ترجمةعدوية الهلالي
في فيلمها"النشوة"الذي يعرض حاليا في دور السينما الفرنسية، تكشف المخرجة إيريس كالتنباك عن براعتها وتعتمد على إتقان الممثلة حفصية حرزي التي تلعب دور بطلتها ليديا، القابلة ذات الخبرة.
"النشوة" هوقصة ليديا (حفصية حرزي) الذي يبدأ بحدث صادم فهي تحمل هاتفها بيد واحدة، وباليد الأخرى كعكة، كانت قد طلبتها بمناسبة عيد ميلاد صديقتها المقربة سالومي (نينا موريس). وعندما تصل إلى منزلها يخبرها رفيقها أنه خانها. لكنها تحتفل مع سالومي وتكتشف أن صديقتها تتوقع حدثًا سعيدًا،وهو أمر في مجال اختصاصها
ويروي ميلوس (ألكسيس مانينتي) وعشيق ليديا قصة الفيلم فيصور امرأة تكرس وقتها لعملها وتتميز بانفصالها الرومانسي.ويبقيها هذا الانفصال بعيدة عن شقتها.وفي الليل،بعد المستشفى، تتجول حتى تغفو ذات يوم في الحافلة. وينتهي بها الأمر بالوقوع في أحضان الميكانيكي (السائق) ميلوس. وتكون قصتهما قصيرة لكنهما يلتقيان مرة أخرى في المستشفى حيث تعمل، بينما كانت تحمل طفل سالومي بين ذراعيها.
وبلمسات بارعة، تقودنا إيريس كالتنباك نحو الكارثة المعلن عنها منذ الدقائق الأولى للفيلم. ويشير اتجاهها إلى كل العلامات التحذيرية التي نراها بينما نتجاهلها، على أمل أنه لا يزال من الممكن تجنب الأسوأ. إن نقاء أداء حفصية حرزي - حيث تلتقط الكاميرا كل تعابيرها وكل نظرة وحركة من جسدها - يجسد بشكل مثالي نفسية ليديا، الشخصية التي لا تفقد وضوحها أبدًا على الرغم من أخطائها. إن عرض دوافع هذه المرأة واضح للغاية، بحيث لا يمكن إلا تسليط الضوء على جودة تمثيل حفصة حرزي وبراعة إيريس كالتنباك.
سوف تكذب ليديا لأنها مريضة بالحب، وفي النهاية لا أحد، بما في ذلك المقربون منها، يهتم بها حقًا. إنها تكذب لأنها تتألم لكنها تستمر في الظهور بمظهر جيد في المستشفى حيث تعتمد الحوامل على احترافيتها، حتى تسير ولادتهن بشكل جيد. ولتعكس مهنة ليديا على أفضل وجه، اختارت إيريس كالتنباك تصوير واقع ممارسة القبالة. وهكذا يمتزج الفيلم الوثائقي بمهارة مع الخيال
وفي جو تكون فيه الألوان أحيانًا مشبعة قليلاً باللون الأزرق وتكون الصورة غير واضحة بذكاء، لتردد صدى الفوضى العقلية للبطلة ليديا، ويتساءل الفيلم عن الأولويات التي يمكن أن تكون للمرأة فهو مستوحى من موقف واقعي عندما تغزو الأمومة أرض الصداقةوتتساءل ليديا عن تطور علاقتهما عندما يصل طفل سالومي.
وهكذا يظل فيلم (النشوة) تجربة مدهشة وفيلمًا يتمتع بدقة لا تصدق لأنه يصف تعقيد النفس البشرية ويؤكد أن كلمة أو جملة أو حتى نظرة يمكن أن تشكل نقطة تحول. ويتمتع الفيلم الأول للمخرجة إيريس كالتنباك، والذي فاز بجائزة (SACD) لعام 2023 في شهرآيار الماضي، ببراعة نادرة.
وفي مقابلة مع الممثلة المذهلة (حفصية حرزي) قالت انها وافقت على تمثيل الفيلم لأن اسلوب المخرجة في الحديث عن الممثلين والاخراج أقنعها.وهكذا قدمت الممثلة أداءً حقيقياً من خلال عكس عيوب المرأة المتعطشة للحب.حفصية حرزي هي ممثلة فرنسية من أصل جزائري. أدت أدوار البطولة في مجموعة من الأفلام منها (سر الحبوب)و(فجر العالم).حصلت عن دورها في فيلم (سر الحبوب)على جائزة مارسيلو ماسترياني في مهرجان البندقية السينمائي وجائزة سيزار لأحسن ممثلة شابة من أكاديمية الفنون والسينما الفرنسية في باريس عام 2008..قال لها محاورها في موقع فرانس انفو
*تعترف إيريس كالتنباك بأنها عندما أرادت أن تشرح لك ملامح شخصية ليديا، أخبرتها أن ذلك ليس ضروريًا لأنك تفهمينها جيدًا. ماذا فهمت عنها؟
-يجب أن أقول إنني لا أحب أن أبالغ في الشخصيات. ما يهم هو العاطفة، وما نشعر به عندما نصور. لقد وضعت نفسي في مكان ليديا. حاولت أن أفهم، دون الحكم عليها، سبب استمرارها في تصرفاتها. حاولت أن أستمد الإلهام من كل هؤلاء الأشخاص الذين يقومون بما لا يمكن إصلاحه. ما أثار اهتمامي هو هذا الجانب الغامض بعض الشيء. حاولت أن أقول أقل ما يمكن، وألا أكون معبرًة جدًا وألا أدع أي شخص يخمن كثيرًا عما تشعر به. شخصية ليديا مريضة بالحب. إنها تريد أن تحب وتكون محبوبة. إنها مفرطة للغاية في عملها وفي عواطفها لكنها لا تتحدث عن انزعاجها وانفصالها الذي سنشاهده في بداية الفيلم...انها لم تشفى داخليًا من هذا الانفصال الرومانسي. وفي مرحلة ما، ستفقد ليديا نفسها حقًا. وتحاول عدة مرات أن تقول الحقيقة، لكنها لا تستطيع. وهذا أيضا ما لامس اعماقي
*أنت أم. ما هي علاقتك بالأمومة؟ وماذا تعلمت من خلال تجسيد شخصية القابلة التي يتم وصف عملها عبرمشاهد وثائقية؟
- لقد بدأنا أيضًا بهذا الجزء الوثائقي. كان ابني عمره سنة ونصف. لقد خضعت لعملية قيصرية لأنه كان ثقيلاً بعض الشيء، وكنت أحلم منذ فترة طويلة بولادة طبيعية. ولكن عندما رأيت ما كان عليه، صالحني مع ما مررت به. إنه أمر مثير للإعجاب، وفي نفس الوقت، إنه طبيعة. الجسد الأنثوي قوي بشكل لا يصدق. احترامي لجميع هؤلاء النساء اللاتي مررن بهذه المرحلة ونجحن في التغلب عليها لأنه أمر "رائع". في الفيلم،تشاهدني أرافق سيدة على وشك الولادة واقبل بلطف أن أساعدها. كان عليّ التركيز لأنني كنت أعلم بوضوح أننا لن نطلب منها القيام بذلك مرة أخرى. رأيت طفلاً يخرج على الهواء مباشرة. صدمت لأنه كان أمرًا لا يصدق ولا يمكن رؤيته على الشاشة
*أنت شابة ولكن لديك بالفعل مسيرة مهنية طويلة خلفك. هل السينما الفرنسية تعاملك بشكل جيد
-لقد نشأت مع السينما. أنا محظوظة لأنني لعبت أدوارًا رائعة وتم تسليط الضوء عليها. في بعض الأحيان لم أعامل بشكل جيد.. كانت رؤيتي صعبة أو كنت ضبابيةهذا جعلني غاضبًة جدًا في البداية. وساهم أيضًا في رغبتي في الإخراج. وذات مرة عوملت بعنصرية بخلاف ذلك، فأنا محظوظة بالعمل مع ممثلين جيدين ومخرجين جيدين والالتقاء بأشخاص رائعين. وهذا مهم جدًا. واليوم، هناك أيضًا مخرجون عملت معهم، وقرأت لهم النصوص التي أكتبها للحصول على آرائهم.
*ماالذي دفعك للانتقال الى الاخراج.هل هي السلطة الفنية
- لقد أردت دائمًا تصوير الأشخاص، والإخراج، والكتابة، وسرد قصصي، وإبداء وجهة نظري حول الأشياء. كما أردت أن أتطور فنياً لأنني لم أرغب في أن أكون الممثلة التي تنتظر وتعتمد على رغبات الآخرين. أردت أن آخذ زمام المبادرة. من الجيد أن أبدع في الاخراج رغم أنني أحب التمثيل. إنه أمر صعب ولكنه أقل صعوبة من الإخراج.
ما هو المهم بالنسبة لك في هذه اللحظة؟
-أود إخراج فيلم ثالث. لدي مشروع قيد التمويل حاليا. إنه أمر مرهق بعض الشيء لكني أحبه. إنه مثل كتابة السيناريوهات، صعب ولكني أحب القيام بذلك.
