ترجمة:عباس المفرجي
فلم رومان بولانسكي الجديد هو قطعة فنية خفيفة وقليلة العدد، تدور في الزمن الواقعي في شقة نيويوركية، ومبنية على مسرحية من تأليف ياسمين ريزا، التي شاركت أيضا في كتابة سيناريو الفلم. في أفضل حالاته، هذا الفلم هو قطعة هجائية عن اللياقة البورجوازية؛ في أسوأها، هو قطعة محكمة الشد لعشاء مسرحي باهض الثمن، عن موضوع مناظرة خجولة بواسطة، والى وحول، المثقفين.
جودي فوستر وجون سي رايلي، اللذان يلعبان دوري بينيلوب ومايكل، هما زوجان حسنا النية، يصاب إبنهما بجروح خطيرة في عراك مع فتى آخر، ووالدا هذا الفتى المعتدي، نانسي وألن، اللذين يلعب دوريهما كيت ونسلِت وكريستوفر والتز، يمكن من النظر اليهما التقدير بانهما أكثر غنى وتهذيبا من نظيريهما ــ يحضران من اجل محادثة متحضرة على نحو مفرط كي يسوّيا المشكلة. ينتهي هذا، بالطبع، الى التحوّل الى شجار لفظي اعقد مما في ملعب أطفال. خطوط المعركة تكون متعادلة.
في البداية، يكون الوضع متوترا على نحو مؤلم، لكن، فيما بعد، تبدد التطورات المضحكة جزءً كبيرا من الترقب القلق. الوضع الذي يوحي برهاب الإحتجاز وقرب المواجهة، مع الإغتياظ الناشئ عن ذلك، ينطوي على شيء من ديفيد ماميت أو نيل لابوت. (تحريم الإساءة الى الأطفال قوي. يمكن التفكير أيضا برواية كريستوس تسيولكاس " الصفعة "، أو حتى بمستر ديفيد لامي، عضو البرلمان، وأراءه حول قانون الأطفال لعام 2004). إنه حقا كابوس الطبقة الوسطى، وأولئك الذين شاهدوا فلم مايكل هانيك " مخفي "، قد يجدون أنفسهم منعمين النظر في كل مللمتر مربع من الشاشة بين إفتتاح وإنتهاء لقطات الفلم.
قدر بولانسكي التعس هو أن يكون لديه مواقع تصوير أمريكية مصطنعة وغير أصيلة. وبمعرفتنا انه لا يمكن للمخرج أن يضع قدما في الولايات المتحدة، فلا يسعنا سوى الإعجاب بالطريقة التي كان فيها مشهدا لشارع امريكي، منظورا من خلال نافذة، يبدو مفبركا. ولا يمكننا إلا أن نتساءل ما إذا لم يكن توزيع الأدوار بين زوج الممثليَن الامريكيَين (فوستر ورايلي)، مقابل زوج الممثليّن الاوربيّن (ونسلت ووالتز)، عشوائيا، أو حتى ما إذا كان هناك شيء من مغزى شخصي غير واعي للمخرج في هذه الدراما من لوم أو غضب على امريكا.
التوترات هي، على نحو مقنع، شديدة وبغيضة ــ وفي الأغلب حين تكون بلا كلام. يبدأ ذلك الجانب اللاشعوري من الغرائز البهيمية يحتدم محوّما في المكان، أشبه بالأطفال في رواية " لورد الذباب ". فوستر بوجهها الغاضب المتوتر المحتقن وعلى وشك الإنفجار (التي تشبه فيه بورتريهات بيكون)، تؤدي افضل ادوارها منذ سنوات عديدة، وكريستوفر والتز، بدور محامي الشركات الساخر، هو دمث وداهية. لكن عندما يحتدم بينهما الخلاف حول المجازر (هي بصدد كتابة دراسة جادة عن دارفور)، فإنه من المستغرب أن تنحط بينيلوب الى حد الإشارة الى لهجة ألن النمسوية، وتبدي ملاحظتها بشكل إهانة. فلم فيه بعض الجراح، لكنه ليس مجزرة.