اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > عن المثقفين الجدد

عن المثقفين الجدد

نشر في: 29 أكتوبر, 2023: 09:35 م

عبد الكريم البليخ

أصبحت الساحة الثقافية تتيح لنا ظهور شخصيات لافتة تبحث عن مكان آمن لها في عالم الأدب والثقافة والاجتماع والفلسفة والعلوم، وغيرها من الثقافات والاجتهادات المختلفة، وهذا من حقها الطبيعي، ولكن؟ ومن بين هؤلاء ظهور للعلن أشخاص مجهولون ممن يدّعون الخبرة والوعي والثقافة التي لا حدود لها بأخذ دورهم ودور غيرهم في المجتمع وبقوّة، من خلال ما لديهم من إمكانات مادية تيسّر أمورهم، وتفتح أمامهم آفاق كثيرة..

ويخدمهم في ذلك صراخهم غير المحدود ودون فائدة، وتجاوز حدودهم في استلهام صور الماضي والحاضر والمستقبل، وتجسيد ذلك من خلال انعكاسه على واقع حياة صارت مثار شكّ وريبة أمام مدّعي الثقافة، ومنهم من صار يُغنّي على ليلاه بترأسه تحرير موقع إلكتروني وصفحات على فيسبوك، وهم في الواقع لا يملكون أي ثقافة، أو أي معلومة تجعل منهم قادرين على شغل هذه المكانة، وأن تصل بهم إلى المكانة التي يتسيّدونها ويفاخرون أمام أصدقائهم على أنهم صاروا يديرون مواقع لها شأنها في المحيط الذي يعيشون فيه!.

أمثال هؤلاء صاروا ـ وللأسف ـ بحاجة إلى قصّ جناحه كي لا يطير ويُحلق بعيداً، وهؤلاء يدرك الكثيرون أنَّ مشواره في عالم الميديا، والصحافة الإلكترونية أو الورقية قصير جداً، ولا يمكن أن يتجاوز حدوده أرنبة أنفه، لأنه يظل محدود الأفق ولا يمكن له أن يصل ويحقق رغبته بالوصول بالمعلومة إلى أذهان الناس، لأنه غير قادر على كتابة جملة مفيدة يمكن أن تسعفه، وتستأنس حضوره وإطلالته، وغير مقنع في هيكله، لا سيما أنّه ـ وكما نوهنا ـ لا يمكن له أن يُعدّ جملة صحيحة. أخطاء ترتكب بالجملة، إملائية ونحوية، وتركيبات غير واضحة، ويحاول تحقيق رغبته في إقناع الناس ومعارفه الذين يتابعون ما ينشر، ناسياً أن ما يخلّفه من صور في كتاباته فيها كثير من الأخطاء التي لا يمكن لها أن ترتكب من قبل طالب ما زال في بداية مشواره الدراسي. هذه النخبة تتواجد وبكثرة. الأنكى أنَّ المثقفين أنفسهم يعلمون ما يفعلونه ويدركون إمكانيات هؤلاء وقدراتهم، ويعرفون ما يرمون إليه، وبالرغم من ذلك يقرأون لهم ويطبّلون ويزمّرون وينفخون في قربة مقطوعة بإنتاجهم المقيت المكرّر والساذج!. البعض منهم صاروا يفعلون أفعالهم باستصدارهم صحف إلكترونية وورقية، وصار لهم أسمهم ووزنهم ويأخذون مكانتهم وبكل رحابة صدر. يظنون أنفسهم أنهم أصبحوا رؤساء تحرير، ولهم موقعهم ومكانتهم وصولاتهم وجولاتهم في عالم الصحافة.

الصحافة بلا شك عالم راق لا يمكن لأي أحد تجاوزه إلّا بشرف وصدق وحب، وهذا لا يمكن أن يكون بلمسة سحرية ولكن يلزمه المعرفة، الرغبة والهواية والمتابعة واللغة الصحافية.

المهتمون في هذا الإطار ما زالوا يصرخون وبصوتٍ عال على الساحة الإعلامية، ولكن دون فائدة، وينشرون ما يرغبون بمساعدة آخرين لهم رؤيتهم في الصحافة، ويدفعون مقابل ما يكتبون لهم على أن ينشر نشاطهم بأسماء هؤلاء الأميين الذين وصل بعضهم إلى القمّة، ومنهم من استغل مكانة والده الوظيفية، أو أحد أقاربه، ولا يعرف "فكّ الخط" بالمطلق!.

ماذا يمكن أن نقول عن هذه الشريحة الذين أساءوا للصحافة صاحبة الجلالة التي يظل لها مكانتها واحترامها وقدسيتها ورؤيتها حيال ما يحدث اليوم على الساحة العامة من احترام ومجريات وألوان مزركشة في أغلبها، وتستدعي من الجماهير العارفة بما يجري حولها من وضع النقاط فوق الحروف بفرملة نشاط المتعدين البغيضة، وإيقاف دورهم وردعهم إن تطلب الأمر عن الإكمال في هذا الطريق الذي يضحكون فيه على عباد الله.

دور الصحافي، وكما يعرفه الكثيرون كبيراً ومهماً في الحياة، ويؤسس لقاعدة عامة، وأهمها الصدق مع النفس ومع الناس الذين يتابعون ما يحدث على الساحة، ويقرأون ما بين أيديهم من منشورات في عالم الصحافة الورقية، والميديا.. وهذا الدور قد يصل إلى دور المقاتل في المعركة، وإلى ذلك الصحافي المتواضع الذي يقبع خلف الكواليس، الذي يبري قلمه ونشاطه وأفكاره للقارئ بحسن نية، ملتزماً بالصدق كمبدأ.

يظل الصدق مقياس النجاح وتحقيق الأمل والطموح والاحترام بين الناس، وتخفيف الكثير من العيوب التي تصادفنا وتقف حجر عثرة في طريقنا، لا أن نخلق من أنفسنا أوهاماً وعبراً لا حلول لها، وتصبّ بالتالي في مؤسيات تثبّط من عزيمة القارئ المعني بكل ما يجري.

ماذا يمكن أن نقول عن أمثال هذا النوع من المثقفين الجدد الذين يتسابقون نحو أفق ثقافية جديدة.. ويحاولون الركض جاهدن برغم انسداد الأفق الذي يبحثون عنه، لأنه يظل باهتاً لا يمكن بحال أن يقتحم أفكاراً ورؤية أهل الثقافة المتنورين الذين يجسدون بصدق بعيداً عن هؤلاء الذين يقفون موقف المتفرج ويخدعون الناس والضحك عليهم!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

 علي حسين كان الشاعر الزهاوي معروف بحبه للفكاهة والظرافة، وقد اعتاد أن يأخذ من زوجته صباح كل يوم نقوداً قبل أن يذهب إلى المقهى، ويحرص على أن تكون النقود "خردة" تضعها له الزوجة...
علي حسين

باليت المدى: على أريكة المتحف

 ستار كاووش ساعات النهار تمضي وسط قاعات متحف قصر الفنون في مدينة ليل، وأنا أتنقل بين اللوحات الملونة كمن يتنقل بين حدائق مليئة بالزهور، حتى وصلتُ الى صالة زاخرة بأعمال فناني القرن التاسع...
ستار كاووش

ماذا وراء التعجيل بإعلان " خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!!

د. كاظم المقدادي (3)ميزانية بائسةبعد جهود مضنية، دامت عامين، خصص مجلس الوزراء مبلغاً بائساً لتنفيذ البرنامج الوطني لإزالة التلوث الإشعاعي في عموم البلاد، وقال مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع في اَذار2023 إن وزارة...
د. كاظم المقدادي

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

غالب حسن الشابندر منذ أن بدأت لعبة الديمقراطية في العراق بعد التغيير الحاصل سنة 2003 على يد قوات التحالف الدولي حيث أطيح بديكتاتورية صدام حسين ومكتب سماحة المرجع يؤكد مراراُ وتكراراً إن المرجع مع...
غالب حسن الشابندر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram