اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > الحب يرمم الخراب

الحب يرمم الخراب

نشر في: 28 أكتوبر, 2023: 10:11 م

ناجح المعموري

عندما زاولت سومر تخيّلات في البدئية وتوصلت الى أصوات لم تكن معروفة، ومألوفة من قبل، نجحت بتحققات استجماع العديد من الأصوات والتآلف بين الجماعات. والتوازن بين التماثلات،

التي وحدت بين الأصوات التي تكرست تلقائياً. تنوع من الحضور الايقاعي المدهش وتبدت الحياة عند سومر متماثلة للطبيعة وتأسس رؤى ذات بلاغة في فهم ما يحصل في الحياة، وعميقة للبدئيات ذات الطاقة الفنية والسردية غير المألوفة مع شفاهيات ندب وخسران ومباكي، اقترحت نوعا من التلاقي بين الرجال والنساء والاصطفاف المانح ما يشبه التصويت / الايقاع. وباستفادة من كتاب غادامير " من أنا ومن أنت " اقترح نوعاً للتآلف والتنغيم وقال [ ولئن جعلت اسماؤنا من جديد من عبء الحياة الثقيل، فلابد من ان يبنى اذن جماع تجربتنا للعالم من مادة التجربة هذه. ويسمى هذا في القصيدة " اسماؤنا " لان الاسم هو اول ما يعطى لنا وهو ما لسنا بعد تماماً في التسمية، لا يمكن لاحد التأكد مما سوف يصير اليه الشخص الذي يمنح الاسم. ويصدق وهذا على الاسماء كلها. ولا تصير الاسماء هي هي الا في مسير الحياة. ومثلما نصير نحن عليه، يصير العالم ايضا الى ما هو عليه بالنسبة لنا. ويدل هذا ضمناً على ان الاسماء يجب ان تحيل من جديد باستمرار، او في الاقل ان نفهم بانها في حالة تشكل مستمر وثم يفصح عن قائلها.

الكلام البدئي ممنوح للإله المقدس، هو الشفوي الخاضع لنظام جعل تفاصيل اليوميات في الحياة روحاً محكومة بالإيقاع. إنه الشعر. ومثلما قال غادامير " كل شيء يصلح للشعر " واستفاد العلوم الانسانية من وظيفة الشعر وزاوجت بين العلوم والفنون، لذا المح لاكان بعد تطور واضح في العلاقة بين ما هو اجتماعي وفني الى القول بأن " الانسان نتاج اللغة " واكد لاكان على ان حضور الشيء في حضوره وغيابه. اما الفلسفة فقد عاضدت بين الحياة وعناصرها المخلقة للتواصلية " حيث تشكل مفهوم الشعر في الفلسفة بوصفه اعادة الحياة للغة. والشعر هو كالاسم، اول ما اعطي لنا. والشعر. كما قال غادامير " الشعر ليس خلقاً. اصلاً، بل هو ــ كما الفلسفة ــ كلاً ما يقدر ان يتكلم به كل البشر. ولان البدئي هو الشفوي وكلاهما يزاولان ما ذهب اليه الكائن وهما يعطيان له. ويأخذان منه. والتركيز ضروري على حيوية البدئي والشفوي لانهما يمنحنان الانسان فرصة التكلم بهما وأخيراً وباستفادة من الفلسفة اقول بأن الشعر هو الجوهري.

ما قاد علي الفواز الى شعرية المختارات هو التوصل معرفياً الى ابتداء نضوب الشعر التدريجي واراد الافلات مما حصل وما سيتمظهر. ومحاولة الفواز مجازفة فيها شيء المغامرة للذهاب الى ابتكار جديد للشعر، لان وجوده في الحياة ضرورة قصوى لارتباطه مع اسمائنا.

تمنح البدئية والشفاهية الشعر طاقة على الانفتاح وتقوده نحو الفضاءات المتسعة وبنهايات خاضعة للاستمرار. وما ذهب اليه الأستاذ علي الفواز في مجموعته الشعرية هذه يمثل محاولة للتجريب وان كان بسيطاً، بل هو في مكامنه ينطوي لفت النظر لضرورات معاينة ما يجري ويحصل في الحياة وتفاصيلها لكن ما يثير في هذه المزاولة الاسراع لالتقاط كل ما هو منتشر قفي التفاصيل اليومية المعروفة والمألوفة. لان الشعر منجذب باتجاه الكائن الادمي، متجاوباً مع الجماليات الحياتية التي تعطي للأفراد ما يريدها ويهواه من اجل ديمومة لا تتعطل السيرورة بها، ويعيش الانسان من اجلها ويظل فرحاً بها وسعيداً بالتعرف من سعادات ومباهج. وتعطي رنين جاذب لملاحظة الاشياء البسيطة، لكنها ذات جوهر وبلاغة.

الحياة شعر وظيفتها متابعة المحميات الجوهرية من النثر كما ان الشعر لذاذات وسعادة ديونيسيس القابض على الاحلام التي يسميها الشعر صباحات وفجريات الزمن الجديد. تمنح الفلسفة تأكيدات التداول للشعر. لأنه يتكتم وليس الشاعر، ومن هنا دائماً ما يكون متوتراً ومشحوناً بالمعنى.

بوسعك ان تبدل الجهات بقبلة واحدة

الى عبد الخالق الركابي

بوسعك ان تفعل كل شيء

ان تصنع بحاراً على مقاسك وشماً

تهبط اليك في العتمات

ونساء مشعات يغسلن رجولتك اليابسة

من غبار الحرب

بوسعك ان تصنع منفى وبلاداً

لكنك تصنع جنوباً لامعاً بالاغاني

ولا برائحة " الرضاع " و " الطابك"

ورد " رنين " " سيد محمد " و " مسعوده"

اذ تضج " غابات الماء " بالسعادات اليانعة

بوسعك ان.

تعرف ان الجهات خدعة كبيرة

وان الشرق غرب والغرب جنوب

والجنوب شمال

الجهات الغزاة نحو طرق الحرير والبهارات

يا ابن كيطان، تعرف ان الطريق

الى الجنة بعيد،

وان اخطاءنا النبيلة تمنحنا اوسمة

المحاربين القدامى..... .

يا ابن كيطان، كلما تذهب في اوهام جنوب اخر ثمة خرائط اخرى تهبط تصنع فراديس البلاد / ص133//

*ما دامت اللغة تعظم الحياة وجمالياتها، يذهب الشاعر لذاتيته لانه يحلم بحضور قوي له، يجعله مرئياً وله انعكاسات بالمرايا او كسرها.

*يهبنا الشعر طاقة معاينة الاشياء، ويعني هذا اننا نرى اشياء اليومي وكل تفاصيله، وتقدم لنا حتى اللامرئي.

*يتقصد في احيان كثيرة ان يعتني بوضوح بالملفوظات ويغامر بالتقاطها ويزج بها وسط سياق التكوين السردي. وتبرز مهارته وهو يضع الكلمات فوق نور الصباح؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟ بكل الاصابع وفي هذه الاعتناءات تبرز مهارته بناءاً للحياة وللكائن ويساعده هنا الشعر والاغاني والرقص والفنون. الشعر صوت الامل المرافق معه طويلاً، لان الذات لا تأتي الى الكينونة، بمعنى لا تبدأ في تقديم نفسها على هيئة الدال المؤسسة لنفسه داخل اللغة على تفرد حضور المقترن بجسد الام.

*الادخال يعني ان يكون القضيب في فضاءه الواسع / جودت بتلر / عودت المكبوت

ــ توجد في اوهام، سحريات ذات وظائف سياسية تسند الذات وتمنحها الطاقة التي تريد.

*الجندر بناء ثقافي / جودت بتلر

للشعر حضور يمتلك طاقة متعالية وحافظ بدائيات القداسة وهو الذي منح الاشياء اسماءها ولذا دخل التاريخ وقام عليه لانه يمتلك سرديات الافراد والجماعات وهو شبيه للمرايا التي لا تتجاهل ما تراه بشبكة عيون لا يراها احد، لكنها تلحظ كل من يقف امامها. والمرايا هي لغة الذاكرة، والشعر لغة احلام له دور جوهري في تسمية الوجود / الكينونة، والجوهر كل الاشياء؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

النصوص مكتوبة لقصدية واضحة مع انفتاح غارق بغرائبية تفضي لترددات ايقاعية، وتهبط في حين مفاجئ والدخول نحو مجال اجتماعي وفني غير مألوف ويمكن التعامل معه بوصفه مفاجئاً ومدهشاً، حتى يوفض بغرابة، ويذهب الفواز مثلما هو يريد ويمنح صفات وخصائص تثير في احيان كثيرة الاسئلة التي تعطي ما لا يقوى عليه الكائن من عناصر ذات طاقة كبرى وخارقة. وهذا المنح يجعل النص قادراً على قول ما لا يذهب اليه نص اخر. وهذا الذي يتكلم، لا بل يطلق صراخاً ويتضح بالتتالي متوتراً ومشحوناً بالمعنى اللامعقول. وهذه السمات مثيرة للاسئلة. وما تضمنه النص مقترن بالكائن الذي كتب عنه النص مغالباً بالمنح البطولي ويفضي هذا " بوسعك ان تفعل كل شيء " لعناصر بطولية ويؤسس فذاذة مثيرة جداً " ان تصنع بحاراً على مقاسك، وشماً تهبط اليك في العتمات " ونساء مشعات يغسلن رجولتك اليابسة " " من غبار الحروب " كل الممنوحات للمكتوب عنه النص تتضاءل بالتدرج لان الشاعر غير قادر على المضي نحو خصائص ملحمية ومكونات تاريخية. ويتسلل نحو مكونات اجتماعية وسياسية صاغت بعضاً من تاريخ الكائن ويلتقط ما هو مثير وملفت للانتباه ويجعل من الماضي والغربة سردية ذات حضور سريع لا يتقاطع مع المعيوش.

وواضح بأن الشاعر خاضع واستجابته لما هو اجتماعي فيه شيء من التعالق والتشارك، وكأنه يكتب عن الان ويمنحها شفافية، وتطلق عليه رحابة التداخل من اجل ان ينقذ شخصية من الانذلاقات التي تبدو ثقيلة بسبب تكررها، او معاودة استعادتها فتصبح خاضعة للنمط او التقليد المتكرر. لكن كل هذه الملاحظات لا تفقد هذه التجربة ما ميزها من الجدة والخضوع للتجريب وفتح منفذ للشعر لم يكن مأوفاً، لكن لابد من ضرورة ذات حضور متمكن من الضبط وحماية الشعر من الانزلاق والدنو شخصيات ذات تاريخ " حي بن يقظان ".

اضفى الفواز صفات عرفتها شخوص الاساطير واعطاها للشخص الذي ذهب اليه وقال: سليمان ولم ينسى الشاعر امكاناته بالاسطرة " ماذا تصنع بالموت، وانت المتوهج بالضحك " ستجيء وحيداً دون مرايا الانثى " " ما تفعله الليلة " ليلة موتك، ان تصحو من فرطك " توزع ميراثك، تستـنف رماد المكتبة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

بعد ثلاثة عقود .. عباس الكاظم يعود بمعرض «خطوات يقظة» في الدنمارك

مذكرات محمد شكري جميل .. حياة ارتهنت بالسينما

بيتر هاجدو والسرد الصيني

عدد مجلة "أوربا" الخاص عن الأندلس .. نسمة هواء نقي في محيط فاسد

رمل على الطريق

مقالات ذات صلة

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟
عام

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

علاء المفرجي هل سيجد الشعر جمهورا له بعد مائة عام من الان؟؟… الشاعر الأميركي وليامز بيلي كولنز يقول: " نعم سيجد، لأن الشعر هو التاريخ الوحيد الذي نملكه عن القلب البشري" فالشعر يعيش بين...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram