د.فاطمة الثابت
أثار تضامن ممثلة الأفلام الأباحية "مايا خليفة " مع القضية الفلسطينية ودعمها لغزة موجة من السخرية والغضب على مواقع التواصل الأجتماعي بأعتبارها بلا أخلاق ولامبادئ فكيف ستشكل موقفاً أنسانياً (على حد تعبيرهم).
ترى أندريا دوركين "في كل قرن، اعتقد الناس أنهم فهموا الكون أخيرًا، وفي كل قرن يثبت أنهم مخطئون، ويترتب على ذلك أن الشيء الوحيد الذي يمكننا قوله عن "معرفتنا" الحديثة هو أنها خاطئة."
كيف أخطأنا
من المعتقدات التي هيمنت في ظل النقاشات النسوية والتي لم تحسم هي "حروب الجنس" أو الخطاب الجنساني الذي تشكل البورنوغرافيا محور أهتمامه وكيف شكلت المرأة محتواه الرئيسي وبغض النظر عن الغور في تناقضات هذا الخطاب وتصارع وجهاته بين مؤيد وممانع أن البورنوغرافيا هي ابرز أوجه السياسة الدولية وأنجح صناعاتها فتشير غير دايز"إن صناعةُ الإباحية اختطفت الهويةَ الجنسية لثقافة كاملة، إنها تدمر جيلا كاملا من الشباب، و هي بذلك تدمر جيلا كاملا من الفتيات و عندما تُحارب الإباحيةَ، فإنك تُحارب الرأسماليين المُقامرين، والبنوكَ، وشركاتِ الائتمان، و غيرهم ممن يشكلون هرم الرأسمالية العالمية، وهذا هو السبب في أنك لا ترى أبدًا طرحًا مضادًا للإباحية"
وهذا هو جزء كبير من الثقافة التسلطية المنتهجة في ظل السيطرة الرأسمالية.
وهذا التحليل اقر به حتى من هم خارج إطار النسوية قدم أدورنو مع هوركهايمر مفهوم "صناعة الثقافة" لقد زعموا أن الثقافة الجماهيرية، بما في ذلك الموسيقى الشعبية والأفلام والإعلانات، أصبحت موحدة بشكل متزايد، وصيغية، وتسيطر عليها المصالح الرأسمالية.
وفي هذا السياق، غالبًا ما يؤدي تمثيل المرأة وتسليعها إلى إدامة الصور النمطية ويساهم في تجسيدها لأغراض تجارية.
ومن هنا أستغلال جسد المرأة وأغتصابه لأغراض أقتصادية وسياسية لايختلف كثيراً عن أغتصاب الأراضي وأحتلال البلدان تحت مسميات واهية يطبل لها الأعلام الغربي للتروج لسياسة التسلط بكل أشكالها.
في وقت سابق تم دعوة مايا خليفة لألقاء محاضرة في جامعة أكسفورد للحديث عن تجربتها وهذا جزء من تعزيز اللاأخلاقية واللاأنسانية بأعتبارها نهج متغول في سياستهم تماهى مع أنظمة التعليم والأقتصاد والسياسة
لذلك إذا عُدنا إلى تحليل تعاطفها مع القضية الفلسطينية في ظل سياسة التكتم والمرواغة التي ينتهجها العالم العربي والدولي أتجاه مايحدث الأن في غزة ناهيك عن [تمثيلها لسياسة أمريكية تؤيد أغتصاب الأراضي الفلسطينية وتهجير العزل يعتبر تأييدها هو جزء من شعورها بالظلم (كونها سلعة جسدية رخيصة تم أستغلالها) والأنتماء (كونها لبنانية الاصل وممنوعة من دخول لبنان) لذلك سجلت موقفاً للرفضللتعبير عن ذاتها وأنسانيتها المُستلبة "فحين يصبح الجسد الأنثوي سلعة من السلع الثقافية يفقد مواصفاته الإنسانية ويدخل في عداد البضائع التجارية ووسيلة للاستهلاك، مادام عنصر إغراء وجذب وترويح للبضائع، مما يؤدي إلى خلق ثقافة مصنعة تجعل المرأة دمية مثيرة فحسب، لإغراء المستهلك ذكرا كان أو أنثى، وبهذا لا تصبح المرأة كما تقول سيمون دي بفوار "جوهرا أو طبيعة أبدية، وإنما تتحول إلى مجرد تاريخ".