اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > بغداد في لغة التصميم

بغداد في لغة التصميم

نشر في: 6 نوفمبر, 2023: 11:53 م

د. صالح الصحن

قبل أن ينتهي العام، بغداد ترقب ثوبها البهي، من اسرتها وعائلتها "انتم" وكل من يمسك بقدرة التبوأ و في قمة الهرم، بغداد اسم لا مثيل له في الدنيا وهي رقم صعب في لغة التصميم، نريد أن تكون بغداد بتصميم حديث كاجمل المدن والعواصم،

وصوبها الشعراء والصور، نريد أن ترتدي أحلى الثياب، بنفائسها، ومدارسها، بشوارعها وحدائقها وساحاتها واسواقها، وقبابها وتماثيلها ومجالسها ومنتدياتها ومقاهيها، نريد فيها أن تسموعاليا منارة وصرحا حضاريا شاهقا وليس عائقا، نريد تصميما يسود فيه النظام الارقى فيها، كفى عشوائيات، كفى تجاوزات، كفى همجيات، كفى والف كفى،ان مدارس التصميم الحديثة ارتقت إلى أبهى الأساليب والاتجاهات المختلفة والمطعمة بالتراث والمعاصرة، وبتناغم يمنحنا الشكل الحضاري العريق وملامح الحداثة الجديدة، مع توظيف الدلالات والرموز الشاخصة مع الأخذ بحرفة التصميم التي تتطلب خبرات علم الجمال وجغرافية المكان، وأساليب رسم الأبعاد وبناء التشكيل والتكوين والمنظور والتخطيط والرسم الهندسي وابتكارات تحسب نوع المواد ودرجة الجودة للمكونات والعمر الطويل بعيدا عن الاستهلاك المبكر، بغداد لم تكن مبان فقط، بل حركة عمل وحياة كريمة، كيف ندعي الأناقة، وارصفتنا منتهكة لم نعد نمشي فيها، ومحتلة من قبل أصحاب من يشغلها ، ونعرف حقا حالات البؤس في طرق تنظيم اسواقها، ومبانيها ومرورها ودوائر المعاملات الإدارية المصرفية فيها، كيف ندعي اللياقة، وقد تردت بعض السلوكيات المنفلتة من هنا وهناك، كيف نحافظ على التهذيب، وقد خرج البعض عن حدود اللياقة الاجتماعية، ما هي النظرية المثلى التي نتبناها في القضاء على الفقر والفساد والغرور والتهور والاستهتار، لنزرع المزيد من الكاميرات وأجهزة رصد المخالفات والتجاوزات، لنوقف نزيف التسيب والتجاهل، فقد تمادى البعض واستخف بالقانون والحريات العامة، اصنعوا نظاما يحرم الرشوة وانتهاك القوانين، امنعوا التسول الذي أصبح حرفة ووظيفة وافتحوا مراكز رعاية لمن يحتاجها، ومن يقبل ان يزور مدينة مليئة بالمتسولين. وماذا يقول عن هذه المدينة، اسسوا خيمة تجمع حكماء بغداد للاستشارة والنصيحة والحكمة، اسسوا أنظمة جديدة للحياة، كي لا نغرق في بحر المتغيرات.

لماذا لا نطبق نظام المرور الصارم في الحفاظ على سمات التحضر والاحترام في الشارع، لماذا لا ننشيء ارقى ساحة وارقى شارع وارقى نصب وارقى مبنى وارقى تصميم واكبر مسجد أو كنيسة أو اكبر مكتبة أو متحف جديد، ماذا لو يعلو وسط بغداد منجزا ملفتا للنظر والاهتمام، ويسرق الانظار بأهميته ودلالاته المرتبطة بالمجتمع والبلد ورموزه العظام، كان يكون نصبا أو تمثالا أو برجا أو منارة أو أي شيء مميز جدا،ونعتقد ان هناك فراغا كبيرا ينبغي اشغاله بما نقصده من هذا المنجز الجديد، ولماذا لا نوثث جسورنا الممتدة على دجلة الخالد، بغداد بحاجة إلى ارقى وارقى ما تستحق، من يجرؤ من أصحاب "المبادرة" ليحول نهر دجلة إلى تحفة فنية، وان ينفذ مشروع مترو بغداد، من الذي يعيد إلينا جمال وشهرة شارع الرشيد وشارع الجمهورية وغيرها، بالتخلص من المحلات البائسة المتسخة فيها، من الذي يعيد إلينا صالات السينما وخشبات المسارح، من الذي يعلن بأعلى صوت من" دار الأوبرا" نشيدا عراقيا خالصا، من الذي يبتكر شيئا، لم نعد نفكر فيه اصلا، كمفاجأة، اين ذهب التفكير واين ذهبت الحكمة واين التخطيط؟، ابعثوا بعشرين رتبة عليا او اكثر، في المرور لدول متقدمة كي يجلبوا لنا نظام مرور متطور، ابعثوا المهندسين لتجارب العالم ليتطلعلوا كيف تسير المدن وكيف تبنى؟ ونحن اهل لزها حديد، من يبني لهذا الشعب الكريم ارقى المستشفيات النموذجية في كل شيء، المتخصصة بالأمراض الصعبة ويحمينا من المعاناة والالم، من الذي يخلصنا من النظام الصحي برمته بكل تفصيلات دقائقه السائدة، الذي يمكن أن ينتمي إلى وزارة التجارة وليست الصحة، مع طغيان جشع شركات الأدوية وما تقدمه من اغراءات مثيرة للاطباء لترويج بضاعتها، وكذلك العمليات الباهضة في المستشفيات الخاصة،لنصنع نظاما صحيا إنسانيا علميا متطورا وفق سياقات عمل صارمة، هذا ما يجعل اسلوب العيش في بغداد كريما، اعملوا على انشاء مسابقات انظف مدينة وارقى مطعم واحسن مدرسة وافضل مستشفى، وغيرها، لماذا لا نعيد اسلوب تنفيذ المعاملات في دوائر الجنسية والجوازات والمرور والطابو والعقار والمصارف والبلدية، مثل ما هو سائد في دول العالم، ونؤكد ان بغداد ليست مبان وشوارع فقط وإنما نظام حياة متكاملة، نريد تغيير اسلوب التعامل والتعاطي مع حيثيات الحياة بأرقى ما يمكن من تحضر وانسانية،وهذا لم يأت بقرار أو امر ديواني وإنما نظرية يمتثل لها جميع عناصر الدولة والمجتمع بمختلف الاختصاصات والتوجهات، ومن يزورها، يسجل في ذاكرته قيمتها المدنية والحضارية المتقدمة، ولدينا الف بغداد و بغداد على ذات الشاكلة ان لم نقل أكثر وأكثر، وهذا ما نتوسم به عند رجال ونساء القرار الاكثر جرأة والامثل والاكثر صوابا وحكمة وحرصا ووفاءا لهذه المدينة العظيمة أو تلك، التي كتبت في واجهاتها، لماذا والف لماذا؟، فهيبة بغداد في اعناقكم، وأمانة في عناوينكم، قبل أن تكون في لغة التصميم..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

 علي حسين كان الشاعر الزهاوي معروف بحبه للفكاهة والظرافة، وقد اعتاد أن يأخذ من زوجته صباح كل يوم نقوداً قبل أن يذهب إلى المقهى، ويحرص على أن تكون النقود "خردة" تضعها له الزوجة...
علي حسين

باليت المدى: على أريكة المتحف

 ستار كاووش ساعات النهار تمضي وسط قاعات متحف قصر الفنون في مدينة ليل، وأنا أتنقل بين اللوحات الملونة كمن يتنقل بين حدائق مليئة بالزهور، حتى وصلتُ الى صالة زاخرة بأعمال فناني القرن التاسع...
ستار كاووش

ماذا وراء التعجيل بإعلان " خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!!

د. كاظم المقدادي (3)ميزانية بائسةبعد جهود مضنية، دامت عامين، خصص مجلس الوزراء مبلغاً بائساً لتنفيذ البرنامج الوطني لإزالة التلوث الإشعاعي في عموم البلاد، وقال مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع في اَذار2023 إن وزارة...
د. كاظم المقدادي

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

غالب حسن الشابندر منذ أن بدأت لعبة الديمقراطية في العراق بعد التغيير الحاصل سنة 2003 على يد قوات التحالف الدولي حيث أطيح بديكتاتورية صدام حسين ومكتب سماحة المرجع يؤكد مراراُ وتكراراً إن المرجع مع...
غالب حسن الشابندر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram