اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > الوجه المشترك عبر التنمية

الوجه المشترك عبر التنمية

نشر في: 17 أكتوبر, 2023: 11:54 م

ثامر الهيمص

المفكر المغربي سعيد ناشيد يقول انا ابن حضارة صنعها العرب المسلمون وانارها العرب المسيحيون وعلمها الفرس الساسانيون وحماها الاتراك العثمانيون وفي الاخير خذلها الجميع وتنكر الجميع للجميع ربما لان (الوجه المشترك لا احد ينظفه كما يقول المغاربة لكن ماذا حين يتعلق الامر ليس فقط بالوجه المشترك انما بالعيش المشترك (سعيد ناشيد / قلق العقيدة / ص20 /2011)

لذلك ينبغي اولا تنظيف المشترك لكي يكون جاهزا للعيش المشترك ولكي نترجمه عراقيا علينا الاعتراف بأن اصبع واحد لا يزحزح الجلمود بكل الاحوال وهذا ينسحب سياسيا واقتصاديا وباقي الميادين وقد جربنا 20 عاما فكانت مصداقا نظرا لغياب من ينظف كاملا الوجه المشترك في مجال الاقتصاد الكلي الذي يوحده الاقتصاد الصناعي اولا حيث لم تتظافر القطاعات الثلاث ان لم تتقاطع فالنفط والغاز في واد والزراعة التقليدية في مكانها تتراجع والصناعة تتأكل موقعيا كل هذا تحت شعارات واوهام وتأويلات تتناطح على حساب الوطن والوطنية (فالاديان يتلقاها الانسان ويتفاعل معها (فردانيا فأن هذا من شأنه الشخصي في اختيار طريقة تعبده ولكن ذلك لا يصح في اختيار وطنه لأن الوطن ليس خيارا متاحا (رحيم ابو رغيف /اوطان واديان /ص357/2020(

فريادة النفط وقيادته المالية والنقدية لم نحصد في فوراتها غير اغراء الحروب وغرورها والحصارات كنتائج واخيرا مستنقع الفساد اما الزراعة بثروتها الحيوانية تتراجع مع ايقاع الاقتصاد الريعي التاريخي وهكذا القطاع الخدمي عموما يجري لاهثا الان في خدمة تجارة الاستيراد الاستهلاكية من مصارفها الى بقية المرافق الساندة من وزارة التجارة الى سلطة المنافذ اللبرالية الانفتاحية

فالمشترك الصناعي لم ينظف وجهه اي من القطاعات والاجهزة الرسمية بل تتم محاربته بشكل مباشر او غير مباشر فتراجع أفلا تاركا الساحة لنشطاء نافذة العملة والذي منها كونه العراقي الوحيد الذي لم ينجر ورائهم كي يباع خردة او مجرد صناعة كمبرادورية تمثل الشركة الام في الخارج ولذا يمكننا القول ان اذرع التحاصص ترى ان التصنيع عصي على المطاوعة كونه القاعدة او الساحة التي تتحول باقي الانشطة مجرد روافد لصناعة وطنية تجمع العراقيين حسب الكفاءة وليس الولاء الطائفي او القومي او المناطقي كما تستشري الان

لذلك لا يمكن لغير التصنيع قائدا من حيث العموم والصناعة النفطية خصوصا ولعله من المناسب الاشارة بأن الصناعة والتصنيع بجناحيه النفطي وغير النفطي سيساعد على انفتاح المجتمع والخروج من الانتماأت التقليدية والهويات الفرعية ودورها في تحجيم العمل التنموي عموما والصناعي خصوصا كبيئة طاردة للاستثمار (ان نسبة الآ سر الممتدة عام 1940 كانت 82% بينما كانت الآسر النووية 18% وفي عام 1980 انخفضت نسبة الاسر الممتدة الى 34% في حين ارتفعت الآسر النووية الى 66%(د. احسان محمد الحسن / التصنيع وتغيير المجتمع /ص94/ 1981) في هذه الحالة ان الاقتصاد الحقيقي بجناحيه الصناعة والزراعة ينازعان الاقتصاد الريعي مكانته الحالية التي وصلت لحد ان تشكل واردات النفط 97% من موازتنا الثلاثية اذ تصحرت الارض ب100 الف دونم سنويا وتراجعت الصناعة لتشكل كواردات اقل من 5% من الناتج الوطني وهكذا تعطل 104 معمل حكومي و50 الف مشروع مغلق بسبب الاستيراد المنفلت ليفرز 16 مليون عاطل و11مليون جائع و12 مليون أمي (حسبما جاء بصحافتنا ليوم 31/8/ 2023).

في حين كانت الصناعة والزراعة في اربعينات القرن المنصرم مزدهرة قياسا للفترة الحالية بشكل ملفت (ان الصناعة العراقية لا تزال في طور نشوئها وقد اسس لحد الان 70 مشروعا تتمتع بالاعفاأت المنصوص عليها في قانون تشجيع المشاريع الصناعية وذلك عدا المشاريع الاخرى التي لا تنطبق عليها احكام هذا القانون وتدار هذه المشاريع على الغالب (بالقوة الكهربائية’ وهي تختص بصناعات السكائر والثقاب والصابون والعطور والغزل والنسيج والحياكة والسداير والاحذية والدباغة وحلج الاقطان والازرار والطابوق والكاشي والواح البردي المظغوط وتوليد الاوكسجين والاصطوانات والطباعة والورق واجزاء المحركات الزراعية وسدادات القناني واستخراج الدهون والطحين وتقطير الكحول والبيرة والالبان والحلوى والمعكروني وهناك صناعات حديثة اخرى (كتوليد القوة الكهربائيةوصناعة البضائع الجلدية والثلج والاشربة الباردة والصودا والزجاج والمرايا والخزف وغيرها وحرية بالذكر صناعة استخراج النفط وتصفيته التي انشأت على احدث الاسس على استنباط منابع النفط الغزيرة(مير بصري / مباحث في الاقتصاد العراقي /ص155/ 1948/ طبع شركة التجارة والطباعة المحدودة لنقول هل من مقارنة ام نسأل ماذا بقي مما انشأ منذ 75 عام وما قبلها حصرت مابين هلالين ما يتعلق بالكهرباء ام التصنيع التي نستوردها كجطلات من الدول المجاورة والغاز كوقود لها!!

نعود متفائلين بطريق التنمية الذي يبدو انه الرائد والقائد الستراتيجي لقادم السنين والعقود فالتراجع الملحوظ اعلاة لنصف القرن الماضي هو غياب التفكير الستراتيجي اولا الذي يفتقر لقاعدة شعبية موحدة عراقيا ظاغطة ام انه اي التفكير الستراتيجي لا يشكل الاهمية ذاتها لاطراف العلاقة (فالتفكير الستراتيجي هو مجموعة من المبادئ والافكار والسياسات والقواعد العملية التي تكون طريقة للقادة يفكرون بواسطتها ودليل يرشدهم في اعمالهم اليومية (د. حسين محمد جواد الجبوري / التفكير الستراتيجي / منهج متكامل للمستقبل / 127 / 2017.

بكل الاحوال هذا الطريق بدون التصنيع الاحفوري عموما يصبح مجرد خط ناقل ترانزيت قد يساعد الاعتبارات الامنية حيث امننا الاقليمي مرهون عادة بالجيران ومباشرة بالمقابل علينا ان نعاود للتراث القومي فقد جرت محاولات ذات طابع تكاملي صناعي الطابع ينبغي استئنافه حيث الظرف الاقليمي يتناسب معه (فقد قامت منذ سبعينات القرن الماضي ثلاث شركات عربية مشتركة هي الشركة العربية للتعدين الشركة العربية للثروة الحيوانية والشركة العربية للصناعات الدوائية كما قرر مجلس الوحدة الاقتصادية العربية مؤخرا انشاء الشركة العربية للاستثمارات الصناعية (د. محمود عبد الفضيل / النفط والوحدة العربية / ص111/ 1979) نعم نراجع هذه المشاريع بما يخدم اقتصادنا النامي وهكذا مع جيراننا المسلمين لضمان التكامل الصناعي والزراعي تنشيطا لاقتصادنا الذي تراجع بفعل عوامل اقليمية ودولية

علينا ان نقرب الصورة من خلال نشاط الحكومة حيث يجري التركيز على الصناعات الستراتيجية التي تشمل الحديد والصلب والاسمدة والفوسفات والتعدين والسمنت والادوية وان وزارة الصناعة لا تملك الامكانات لاعادة تلك الصناعات الى وضعها الطبيعي الذي كانت عليه قبل 2003 مما حدى بها الى وضع خطة للدخول بشراكات مع القطاع الخاص (جريدة الصباح ليوم 21/ 9/ 2023) اما الصناعة النفطية /البتروكيمياويات / اذ من المؤمل ان يصبح العراق في ضوء مقوماته مركزا دوليا للصناعات البتروكيماوية ومن خلال مجمع نبراس العملاق لصناعة المشتقات بعد توقيع العقد عام 2015 مع شركة شل وان العمل وحسب وزير الصناعة سيتم بغضون خمسة الى ستة اعوام(جريدة المدى ليوم /21/9/ 2023) اما الزراعة فامر تحديثها مرهون بالكهرباء ودوائر الاستيراد وملف المياه اذ العشرات من المنافذ الحدودية مفتوحة للانقضاض على ما تبقى من منتجات زراعية (طريق الشعب / ليوم 10/9 /2023) في حين اوعدت وزارة الزراعة بزراعة 3 مليون دونم وافاد تقرير الرقابة المالية في 12/6 /2023 لم يزرع سوى 11% من المساحة المقررة وبما ان التهئ لزراعة الحنطة المقبل سيبدأ في 15/9 الى 15/10 /2023حيث تيدأ عمليات الحراثة والتسوية والبذار علما ان المنظومة اي المرشات المحورية وغيرها تحتاج لما لا يقل عن شهرين لتنصيبها على المساحات المقررة ومن ثم يتم تشغيلها تجريبيا (طريق الشعب / ليوم 12/9/ 2023) في حين يوم 22/8/2023/الذي قرر فيه مجلس الوزراء تحويل الدعم المالي المخصص للاسمدة الى دعم منظومات الري الحديثة (جريدة الصباح ليوم 14/9 / 2023).

كل هذا المشهد البيروقراطي لم يصل مثلا عمليا اوربما نظريا الى مكامن الغاز عكاز والمنصورية وغاز البصرة او الى عكاشات وفوسفاتها العظيمة كما عالميا او كبريت المشراق ايضا عظيم عالميا كما نعم لم يصل وهذه طبيعة الامور فهذا الجهاز البيروقراطي المترهل لا يسعه النجاح كونه بخبرات محدودة مع ضياع ستراتيجية للصناعة والزراعة بعد ان تناهشتها المحاصصه بفسادها

ومع ذلك نختم ان وجه العراق الموحد عمليا لازال له مريدين من داخله وخارجة بل حتى الشركاء الدولين او الاقليميين جاهزين لمد ايديهم لمسح ما علق بذلك الوجه الذي طالما كان مشعا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

 علي حسين كان الشاعر الزهاوي معروف بحبه للفكاهة والظرافة، وقد اعتاد أن يأخذ من زوجته صباح كل يوم نقوداً قبل أن يذهب إلى المقهى، ويحرص على أن تكون النقود "خردة" تضعها له الزوجة...
علي حسين

باليت المدى: على أريكة المتحف

 ستار كاووش ساعات النهار تمضي وسط قاعات متحف قصر الفنون في مدينة ليل، وأنا أتنقل بين اللوحات الملونة كمن يتنقل بين حدائق مليئة بالزهور، حتى وصلتُ الى صالة زاخرة بأعمال فناني القرن التاسع...
ستار كاووش

ماذا وراء التعجيل بإعلان " خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!!

د. كاظم المقدادي (3)ميزانية بائسةبعد جهود مضنية، دامت عامين، خصص مجلس الوزراء مبلغاً بائساً لتنفيذ البرنامج الوطني لإزالة التلوث الإشعاعي في عموم البلاد، وقال مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع في اَذار2023 إن وزارة...
د. كاظم المقدادي

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

غالب حسن الشابندر منذ أن بدأت لعبة الديمقراطية في العراق بعد التغيير الحاصل سنة 2003 على يد قوات التحالف الدولي حيث أطيح بديكتاتورية صدام حسين ومكتب سماحة المرجع يؤكد مراراُ وتكراراً إن المرجع مع...
غالب حسن الشابندر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram