اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > غزة.. أمام اداء الاقتصادات المحلية

غزة.. أمام اداء الاقتصادات المحلية

نشر في: 24 أكتوبر, 2023: 11:10 م

ثامر الهيمص

لا يسع اي متناول للاحداث العبور متجاوزا ما يدور فلننظر من هذه الزاوية الحادة التي باتت حادة الى الداخل الاقليمي والمحلي بحرج شديد حيث لا يتسع المقام للمراجعة في ضوء تسارع الاحداث مدعومة بهشاشة تنموية اقليمية او عربية جعلت وتجعل الاداء اكثر هشاشة من خلال بيروقراطيات متكلسة لا ترغب بالمغادرة الا بمعادلة التصفير الكاشف الدقيق لميكافيلية الاطراف ذات العلاقة وحسب القرب والبعد عن مركز الحدث (غزة).

بذلك تعبر البنية التحتية باقتصاداتها وارادتها بترهلها اما من اقتصادات ريعية مرتهنة من قبل حلفاء العدو كما جسدوها بصلافة او فقر مزمن ادمنته انظمة المنطقة كأنه قدر مفصل لهم ولعل ما يفسر هذا التنافس بين دول الاقليم سببا لديمومة الهشاشة في الاداء الاقليمي

لينعكس اوتوماتيكيا لداخل الدول المعنية على شكل تنافس باسوء انواعه تجاريا حيث ينمو احدهم على حساب جاره باغراق سلعي او استباحة لابسط قواعد التوازن التجاري وما يسببه في تدمير الزراعة والصناعة

فالتخلف بصورة عامة في الاداء الاقتصادي وخصوصا في الزراعة التقليدية ليس عاملا معرقلا للنمو الاقتصادي فحسب بل ينسحب مؤثرا سلبا على الصناعة وعلى الارادة المحلية اذ لا تحاولبل مقتنعة بالمقسوم مثلا يبلغ انتاج العامل للهكتار في المتوسط 50 طنا من الحبوب في الزراعة الراسمالية المتقدمة و6 اطنان في الزراعة القروية المستحدثة و3 اطنان في الزراعة القروية غير المستحدثة (سمير امين /مستقبل الزرعة في الراسمالية المعاصرة / ص26 / 2016) هذه المسافة لا تعكس فقرا فقط بل جميع تبعاته الثقافية والوطنية والدينية والسياسية والاجتماعية والاخلاقية للتتعاظم عندما تتعاطى مع الغريب وتظهر الهشاشة اذ (المكوار غير كاف وهو عاري) اي انه ارادة انية غير معتمدة على امكانات الحد الادنى وهذا فسره معاصرا الغزو الاستعماري الاستيطاني الان ليس بفلسطين فحسب

ينعكس هذا الفقر في الاداء مباشرة على الصحة والتعليم كما معلوم سيما وان الزراعة هي البنية التحتية اذ لا زالت الزراعة من اهم صادرات الدول الصناعية المتقدمة لدرجة باتت ورقة ضغط بيد القوى الكبرى في جداول عقوباتها كما لمسناها في حصار التسعينات لينعكس الضعف ماليا على الصحة والتعليم والتربية لتبقى نتائجه فاعلة الان من خلال ليبرالية مجلس حكم بريمر ايضا تحسب على الهشاشة الناجمة عن تفاوتات طبقية في الاقتصادات الريعية حيث تغيب العدالة ومستلزماتها وقوانينها المواكبة

فالتفاوت الطبقي الحاد سببا اساسيا في الهشاشتين الاجتماعية والاقتصادية لينعكس سياسيا واخلاقيا ومع ليبرالية مترجمة لنا لن نرتفع بل تعمق الامر فقرا وبؤسا على عكس دول الرعاية الاجتماعية التي يتشدق بها ليبرالينا المعاصرين بكل تصنيفاتهم القومية والدينية

وعموما فأن الدراسات التطبيقية قد لاحظت ان اعادة توزيع الدخل في معظم دول اوروبا الغربية تتسم من خلال الانفاق العام وليس من خلال الضرائب والانفاق لاغراض اعادة توزيع الدخل والذي يؤخذ عادة من انه يكافئ الانفاق على الصحة والتعليم واوجه الرفاه الاجتماعي والاسكان والخدمات الاجتماعية (معظمها مدفوعات تحويلية) يشكل 40 -50بالمائة من اجمالي الانفاق العام في هذه الاقطار (الدكتور عبد الرزاق الفارس/ص168 / 1997/مركز دراسات الوحدة العربية) اما الحكومات المتخلفة لم تحاول ردم الفجوة الطبقية لا بالضرائب ولا بالانفاق العام

اذن الهشاشة عندنا تقودها السياسة تمضي مقنعة بانواع الاوهام والشعارات الجوفاء كما نلمسها حارة في الاداء الحالي سياسيا اذ تمضي قوى الشر في دعم الاشر حتى في مقاييسهم اللبرالية والشرعية الدولية داعمين العنصرية الصهيونية والتطرف الديني غير ابهين بذريعة حقوق الانسان التي صدعوا رؤسنا وعاقبوا بعضنا بحجتها

ولكنهم تظافروا مع اليمين الاستيطاني لمصالحهم في هذا التعشيق الصلف العابر لقيمهم ذاتها كما ان وحدة ارادتهم كما لمسناها كذلك في اوكرانيا ايضا لمصالح ستراتيجية متوحده ضمن اطار السوق الاوربية المشتركة احد ابرز الاعمدة المؤسسة للكيان الصهيوني وسر قوة هذا التعشيق الاوربي الى انهم موحدون في ظل السوق المشتركة اولا لينسج لها غطاء ايدولوجي يتناسب مع الاطار التاريخي رغم مذبحة النازية بداعي وخزة الضمير التي كانت مؤلمة لهم ولكن هذه الوخزة تتلاشى في الجزائر وباقي المستعمرات الافريقية والاسيوية والامريكية الجنوبية بكل الاحوال ان نموذج السوق الاوروبية المشتركة قد يصلح كأداة تكاملية لبلدان متقدمة ومتقاربة في نظمها الاقتصادية ومستويات نموها ولكنه غير مضمون في البلدان النامية التي لا تملك الجهاز الانتاجي المتطور المتنوع والاقتصاد المتوازن (د. عبد الحسن زلزلة / دراسات في التمية والتكامل الاقتصادي العربي / ص145 /1988).

من خلال ابسط مقاربة بين النموذج العربي الاسلامي الشرق اوسطى وبين النموذج الاستيطاني الاوربي نجد غيابا وتقاطع في عملية التضامن اضافة الى ان الداعم الدولي تختلف طبيعته عن النموذج الغربي من الناحية الاستراتيجية بكل تاريخها وحساسياتها مختلفة عن النموذج الاوكراني حيث يختلف التعاطي

فالزراعة هي خط الشروع للتكامل عربيا ليتبعها مباشرة التصنيع كلا من موقعه بدون خروق تطبيعية لتحتضنه التجارة الاقليمية المتكافئة المتوازنة وليس التنافس قصير النظر او النمو على حساب الجاربدون اي افق ستراتيجي الخالي من ذرائع مشاكل الحدود وحساسيات تاريخية

فالزراعة العراقية دفعت ثمنا باهظا في هذه الاطر عربيا واقليميا قد يكون من غير المناسب طرحها في هذه المرحله ولكن على الاقل لكي لا تأخذنا اوهامنا التاريخية بعيدا بحيث تحجب الرؤيا وهكذا كان الملف المائي وما ورائه رمزا ودلالة على تخبط اقليمي على الاقل دبلوماسيا من هناك شعبا تربطكم به وشائج ما انزل الله بها من سلطان اكيد اكبر من سلطان الكيان الصهيوني الذي تدعون شرعا انه عدو

وهكذا كانت خطتنا الزراعية الشتوية بزراعة 4 مليون دونم على المياه الجوفية ومليون ونصف على السقي التقليدي ولا نعلم الى متى تستمر هذه الحال المتراجعة التقصير كما يقال ان العراق كان السبب في الهدر الذي اوقفنا بموجبه الاطلاقات اضافة الى انهم بزياداتهم البشرية يحتاجون المياه وهكذا نتنابز دون الوصول لحل محدد الابعاد وكلا يدعي وصلا بليلى العراقية

بهذا الاداء الاقتصادي المشوه و المسيس محليا عموما لم نرم اسرائيل بالبحر كما اوعدنا القوميون ولا نحمي غزة والضفة لذلك يتوجب المباشرة فورا (بالتكامل الاقتصادي بدون شعارات بينية فورا) وعزل الكيان الصهيوني اوتوماتيكيا بدون الحاجة لتطبيع مفتعل لاعتبارات امنية اولا وارضاءات للمرجعيات التاريخية والمعاصرة

مجرد المباشرة الحقيقية باهمية الاطار الاقليمي للمنطقة بدون عوازل العواذل يفقد الكيان الصهيوني شرعيته بعد ان فقد الشرعية الاخلاقية وحقوق الانسان وتصبح الحواف الحادة مع الغرب والشرق مدورة تنهض المنطقة كما نهضت جنوب شرق اسيا او النهوض الحالي في امريكا اللاتينية كما تحاول دوليا للانظمام للحزام والطريق وافلاس كل الحاولات المضادة التي فقدت بريقها بعد غزوة غزه وحسنا الله ونعم الوكيل

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

 علي حسين كان الشاعر الزهاوي معروف بحبه للفكاهة والظرافة، وقد اعتاد أن يأخذ من زوجته صباح كل يوم نقوداً قبل أن يذهب إلى المقهى، ويحرص على أن تكون النقود "خردة" تضعها له الزوجة...
علي حسين

باليت المدى: على أريكة المتحف

 ستار كاووش ساعات النهار تمضي وسط قاعات متحف قصر الفنون في مدينة ليل، وأنا أتنقل بين اللوحات الملونة كمن يتنقل بين حدائق مليئة بالزهور، حتى وصلتُ الى صالة زاخرة بأعمال فناني القرن التاسع...
ستار كاووش

ماذا وراء التعجيل بإعلان " خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!!

د. كاظم المقدادي (3)ميزانية بائسةبعد جهود مضنية، دامت عامين، خصص مجلس الوزراء مبلغاً بائساً لتنفيذ البرنامج الوطني لإزالة التلوث الإشعاعي في عموم البلاد، وقال مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع في اَذار2023 إن وزارة...
د. كاظم المقدادي

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

غالب حسن الشابندر منذ أن بدأت لعبة الديمقراطية في العراق بعد التغيير الحاصل سنة 2003 على يد قوات التحالف الدولي حيث أطيح بديكتاتورية صدام حسين ومكتب سماحة المرجع يؤكد مراراُ وتكراراً إن المرجع مع...
غالب حسن الشابندر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram