اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > فرناندو ميريليس يعالج بصريا رواية ساراماغو

فرناندو ميريليس يعالج بصريا رواية ساراماغو

نشر في: 5 نوفمبر, 2023: 11:34 م

علاء المفرجي

العمى هي رواية للكاتب البرتغالي جوزيه ساراماجو والتي صدرت بطبعة جديدة عن سلسلة روايات نوبل التي تصدرها المدى.

وتعتبر من أبرز أعماله الأدبية. تتحدث الرواية عن وباء غامض يصيب إحدى المدن، حيث يصاب أهل هده المدينة بالعمى فجأة، مما يخلق موجة من الذعر والفوضى العارمة التي تؤدي إلى تدخل الجيش من أجل السيطرة على الأوضاع، ولكن الوضع يزداد مأساوية حين يتخلى الجيش على الحشود العاجزة والواهنة، ما يؤدي ذلك إلى سيطرة العصابات على ما تبقى من طعام ودواء. يبدأ الناس في الاقتتال فيما بينهم. تلقى القصة الضوء أيضاً على الجانب الإنساني المتمثل في الطبيب وزوجته وعائلته الذين بقوا متماسكين حتى اندثار المرض فجأة كما ظهر. تتحدث الرواية عن العمى الفكري حيث قالت زوجة الطبيب في نهاية الرواية «لا أعتقد أننا عمينا بل أعتقد أننا عميان يرون، بشر عميان يستطيعون أن يروا لكنهم لا يرون» في إشارة أيضاً أن الأخلاق البشرية والمبادئ الإنسانية هشة أمام العوز البشري.

هذه الرواية تحكي قصة تفشي وباء غير معلوم الأسباب، العمى يُصيب تقريباً كل السكان في مدينة مجهولة الأسم، ومايترتب على ذلك من تفكك المجتمع بشكل سريع. نتابع مأساة مجموعة من الأشخاص الذين كانوا أوائل المصابين بالوباء وتركز الرواية بشكل خاص على «زوجة الطبيب» وزوجها، حيث أن العديد من مرضى الطبيب وأشخاص آخرون يتم احتجازهم سوياً بمحض الصدفة. بعد قضائهم فترة طويلة وصعبة في الحجر الصحي، يترابط أفراد المجموعة ويصبحون كعائلة واحدة تقاوم وتدافع وتحاول النجاة ويخدمهم الحظ بوجود زوجة الطبيب التي لم يصبها الوباء ومازالت قادرة على الرؤية في مجموعتهم. كون هذا الوباء ظهر فجأةً وعدم معرفة سبب حدوثه وطبيعة العمى كل هذه الأمور تؤدي لانتشار ذعراً واسع النطاق، ويُكشف النقاب عن النظام الاجتماعي سريعاً عندما تحاول الجهات الحكومية أن تُسيطر على الأوضاع وتحتوي العدوى عن طريق إتخاذ تدابير قمعية وحمقاء بشكل متزايد.

الجزء الأول من الرواية يتتبع تجربة الشخصيات الأساسية عندما يتم احتجازهم في مبنى قذر، مزدحم مع بقية المصابين بالوباء. النظافة، الظروف المعيشية، وتدني المعايير الأخلاقية بشكل مروع خلال فترة فصيرة، كل ذلك يعكس طبيعة المجتمع في الخارج.

القلق على مدى توفر الغذاء، الناجم عن سوء تنظيم طرق التسليم، بالإضافة لمحاولات زعزعة النظام وخلق أجواء النزاع؛ وعدم وجود نظام يكفل تساوي الأفراد في حصص الغذاء والمهام المطالبين بتنفيذها. كما أن الجنود الذين تم تكليفهم بحراسة المبنى والحرص على سلامة المحتجزين يصبحون عدائيين بشكل كبير عندما يصيبهم المرض واحداً تلو الآخر. يرفض الجيش السماح للمحتجزين بالحصول على أبسط الأدوية، مما يجعل أبسط الأصابات تصبح مميتة. حذراً من إي محاولة هروب، يقوم الجنود بإطلاق النار على حشد من المحتجزين الذين كانوا ينتظرون أثناء وقت تسليم المؤن الغذائية.

تتفاقم الأوضاع، عقب فرض جماعة مسلحة السيطرة على المؤن الغذائية، للتحكم بمصائر المحتجزين الآخرين وتعريضهم للاغتصاب والتجويع. لمواجهة المجاعة، يقوم المحتجزين بحرق المبنى، ليكتشفوا بأن الجيش قد تركهم ورحل، عندها يقوم أبطال الرواية بالانضمام لحشودالعميان في الخارج الذين لاحول لهم يتجولون في المدينة المدمرة ويحاربون بعضهم للنجاة.

ثم تتابع الرواية مسيرة زوجة الطبيب أثناء مرافقة زوجها، وعائلتها (المرتجلة) ومحاولاتهم للنجاة خارج أسوار المبنى، حيث تقوم زوجة الطبيب بالدور الأعظم في رعايتهم جميعاً، حيث أنها ماتزال قادرة على الرؤية (تُخفي هذه الحقيقة في بداية الأمر). ينهار المجتمع بشكل شبه كامل. القانون والنظام، الخدمات الاجتماعية، الحكومة، المدارس، الخ. كل هذه الأمور تصبح غير ذات أهمية. العوائل تفرقت ولا يستطيعون إيجاد بعضهم البعض. تراكمت الحشود في المباني وأصبحت تختلس الأغذية. أصبح التكيف البشري مستحيل في ظل المرض، العنف واليأس. الطبيب وزوجته وعائلتهم الجديدة يتمكنون في نهاية المطاف من المكوث في منزل الطبيب وجعله مسكناً لهم وإقامة نظام جديد لحياتهم تزامناً رحيل الوباء عن المدينة بنفس الطريقة الغامضة التي حدث بها.

تم تحويل الرواية إلى فيلم بنفس العنوان باللغة الإنجليزية من إخراج فرناندو ميريليس. بدأ تصوير الفيلم في شهر يوليو عام 2007 من بطولة كلا من مارك رافالو بدور الطبيب وجوليان مور بدور زوجة الطبيب. تم عرض الفيلم في عام 2008 خلال مهرجان كان السينمائي.

وتنتهي الرواية فجأة دون أنْ تعطينا توضيحا لماذا استعاد العُمي نظرهم ؛ أولماذا قد تحولوا الى عُمي بطريقة جمعية مأساوية . هذا الغموض ، يُعدّ في الوقت ذاته ضعفا في الرواية ، ويُعدّ تماما ايضا ، واحدة من اقوى اللحظات في الفيلم ، وبالتاكيد بحركة حكيمة واحدة حسب ، من المخرج ميريليس الذي بقي وفيا لنهايات رواية ساراماغو . والفيلم هو سلسلة من الصور القوية التي تمثل حقا نهاية الرواية – لقطة ذاتية ، في صورة بانورامية عمودية تظهر لنا سماء ضبابية تملأ الشاشة باكملها- تتضمن تحديق زوجة الطبيب الى المدينة بينما تتمنى في الوقت ذاته إلها حاميا ليظهر لها قدر الناس بعد الكارثة . وفي بدايات الفيلم ، عبرت عن رغبة استمرار المطر في تطهير الأ رض .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

بعد ثلاثة عقود .. عباس الكاظم يعود بمعرض «خطوات يقظة» في الدنمارك

مذكرات محمد شكري جميل .. حياة ارتهنت بالسينما

بيتر هاجدو والسرد الصيني

عدد مجلة "أوربا" الخاص عن الأندلس .. نسمة هواء نقي في محيط فاسد

رمل على الطريق

مقالات ذات صلة

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟
عام

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

علاء المفرجي هل سيجد الشعر جمهورا له بعد مائة عام من الان؟؟… الشاعر الأميركي وليامز بيلي كولنز يقول: " نعم سيجد، لأن الشعر هو التاريخ الوحيد الذي نملكه عن القلب البشري" فالشعر يعيش بين...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram