طه كمرمن دون جمهور عبارة طرقت أسماعنا في الآونة الأخيرة وأخذ صداها في الشارع الرياضي يتردد بكثرة، وأصبحت حديث الرياضيين لما لها من أثر سلبي على نفسية اللاعبين والمدربين وإدارات الأندية والجمهور الكبير الذي إتخذ من ملاعب الكرة متنفساً له كي يتخلص من الرتابة في حياته التي تتخللها منغصات عدة وسط حرارة الجو الملتهبة وانقطاع التيار الكهربائي مرورا بغلاء الأسعار وارتفاع نسبة البطالة وغيرها من شجون الحياة الكثيرة.
ان أي شخص بعيد عن الرياضة يتفهم فحوى عبارة (من دون جمهور) وما ترمي له من مقاصد بحق الرياضة والرياضيين، فالكتاب يقرأ من عنوانه، لكن للأسف الشديد كنا نمني أنفسنا بأن تمتلىء مدرجات ملاعبنا الخضر بذلك الجمهور الوفي الذي تغنى من قبل بأسماء لاعبي فرقنا الجماهيرية الكبيرة وأثار الحماسة لدى اللاعبين جاعلا من كل لاعب شعلة متوهجة من النشاط. فاللاعب يحتاج الى الدعم المعنوي الكبير كي يتخلص من ضغط المباراة خصوصا الحاسمة منها ويحاول تقديم المستوى الذي يتلاءم مع اجواء المؤازرة، وبعد أن ادلهمت ملاعبنا وأسدل ستارها قبل ثلاثة مواسم إثر تردي الوضع الأمني، أصبح اللاعب العراقي يخوض المباريات من دون جمهور، لكن هذا العزوف كان بمحض ارادة الجماهير كون الأمان – وقتها - كان مرهونا بظروف البلد، لكن اليوم وبعد أن عمّ الأمن والأمان واصبح اللاعب العراقي المحترف يفضل اللعب داخل وطنه على عقود الاحتراف التي يسيل لها اللعاب بعد ان أصبحت عقود بعض الاندية المحلية تضاهي عقود الفرق الخليجية والإيرانية واللبنانية والسورية والاردنية، بدأنا نتفاءل بمستقبل كرتنا، وان مستقبلا زاهرا ينتظرها، فبالأمس كانت لدينا أربعة فرق جماهيرية فقط هي الزوراء والجوية والطلبة والشرطة لكن اليوم جاء المارد الأصفر القادم من مدينة اربيل ليحكم قبضته على درع الدوري ثلاثة مواسم إضافة الى صقور الجبال القادمين من مدينة دهوك ليثبتوا انهم منافسون أقوياء على خطف اللقب هذا الموسم من خلال تصدرهم مجموعتهم بـ 13 نقطة وضمانهم التأهل الى المربع الذهبي ووسعوا الفارق بينهم وبين اقرب منافسيهم فريق القوة الجوية خمس نقاط وهذا ما جعلنا نطمئن على حال الدوري العراقي، فلم نأخذ بنظر الحسبان أية امور سلبية مركزين انتباهنا على المستوى الفني لتلك الفرق التي بدأت تنتعش مجدداً من خلال الحضور الجماهيري المتصاعد يوما بعد يوم لكن ان نفاجأ بين ليلة وضحاها ان تصبح مباريات دورينا من دون جمهور! هذا لم نكن نتوقعه ابداً!ترى لماذا وصل الحال بدورينا الى ان تجري مبارياته من دون جمهور، وكيف استفحل الشغب بين مدرجاته، وماذا لو خطط المسؤولون عن الكرة بادراك ووعي وحزم للامور قبل اثارة الشغب، ومتى سينتهي مسلسل التلكؤ في ميدان الرياضة العراقية؟ هذه الاستفهامات يجب ان تكون لها أجوبة كي نضع النقاط على الحروف قبل أن نبحث عن حلول آنية نحاول بها تمشية امور الكرة فيجب ان يكون هناك تخطيط مسبق ووضع حساب لأي طارئ فما حصل في ملاعب الشرطة وأربيل والصناعة يثير الخوف والذعر من تطور الأمور الى ما لا يحمد عقباها، والنتيجة واضحة أمام الملأ عقوبات تطول الجماهير وتردي مستوى الفرق وفقدان كرتنا بريقها وجمالها، فالمستوى الفني والاداء الجميل ووفرة الاهداف لا تساوي شيئاً أمام عدم حضور الجمهور الى مباريات الدوري الممتاز.ان جمهورنا بحاجة الى دورات وندوات تثقيفية كثيرة يسهم بها اتحاد الكرة العراقي والمسؤولون الرياضيون بشكل مباشر لانه يعاني نقصا في الثقافة الرياضية ترجمها بسلوكيات مشينة تمثلت بالاعتراض على قرارات الحكام واستخدامه الحجارة والقناني الفارغة تعبيراً عن احتجاجه على خسارة فريقه أو غبنه من حكم المباراة كما حصل في لقاء كربلاء مع مضيفه القوة الجوية الذي ما يزال حديث الشارع الرياضي.rnTaha_gumer@yahoo.com
بصمة الحقيقة: مــن دون جمهــــور
نشر في: 23 أغسطس, 2010: 05:43 م