اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > كيفية التعامل مع انخفاض الخصوبة العالمي

كيفية التعامل مع انخفاض الخصوبة العالمي

نشر في: 23 أكتوبر, 2023: 09:27 م

إيف مونتيناي

ترجمة: عدوية الهلالي

لقد بدأ التراجع العالمي في معدلات الخصوبة، الذي تم تجاهله لفترة طويلة، في الظهور أخيراً كمادة للنقاش في مايخص شيخوخة السكان والتحديات الاقتصادية، فهل مجتمعاتنا الغربية مستعدة لهذا الواقع الجديد؟

لقد تم الاعلان لفترة طويلة عن الانخفاض الوشيك في عدد سكان العديد من البلدان، ثم الكوكب بأكمله، في حين كان الامر السائد هو الخوف من الاكتظاظ السكاني، وهو الخوف الذي تم تضخيمه، ولا سيما من قبل جزء من السياسيين وعلماء البيئة. ومنذ ذلك الحين، تغيرالأمر فقد لاحظنا الانخفاض في عدد سكان الصين، والذي من المتوقع أن يتسارع، وكذلك في العديد من البلدان الأخرى.وفي فرنسا، لم نصل إلى هذه المرحلة بعد، ولكن انخفاض معدلات الخصوبة سيقربنا من اليوم الذي سيبدأ فيه عدد السكان في الانخفاض.

وينتشر تراجع الخصوبة في جميع أنحاء العالم، ومن بين الحالات التي أصبح فيها الانخفاض في عدد السكان ملحوظا للغاية بالفعل، فإن الحالة الأكثر شهرة هي حالة اليابان التي انخفض عدد سكانها بمقدار 850 ألف نسمة في عام 2022. وقد انضمت الصين للتو إلى هذه المجموعة، فضلا عن العديد من البلدان الأخرى.

وهنالك مناطق يبدو أن عدد السكان فيها ينمو، ولكن الانخفاض سيتحقق قريبًا. وهذا هو حال الهند والولايات المتحدة وفرنسا،لأن انخفاض عدد الآباء سيؤدي تلقائيًا إلى انخفاض عدد السكان.وهنالك بلد ينمو فيه عدد السكان بسرعة، خاصة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ولكن معدلات الخصوبة فيه انخفضت بالفعل بشكل كبير.وفي الوقت الحالي، فإن سرعة تعاقب الأجيال وزيادة عدد الآباء تعوض عن هذا الانخفاض في الخصوبة، على الأقل لبضعة عقود أخرى.

وبشكل عابر، من الضروري الإشارة إلى الاعتقاد السائد بأن الإسلام هو سبب لارتفاع الخصوبة، في حين يظهر الفحص أن مستوى التنمية هو الذي يحدد ذلك فالبلدان الإسلامية المتخلفة لديها خصوبة عالية، ولكنها متوسطة فقط في الدول الإسلامية التي تسير فيها التنمية بشكل جيد، مثل المغرب وتونس وإيران وإندونيسيا وغيرها.وليست البلدان الإسلامية وحدها هي التي تتمتع بخصوبة عالية، بل هي أيضًا حالة بعض البلدان المسيحية الأفريقية، ومجتمعات معينة مثل الأميش في بنسلفانيا أو اليهود الأرثوذكس في نيويورك.

وتكوت بعض أسباب هذا الانخفاض في الخصوبة هي نفسها في جميع البلدان،وهي معروفة ومدروسة ومنها التحاق الفتيات بالمدارس، وصعوبات السكن، وتكلفة التعليم، وانتشار وسائل منع الحمل. وكل هذا موجود بشكل عام في المدن الكبرى. وهكذا ننتقل من عائلة قروية حيث لا يكلف توسيع المنزل الكثير وحيث يساعد الأطفال آباءهم في الحقول أو في تربية الماشية، إلى عالم حضري مختلف تمامًا.ومن هنا جاءت الفكرة السائدة بأن التحضر هو السبب الرئيسي لانخفاض معدلات الخصوبة على نطاق عالمي.

ثم، بفضل سياستها الداعمة للإنجاب التي تم تطويرها من عام 1938 إلى عام 1946 (الإعانات العائلية، وحصص الضرائب التي تخفض ضريبة الدخل، وما إلى ذلك)، تجاوزت طفرة المواليد تعويض الولادات المفقودة خلال الحرب. وبعد فوات الأوان، نرى أنه إذا لعبت المزايا المالية دورا، فقد تفاقم هذا من خلال المناخ الذي يفضل الجمع بين العمل والأمومة. على عكس الموقف التقليدي المعمول به آنذاك في البلدان الأخرى حيث من المفترض أن تبقى الأم في المنزل.

ويرجع جزء من الانخفاض إلى الزيادة المستمرة في سن الأمومة، فنحن نؤخر بشكل متزايد وقت إنجاب الأطفال، مما يقلل من حجم كل مجموعة عندما ترى النساء، في الأربعينيات من عمرهن، أنه لم يبق أمامهن سوى بضع سنوات لتحقيق أمنيتهن، وهو ما يعني في المتوسط أكثر من طفلين.

وتتمتع فرنسا بوضع أفضل نسبياً من بقية أوروبا، حيث يبلغ عدد الأطفال لكل امرأة 1.8 طفلاً مقارنة بـ 1.3 طفلاً في المتوسط في بلدان أخرى. وكما هي الحال في فرنسا، أصبح الانخفاض أكثر وضوحا في الآونة الأخيرة، باستثناء البرتغال، مع انخفاض بنسبة 4.9‌% في الاتحاد بأكمله بين عامي 2021 و2022. وفي إستونيا واليونان، كان الانخفاض أكثر من 10‌%. أخيرًا،وبعد التقلبات (انخفاض الخصوبة في الثمانينيات والتسعينيات، ثم استئنافه في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين)، نجد أنفسنا أمام انخفاض واضح إلى حد ما في الولادات.

وتجري الآن مناقشة هذه القضية على نطاق واسع، وقد أرادت العديد من الحكومات تقليد فرنسا في عام 1939 من خلال مساعدة الأسر مالياً.وكانت النتائج سيئة أو معدومة. والواقع أن المشكلة ليست مالية بحتة: على سبيل المثال، ليست المخصصات هي التي ستزيد عدد الوحدات السكنية المتاحة وتخفض أسعارها، بل ستؤدي فقط إلى ارتفاع أسعار الإيجارات!

لقد رأينا أن إحدى النقاط الأساسية هي تسهيل تنظيم الأمهات، اللاتي ترغب الغالبية العظمى منهن في العمل. وعلى المستوى الاقتصادي، تسمح دور الحضانة والمربيات هذه للنساء المؤهلات بتكريس أنفسهن لمهنهن لأنهن يرغبن في ذلك.

كما أن الشيخوخة لن تجعل ليلة المتقاعدين صعبة للغاية بسبب قلة الأيدي العاملة فحسب، بل أيضا الإنتاج الوطني ككل. وتضيف دراسة نشرتها مجلة الإيكونوميست أنه سيكون هناك تراجع في الإبداع: إذ تظهر دراسة مبنية على عدد وطبيعة براءات الاختراع أن الانخفاض في نسبة الشباب لا يقلل من الإبداع فحسب، بل إنه في المقام الأول يبطئ الابتكار. وبما أن الشيخوخة تبدو أمراً لا مفر منه، فإن هذه الصحيفة تعتقد أن العلاج الوحيد هو زيادة مستوى التعليم بين السكان. وهذا أمر ممكن في البلدان ذات التعليم الضعيف، ولكن الإصلاحات العميقة مطلوبة في الغرب، وخاصة في فرنسا.

· متخصص في الشؤون الاقتصادية والجيوسياسية

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

 علي حسين كان الشاعر الزهاوي معروف بحبه للفكاهة والظرافة، وقد اعتاد أن يأخذ من زوجته صباح كل يوم نقوداً قبل أن يذهب إلى المقهى، ويحرص على أن تكون النقود "خردة" تضعها له الزوجة...
علي حسين

باليت المدى: على أريكة المتحف

 ستار كاووش ساعات النهار تمضي وسط قاعات متحف قصر الفنون في مدينة ليل، وأنا أتنقل بين اللوحات الملونة كمن يتنقل بين حدائق مليئة بالزهور، حتى وصلتُ الى صالة زاخرة بأعمال فناني القرن التاسع...
ستار كاووش

ماذا وراء التعجيل بإعلان " خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!!

د. كاظم المقدادي (3)ميزانية بائسةبعد جهود مضنية، دامت عامين، خصص مجلس الوزراء مبلغاً بائساً لتنفيذ البرنامج الوطني لإزالة التلوث الإشعاعي في عموم البلاد، وقال مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع في اَذار2023 إن وزارة...
د. كاظم المقدادي

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

غالب حسن الشابندر منذ أن بدأت لعبة الديمقراطية في العراق بعد التغيير الحاصل سنة 2003 على يد قوات التحالف الدولي حيث أطيح بديكتاتورية صدام حسين ومكتب سماحة المرجع يؤكد مراراُ وتكراراً إن المرجع مع...
غالب حسن الشابندر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram