 المدى/ علي الحمداني

يرى مراقبون أن مشاريع الاعمار التي تجري في البلاد هي عبارة عن "حملات ترقيعية" كونها تقتصر على "عمليات سطحية وقتية" دون أن تسهم في تطوير البنى التحتية والارتقاء بها، بل إن بعضها بدلاً من أن يحل أزمة تسبب بظهور مشاكل أخرى عززت من تراجع البنى التحتية، وذلك يعود إلى "تفشي الفساد واستغلال المال العام في المؤسسات الحكومية"، وخاصة في مجال الطرق، على حد قولهم.

إذ تكشف جولة واحدة في الشوارع والطرق السريعة في مختلف مناطق البلاد، عن حجم المعاناة المستمرة التي يواجهها سائقو الطرق، من تهالك بنيتها التحتية الناجم عن "غياب الصيانة" لتلك الشوارع، ورغم الميزانيات التي تنفق سنوياً على صيانة الطرق، إلا أن السائقين لم يلمسوا تغييراً حقيقياً في أغلب الشوارع.

تأخير وخسائر

وفي هذا السياق، يعرب سائق عجلة نوع باص لنقل الأطفال، صفاء محمد (32 عاماً) من بغداد، كما هو حال الكثير من السائقين، عن استيائه من "تهالك معظم الشوارع الداخلية للعاصمة والتي بعضها مليء بالحفر جرّاء عدم إجراء صيانة لها، فيما تتحول هذه الشوارع بعد كل هطول للأمطار في فصل الشتاء إلى بحيرات ومستنقعات لا يمكن المرور من خلالها لإيصال الأطفال التلاميذ إلى مدارسهم".

ويضيف محمد لـ(المدى) أن "هذه الصعوبات تتسبب في بعض الأحيان بتأخر موعد وصول التلاميذ إلى المدرسة، فضلاً عن الخسائر المادية جراء ما يلحق بالسيارة من اضرار بسبب تردي الطرق"، مطالباً "بتعديل البنية الأساسية للطرق، ومحاسبة المسؤول عن هذه المعاناة المستمرة".

حملات ترقيعية

من جهته، يرى الباحث في الشؤون الإدارية والاقتصادية، عمر الحلبوسي، أن "عمليات الاعمار تجري بطريقة ترقيعية ما يجعلها بلا فائدة، أو بفائدة محدودة لا تُسهم في تحقيق النجاح الكافي، فضلاً عن عدم إضافة شيء للبنى التحتية، بل تقتصر على عمليات سطحية ترقيعية وقتية ليس لها أي مردود إيجابي على المديين المتوسط والبعيد". ويؤكد الحلبوسي خلال حديثه لـ(المدى)، أنه "نتيجة لهذا، فإن البنى التحتية في تراجع وانهيار، ما حوّل العراق إلى بيئة فاقدة للخدمات بالشكل الأمثل، ورغم الأموال المرصودة لتطويرها لكن على أرض الواقع لا يوجد شيء ملموس".

ويتابع، "بل إن حملات الاعمار أصبحت باباً من أبواب الفساد، وضياعاً للأموال دون تحقيق النفع العام، حيث تأتي هذه الحملات الترقيعية بشكل متعمّد للإبقاء على بنى تحتية متردية يستغلها الفاسدون في سرقة المال العام".

ويوضح هذه السرقة بالقول: "وذلك من خلال المشاريع الترقيعية التي أصبحت سائدة بشكل كبير، بسبب المحاصصة الحزبية والمكاسب الاقتصادية التي تتخذ من مؤسسات الدولة باباً للارتزاق وتعظيم إمبراطوريتها المالية، عبر سرقة أموال مشاريع وهمية أو مشاريع ترقيعية بمبالغ مضخمة". وبناءً على ذلك، يرجّح الحلبوسي في ختام حديثه "بقاء حملات الاعمار مجرد شكل صوري وحلول وقتية دون أن تُسهم في تطوير البنى التحتية والارتقاء بها، يُضاف لها أن بعض هذه الحملات لا تحل أزمة أو مشكلة بل تُعقّدها وتؤدي إلى ظهور مشاكل أخرى تُعزز من تراجع البنى التحتية، وذلك يعود إلى تفشي الفساد واستغلال المال العام في المؤسسات الحكومية".

حل التعقيدات

بدوره، يوضح المتحدث باسم وزارة الاعمار والاسكان، استبرق صباح، بأن "البنى على نوعين (تحتية وفوقية)، أما الأولى فتشمل الطرق والجسور والماء والمجاري والكهرباء، ولدى الوزارة مشاريع فيها، كما خصص البرنامج الحكومي عدة مشاريع منها فك الاختناقات المرورية التي تندرج ضمن البنى التحتية لقطاع الطرق والجسور، أما البنى الفوقية، فهي الهياكل المبنية فوق الأرض". ويضيف صباح لـ(المدى)، أن "مشاريع الماء والمجاري في محافظة بغداد ليست من مسؤولية الوزارة، وإنما المسؤول عنها هي أمانة بغداد، ويبدأ عمل الوزارة من خارج حدود التصميم الأساسي لحدود محافظة بغداد، أي من حزام بغداد إلى المحافظات كافة، عدا محافظات إقليم كردستان". ويبيّن، أن "الأماكن التي تقع ضمن مسؤولية وزارة الاعمار والاسكان، هي مشاريع البرنامج الحكومي، ومشاريع الخطة الاستثمارية، ومشاريع تنمية الأقاليم، والمشاريع المموّلة من القروض الدولية، فهذه المشاريع تحظى باهتمام الوزير وهناك متابعة مستمرة شبه يومية وأسبوعية وزيارات ميدانية من الوزير شخصياً لها".