ووسام جوقة الشرف الفرنسية من رتبة فارس عام 2019.