اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > أنقذوا غزة منعاً لإبادة ونكبة فلسطينية جديدة

أنقذوا غزة منعاً لإبادة ونكبة فلسطينية جديدة

نشر في: 8 نوفمبر, 2023: 11:07 م

د. أحمد عبد الرزاق شكارة

نداء عاجل لكل مسؤول ولكل ناشط بل ولكل إنسان يعي معنى الانسانية الحقة مستلهم مما وصلت إليه تداعيات المجازر الاسرائيلية حدا ليس فقط غير مقبول أنسانيا وإنما أضحت تداعياتها الخطيرة أنسانيا تمس كرامة كل إنسان مهما اختلفت إنتماءاته وهويته العرقية، الدينية،

الثقافية والايدولوجية والجهوية ومن منظور مكمل التخوف لازال مشروعا من نكبة فلسطينية جديدة تماثل نسبيا نكبة العام 1948. لم تعد وجهات النظر والجدل المحتدم حول كيفية الخروج من مآزق إنساني إلى مستقبل أفضل مناسبة بل من الضروري الاستثنائي أن يعمد المجتمع الدولي ممثلا بالدول وشعوبها، المنظمات الاقليمية والدولية بكافة صنوفها ومضامين ومجالات عملها إلى إتخاذ أجراءات عاجلة جدا لإنقاذ غزة من واقعها المآساوي الانساني الذي تعدت فيه اسرائيل كل الخطوط الحمر حيث لم تعد ارقام الضحايا - التي تجاوزت في وقت كتابة المقال 10000 شخص شهيد و30000 جريح من بينهم 70‌% اطفالا ونساء- يمكن التحكم بها خاصة وأن النظام السياسي الاسرائيلي مستمر بإرتكاب مجازر أنسانية يتدنى لها جبين كل أنسان "ممن لديه ضمير وكرامة إنسانية يحرص عليها "

إن المجازر الاسرائيلية شملت كل حدب وصوب منتهكة حرمة مخيمات مكتضة بإعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية (المغازي ـ الشاطئ – النصيرات – جنين وغيرها كثير جدا) إلى عمليات ممنهجة هدفها تدمير البنى التحتية المادية والبشرية لكل شيء يتحرك أو ساكن في غزة من أمثلتها: مشافي تم خروجها عن الخدمة، إضافة لسيارات اسعاف تم تفجيرها وقتل مسعفيها. أما المدارس المخصصة لتعليم الطلبة والطالبات فإنها ظلت تحت رعاية وإشراف الانروا – تم قصف ما يقارب من 50 منها تأوي حوالي 700000 شخص وفقا لإمين عام الانروا- إلى كل مؤسسة مدنية - خدمية تلبي احتياجات إنسانية أوقفت عن العمل لابد معها أن تخضع اسرائيل وكل من يدعمها بخاصة الادارة الامريكية الحالية وعدد من قيادات اوروبية رئيسة إلى المحاسبة الجنائية الدولية وعلى رأسها محكمة الجنايات الدولية. الاخيرة لازالت تتلكأ في إتخاذ أجراءات قانونية حازمة وإستثنائية عاجلة. علما بإن تكرار استخدام حق الفيتو من قبل الادارة الامريكية في مجلس الامن الدولي أهدر وقتا ثمينا مخصص لإنقاذ أبناء غزة من موت محتم سواءا تم الامر من قبل مجلس الامن الدولي أو من قبل هيئات قانونية يشهد لها العالم بالخبرة والتخصص أو من قبل الجمعية العامة للامم المتحدة.

من منظور مكمل لابد أن نؤكد بأن الامتناع على التصويت على قرار الجمعية العامة للامم المتحدة الذي نجح بنيل اصوات مهمة يعد اضعف الايمان بل ويمثل فشلا كاشفا لسياسات بعض الدول الاوروبية - على حساب القضية الفلسطينية- التي مافتئت تعلن صراحة بإن القضية الفلسطينية هي في قمة اولوياتها الستراتيجية ولكن اقوالها لاتناسب افعالها. كل ذلك يجري ايضا برغم النداءات المتعددة الحارة التي اطلقها السيد انطونيو غوتيريش أمين عام الامم المتحدة بوجوب الوقف الفوري لإطلاق النار. ترتيبا على ذلك عدت أزمة الفلسطينيين أزمة أنسانية كبرى بحق سيحاسب التاريخ كل من تقاعس عن ممارسة مسؤوليته المنوط بها بل ما هو أكثر حيث استهدفت اسرائيل اساسا شريحة المدنيين الفلسطينيين وغيرهم من مختلف الجنسيات سواءا أولئك في المشافي، اماكن السكن في الابراج وفي المنازل، العبادة (المساجد والكنائس) وغيرها من مراكز دينية، ثقافية، إعلامية، وتعليمية وعلمية وإجتماعية واقتصادية وخدمية متنوعة الاغراض. بعبارة بسيطة لايوجد مكان أمن في غزة حتى في المناطق التي دعت السلطات الاسرائيلية سكان شمال غزة إلى الالتجاء إليها في جنوب القطاع - في خان يونس وشرق رفح وغيرها - بإعتبارها آمنة إنتهت بضحايا وشهداء جدد. اليس بعد كل هذه الجرائم بضمنها جريمة الابادة التي أضحت ظاهرة معترف بها من قبل عددا مهما من ساسة العالم وفقهاء القانون الدولي بضمنهم في منطقتنا الشرق اوسطية والشمال افريقية وفي القارة الامريكية الجنوبية والوسطى نجد أنفسنا أمام تصريح امريكي متناقض في مضمونه للمتحدث بأسم الامن القومي الامريكي جون كيربي في قوله: " إننا لاندعم إبادة جماعية في غزة ولانتفق مع هذا الوصف، وليس هذا ما يحدث من وجهة نظرنا ". التساؤل كي ينطبق إذن مفهوم الابادة مع القانون الدولي وفقا لوجهة نظرالمسؤول الامريكي أي هل علينا أن نتوقع أن يبقى فقط أحد الاشخاص حيا والجميع ينالهم قتل جماعي محتم كي نقول أن الابادة متحققة او مؤكدة.

لا اتصور أن أحدا لا يعرف بإن الدورالامريكي حتى وأن أضحى إيجابيا شكلا سيكون متسقا في المضمون مع راي عام أمريكي بل ودولي يتصاعد في معارضته لحرب اسرائيلية تعد بمثابة محرقة هذه المرة ليس لليهود من قبل النازية الالمانية بل من قبل اسرائيل الصهيونية أو النازية الجديدة سيغير بالضرورة معادلة القوة ويفتح بالتالي المجال لمساحة من هدنة أنسانية تتجسد بوقف لأطلاق النار بين طرفي النزاع. المطلوب إتخاذ الادارة الامريكية موقفا ضاغطا بقوة على اسرائيل - عسكريا - ماليا وتقنيا - لوقف هجماتها الوحشية على المدنيين الفلسطينيين. من منظور آخر مكمل فإن أجراءات اسرائيل في قصف كل مكان في غزة سيعرض حياة الرهائن من الاسرائيلين والاجانب لخطر محتم وبالفعل فقد اعلنت منظمة حماس مقتل ما يقارب ال60 شخصا منهم حتى الان. من هنا، أهمية استمرار الجهود الدولية والاقليمية برعاية قطر وغيرها بغرض أجراء صفقة لتبادل جميع الاسرى والرهائن للجانبين الفلسطيني والاسرائيلي في ظل محيط آمن يوفر وقفا دائما لإطلاق النار وليس فقط لهدنة أو هدن مؤقتة. علما بإن هذا الاجراء لا يمنع من متابعة استكمال توثيق الشامل لجرائم القتل الجماعي ومن ثم البدء بإجراءات جدية قانونية دولية للمحاسبة الجنائية لكل خروق حقوق الانسان خاصة ما ارتكبته قادة اسرائيل من جرائم وصلت لحد الابادة والتطهير العرقي أو مختلف انواع العقاب الجماعي بخاصة جرائم الحروب التي نص عليها القانون الدولي الانساني والقانون الدولي العام واتفاقيات جنيف الرابعة إتساقا مع كلمات أمين عام الامم المتحدة أنطونيو غوتيريش حيث أستشرف مستقبل غزة وشعبها بالقول أن غزة (السجن الكبير المغلق وليس المفتوح) اضحت مقبرة للاطفال. من هنا، من الواجب على السلطة الفلسطينية بقيادة السيد محمود عباس - مركزها في الضفة الغربية - أولا ومن ثم في مراكزصنع القرار في الدول العربية والاسلامية ثانيا وفي كافة محافل المجتمع الدولي أن تترجم مسؤوليتها الاساسية في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وحمايته من كافة المخاطرالخارجية والداخلية بضمن ذلك تفعيل المقاومة الفلسطينية التي تدعو لأنهاء الاحتلال كليا. الامر الذي يتطلب إجراء عملية توثيق كاملة ودقيقة شفافة تحاسب معها اسرائيل بحزم عن كل ما اقترفته من جرائم جنائية كبرى على فلسطين في غزة والضفة الغربية بضمن ذلك في القدس الشريف - الضفة الغربية وغزة. جدير بالذكر انه بالامكان الاستعانة بجهود جهابذة القانونيين والساسة في العالم بضمنهم من اليهود المعادين للصهيونية من الشخصيات المعروفة عالميا من امثال نعوم جومسكي وإيلان بابي وغيرهم كي يدلون بآرائهم النابعة عن مشاهدات شخصية واقعية في فلسطين المحتلة. شهادات تعبر بصدق عن معاناة حقيقية كابدها الشعب الفلسطيني طيلة اطول احتلال في العالم دام 75 عاما من قبل اسرائيل وقطعان المستوطنين.

إن مقتل ما يزيد عن مايقارب من 5000 طفل والرقم في تصاعد مع كل مجزرة جديدة يضع كل مسؤول في العالم او صانع قرار على المحك نسبة لدوره المساند لاسرائيل او حتى الصامت عن الحق من خلال امتناعه اتخاذ الاجراءات القانونية للمحاسبة الجادة لكل قيادي او سياسي اسرائيلي سواءا أكان يحمل صفة عسكرية أم مدنية مشاركا في الجريمة الاسرائيلية التي ترتبط بقتل أجيالا جديدة كان يمكن أن تسهم ببناء وطنها الذي سلب منها قهرا ولكنها غابت أو غيبت قسرا عن الحياة. لعل من المناسب الاشارة إلى انه بالاضافة للقتل الجماعي للمدنيين يضاف إليه حصار مميت شمل الماء، الغذاء، الدواء والتعليم بل كل متطلبات الحياة حتى الاتصالات (الانترنت) التي تم قطعها مرارا وتكرارا، يضاف لها مخاطر يومية مادية ونفسية لكل حالة دخول أو خروج للمساكن او للمؤسسات الخدمية تعرضت جميعها للقصف الجوي او المدفعي الشديد من قبل السلطات الاسرائيلية ذهب ضحيته ابناء غزة الاعزة الذين فقدوا كل شيء بل وحتى الحلم بمستقبل آمن يوفرحماية كافية تمكنهم من إكمال مشوارهم العلمي - المعرفي الذي يمارس بشكل معتاد يوميا في دول محيطها اكثر آمنا واستقرارا أو ربما ازدهارا ماديا ومعنويا.

أخيرا: أضحت الفرصة متاحة حاليا لكل من عانى أويهتم بالشأن الفلسطيني ان يعمل على توثيق جرائم اسرائيل ضد الانسانية، وجرائم الحروب بل وحتى والابادة الجماعية من خلال المشاهدات والدور الاعلامي على اتساع مساحته من إعلام تقليدي وغير تقليدي ممثلا بوسائل الاتصال الاجتماعي وغيرها بصورة ستمكننا قريبا بأذنه تعالى من استقدام مجرمي الحرب في اسرائيل إلى ساحة العدالة من ضمنهم كل من استخدم قدرات الحرب المحرمة دوليا مثل الفسفور الابيض أوشجع على استخدامها كما حصل مؤخرا ممثلا بتهديد وزير التراث الاسرائيلي إستخدام القنبلة النووية وهي مرحلة جد خطيرة لاتبقي ولاتذر لاسامح الله. من منظور آخر ستنتظر منطقتنا تداعيات غير متيقن منها ستغير خريطة اقليمنا جيوستراتيجيا واقتصاديا وثقافيا وإعلاميا وسياسيا. ربما نصل لمرحلة أسوء مضمونها سيطرة اسرائيل على مقاليد الامور من خلال إعمال نكبة جديدة لعام 2023 او مابعده مماثلة لنكبة ال1948 الدامية التي غيرت من معالم الشرق الاوسط مع تداعيات سلبية على واقعنا السياسي والاقتصادي بل والجيوسياسي وهي مسألة يفترض ان لانصل إليها كليا ولكنها متوقعة في حال أتساع رقعة المعارك الراهنة إلى منطقتنا العربية - الشرق أوسطية. مسألة ستضيف اعباء وتكاليف جديدة ماديا ومعنويا على شعوب المنطقة والعالم بأسره كما أنها وبمعنى آخر قد تؤثر سلبا على حال الشعب الفلسطيني ومن ورائه الشعب العربي وغيره من شعوب الارض خاصة في العالمين العربي - الاسلامي حيث ستنزف قدراتهم وتضعف أكثر أدوارهم المنتظرة بحماية المقدسات الدينية العريقة وعلى رأسها القدس الشريف القبة المشرفة وجامع الاقصى (أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين). أما إذا تغير الحال إيجابا من خلال واقع جديد يتمكن خلاله الفلسطينيون من نيل حقوقهم المشروعة في دولة مستقلة فالامر مختلف ويحتاج لقراءة ومراجعة تقيمية أخرى.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

القبض على عشرات المتسولين والمخالفين لشروط الإقامة في بغداد

لهذا السبب.. بايدن غاضب من صديقه اوباما 

في أي مركز سيلعب مبابي في ريال مدريد؟ أنشيلوتي يجيب

وزارة التربية: غداً إعلان نتائج السادس الإعدادي

التعليم تعلن فتح استمارة نقل الطلبة الوافدين

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram